لاشك ان الوالدين يتمنون لأبنائهم النجاح في هذه الحياة، إلا انهم يعتمدون على المدرسة رغم علمهم بأن المدارس لاسيما في البلدان العربية ليست بالمستوى المطلوب لتنمية قدرات الطفل، فهي لا تعير اهتماماً كبيراً للجوانب النفسية له..
لذا ينبغي للأهل أن يعوضوا هذا النقص الحاصل في المدارس وان لا يتخلوا عن دورهم التربوي في توجيه الطفل توجيهاً تنموياً ودعمه دعماً نفسياً لكي يشق طريقه في هذه الحياة.
ومن أهم المرتكزات التي ينبغي للأهل الاهتمام بها هي زرع الثقة في نفوس أطفالهم وذلك من خلال أساليب عديدة وأهمها الاصغاء لهم ومحاورتهم.
فكثير من الأهالي لا يصغون لأطفالهم لاستخفافهم بأفكارهم الطفولية، ولكون الطفل كائن حساس ينتبه لما يدور حوله فهو سيلاحظ بأن كلامه غير مسموع كبقية الأفراد الأكبر منه سناً فيلجأ لطرق أخرى لجذب الانتباه ككسر أدوات المنزل أو العناد والصراخ..
وصحيح ان أكثر كلام الطفل ليس ذو أهمية كبيرة بالنسبة للكبار، إلا ان الاصغاء له أثر كبير على نفسيته فهو يساعد على تقوية شخصيته فيشعر بأنه محاط بمحبة والديه واهتمامهما وبالتالي لن يلجأ الى البوح بأفكاره الى غيرهما لأن الطفل بطبيعته يحتاج الى التقدير والاعتراف بوجوده كإنسان. فإذا لم يجد داخل المنزل من يسمعه سيبحث في الخارج وقد تتولد عن ذلك نتائج لا تحمد عقباها.
إن الاصغاء له بكل حب يعزز ثقته بوالديه وثقته بنفسه ويصبح أكثر قدرة على التعبير بمشاعره وأفكاره ويحميه من الشعور بالكبت النفسي أو الشعور بالاهمال.. بالإضافة الى ان الطفل إذا علم بأن والديه يصغيان اليه كان أكثر استعداداً لطاعتهما والقبول بنصائحهما..
ويمكن لقصة صغيرة أن تجعلنا نفهم ذلك بشكل أفضل وان كانت من نسج الخيال..
في قبيلة هندية جاء طفل الى أبيه في الصباح وقص عليه حلمه:
- حلمت هذا الليل ان أسداً ضخماً يتبعني وكنت خائفاً. لم يكن معي سلاح. وحاولت الهرب. خفت كثيراً واستيقظت.
الأب: اسمع، ان الأُسود خطرة جداً ومن حقك أن تخاف. انا ايضاً عندما كنت في سنك، كنت أخاف الأسود. أما الآن فلدي سلاح وتعلمت كيف أقتل الأسود. تعال سوف أعلمك استعمال القوس والسهم. وفي هذا الليل ستنام وهي معك وستحاول قتل الأسد إذا عاد.
في اليوم التالي قص الولد على أبيه:
- لقد عاد الأسد فصوبت اليه سهامي وجرحته ومع ذلك لحقني فخفت. لقد كاد يلحق بي. ركضت في الغابة ثم استيقظت.
الأب: سأعلمك اليوم كيف تنصب فخاً، انها حفرة كبيرة فوقها أوتاد. سنحفرها معاً في الغابة. وإن لحق بك الأسد المجروح ثانية هذه الليلة اتجه نحو الفخ. ستقفز من فوقه ويقع الأسد فيه.
وفي اليوم التالي جاء الولد لأبيه:
- يا أبي انتهى الأمر. لقد سقط الأسد في الفخ ومات! ولم يعد الهندي الصغير يخاف الأسود وأصبح صياداً ماهراً.
إن هذه القصة تلقي الضوء على مقدار اهتمام الأب بطفله وحرصه على الاصغاء له ولو لم يكن ح/ريصاً لتركه دون توجيه يذكر ولقال له دع عنك هذه الأحلام واذهب الى النوم ثانية..
إذا.. اصغي لطفلك لتظهر له الحب والتقدير وارشده ارشاداً نفسياً وتنموياً كي يتمكن من مجابهة العقبات وعلمه الشجاعة والثقة ليكون ناجحاً قادراً على حل الأزمات التي قد تواجهه في مسيرته في هذه الحياة وفي الختام لنتعلم جميعاً حسن الاستماع كما نتعلم حسن القول..
اضافةتعليق
التعليقات