الأصدقاء جزءٌ لا يتجزأ من حياة أي إنسان؛ فالإنسان بلا أصدقاء كالجسد بلا روح، حيث تكمنُ أهمية الصداقة في كونها تجعل الإنسان مطمئناً إلى وجود من يشاطره أحلامه، وآلامه، وطموحاته، ومآسيه، وهي قيمة لا يُستهان بها، ودور الأصدقاء دورٌ محوري في حياة الإنسان، فمن الممكن ان يجعل الأصدقاء صديقهم في منتهى السعادة، ومن الممكن أن يجعلوه في منتهى التعاسة، لهذا فقد وجب على الإنسان أن يحرص أثناء بناء علاقاتهِ على إختيار الأشخاص الذين يرتاح إليهم ويرتاحون إليه؛ لذلك تعمد بعض الأسر إلى مساعدة أبنائها في تكوين صداقاتهم والتدخل في اختيارهم وفق إطار معياري يحدد سلوك وأخلاقيات الصديق مما يجعلهم يحسنون الاختيار ويوفقون فيه.
فهل من الواجب أن نتدخل في اختيار أصدقاء أبنائنا أم أن ذلك من باب الحماية الزائدة التي تؤثر سلباً على تكوين شخصيتهم واستقلال رأيهم؟
حاولنا في مادتنا أن نستطلع رأي الشباب وبعض الأسر حول هذه القضية وإلى أي حد يتدخل الأهل في اختيار الأصدقاء.
الصديق ودور الاهل
أم البنين مجيد قالت: نعم الاهل لهم دور في اختيار الأصدقاء لكن بالنصح مع أبنائهم كي يعرفوا الأصدقاء الجيدين من أصدقاء السوء، وإن كان الابناء يفهمون الحياة سيعرفون بأن الاهل همهم الوحيد هو مصلحة ابنائهم، ويبقون مخيرين بالاختيار كي يتسنى لهم معرفة أن الأصدقاء بالتجربة وبالأفعال.
أم مصطفى (ربة بيت) قالت: انا تركت أبنائي يعتمدون على أنفسهم في تكوين صداقاتهم لأن ذلك يسهم في بناء شخصيتهم المستقلة، اعرف أسماء أصدقاء أبنائي خاصة ًالمقربين منهم. لكن هذا لايكفي يجب أن نساهم في إختيار أصدقاء أبنائنا خصوصاً في هذا الزمن الذي يكثر فيه أصدقاء السوء، كانت طريقتي خاطئة عندما تركت أبنائي يعتمدون على أنفسهم في إختيار أصدقائهم لأني وجدت أبنائي في الآونة الأخيرة يقومون بسلوكيات غير جيدة وهذا بفعل أصدقاء السوء.
ريام الخطيب قالت: موضوع الصداقة يعتمد على المجتمع وطبيعته بالأساس.. الصداقة آية جميلة تترجم على الواقع، مثلاً صداقة أمي مع صديقاتها أجمل في زمنهم، ليس للصداقة من تألق أمام الآخرين، كان الاختيار واضحا من حيث الأخلاق، اما في زماننا هذا صار الاختيار بالصداقة على أساس الطبقات المجتمعية مثل المال والجاه عند الصديق، فقير أو غني؛ فهنا اذا كان الأهل جيدين بمبادئهم يستحقون ان يحددوا الأصدقاء والبعض الآخر لايرغب فتصبح مشكلة نفسية عند ابنتهم أو ابنهم.
وشارك علي الشاهر (صحفي) برأيه في هذا الموضوع: في وقتنا الحاضر، قلّما نستطيع أن نحظى بصديق حقيقي، أو أصبح من النادر في هذه الأيام، هنالك مااستطيع أن أطلق عليه (المعرفة الشخصية) الوقتية وليست الصداقة الحقيقية التي تدوم طويلاً بين الأشخاص، فالمصالح الفئوية وحبُّ الأنا قد تغلب فتؤثر في العلاقات بـين الأصدقاء، ولكن دون أن ننكر تلك القصص الجميلة بـين الأصدقاء والايثار والتعاون والعلاقة التي تصبح في وقت مـا أجمل واحلى حتى من العلاقة بـين الأخوة داخل البيت الواحد.
نصيحتي لكل الأخوة وقبلهم أنا أن نختار الأصدقاء الذين يكمّلوننا ويجعلون منا شيئاً ثميناً ومهمّاً بالنسبة لهم، ولا ضير أبداً أن يختار الاهل الأصدقاء المناسبين لأبنائهم، ويأتي ذلك بخبراتهم الحياتية المتراكمة ونظرتهم للأشخاص، ولكن ليس بالأمر التعنّتي والجاف مع الأبن، بل ليكون الأب صديقاً لابنه أولاً والأم صديقة لابنتها ومن ثم بالتأكيد سيحظون بالاصدقاء الرائعين.
وأضيف بأنه من المهم ان يقف الصديق الحقيقي إلى جانب صديقه بالأمور الإيجابية وبالنصح والإرشاد ومساعدته على تخطي العقبات التي تقف أمامه أو امامهُما.
ومع دخولنا إلى عالم التواصل الإجتماعي الحديث، لاشكّ أن عدد الأصدقاء قد ازداد، ولكنْ يجب أن نعرف من هو الصديق الأوفى والاغلى من الصديق المزيّف، وهذا الأمر يقع على عاتق الشخص نفسه في إختيار أصدقائه، وأن يعيش الواقع وليس الحلم أو العالم الإفتراضي، وهنيئاً أقولها لكل من يحظى بصديق وفيَّ ورائع.
الشاب سجاد قال: الصداقة شيء مهم وضروري في حياة كل شخص لكن إختيار الصديق صعب جداً خصوصاً في الوقت الراهن حيث كثُر عدد الأصدقاء وانفتاح المجتمع على العالم الخارجي، هناك أصدقاء مواقع التواصل الإجتماعي وأصدقاء الدراسة وأصدقاء العمل وغيرهم الكثير؛ انا أتحدث عن نفسي لديَّ عدد كبير من الأصدقاء لكن هناك أصدقاء مقربين جداً أتحدث معهم أتقبل نصيحتهم يحتفظون بأسراري وانا احتفظ باسرارهم، الصداقة شيء مقدس في حياة الإنسان كم شخص ارتقى العُلا بفضل الصديق أضع دائماً أمامي هذه الحكمة (الصديق الصدوق ثاني النفس وثالث العينين..).
نصائح من علم الاجتماع
من ناحيتها قالت حنين الحسناوي (باحثة اجتماعية): إن إختيار الأصدقاء عندما يكون في عمر المراهقة، في مرحلة المتوسطة مثلاً هنا سيختار أصدقاءه بنفسه ومجرد التدخل سيتخذ موقف عدائي ضد الاهل لكن هناك طرق مناسبة نتدخل بها بصورة غير مباشرة وهي:
أولاً: نتعرف على كل أسماء الأصدقاء وإلى أي عوائل ينتمون وأي منهم قريب له.
ثانياً: نحاول أن نعرف أخلاق هذا الصديق القريب منهُ في حال اذا كان غير مناسب هنا سنتدخل بتغيير الصديق، مثلاً اذا كانت هناك سلوكيات غير جيدة عند الصديق فإننا نحاول أمام أبنائنا أن نذكر هذا السلوك غير جيد ونؤكد على أن هكذا شخص عنده سلوكيات غير جيدة فإنه مذموم من الجميع ويؤثر سلباً على أصدقائه وان الشخص الواعي لايقترب من هكذا نماذج، هنا لا نذكر اسم الصديق أمام أبنائنا نتكلم بصورة غير مباشرة والأفضل لو نذكر حادثة معيّنة حتى لو كانت من نسج خيالنا ونذكر هذا الصديق وكيف أن تصرفاته تؤذي الشخص المصاحب له، لأن الشخص بمرحلة المراهقة يعتبر أي توجيه أو كلام أو نصيحة أمرا من الأهل ويتضجر من هذه الحالة.
اضافةتعليق
التعليقات