• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

البصيرة والضياع: بين فهم الحقيقة والانخداع بالمظاهر

جنان الهلالي / الأحد 23 آذار 2025 / تربية / 567
شارك الموضوع :

الحكيم هو من يجعل الدنيا طريقًا للمعرفة والارتقاء، لا غاية تستهلكه وتُفقده ذاته

عن بصيرة الدنيا وضلال التعلق بها، قال الإمام علي (عليه السلام): "من أبصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته." وهي عبارة تختصر فلسفة عميقة عن العلاقة بين الإنسان والدنيا، بين من يرى الدنيا وسيلةً للفهم والتبصر، ومن يراها غايةً فينغمس فيها حتى تعميه عن الحقائق الأسمى.

فالرؤية الواعية للدنيا من "أبصر بها"، أي جعل منها وسيلةً للعبرة والتفكر، استطاع أن يدرك حقيقتها الفانية، فالدنيا ليست دار بقاء، بل دار اختبار وتعليم. من ينظر إليها بهذه النظرة يدرك أن المال، والجاه، والمتاع ليست سوى وسائل تُستخدم في طريق الخير والارتقاء الروحي، لا غايات تُعبد وتُطلب بلا نهاية. هذا الإنسان ينجح في استثمار الدنيا دون أن يكون عبدًا لها، بل يكون مستعدًا للآخرة وهو يعيش حياته بوعي وحكمة.

أما الانخداع ببريق الدنيا "أبصر إليها"، أي جعلها غايته المطلقة، فإنه يغرق في ماديتها حتى تعمي بصيرته عن حقيقتها. التعلق الأعمى بالدنيا يجعل الإنسان أسيرًا لشهواته، مهووسًا باللذة والسلطة، حتى يصبح غير قادر على رؤية ما وراءها من قيم أسمى ومعانٍ خالدة. مثل هذا الشخص يخسر ميزان العدل والحكمة، وقد يرتكب المظالم من أجل الدنيا، دون أن يدرك أنه ماضٍ إلى فناء، وأن ما جمعه سيفنى معه أو يتركه لغيره.

إذن ماهو ميزان التعامل مع الدنيا؟

السرّ في النجاة من فتن الدنيا هو الاعتدال، فلا الزهد المطلق هو الحل، ولا التعلق التام بها يؤدي إلى السعادة. بل المطلوب أن تكون الدنيا في اليد، لا في القلب، وأن نستخدمها لا أن نُستَخدم من قبلها. يقول الإمام علي (عليه السلام ): "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، واتخذ منها زادًا للآخرة." وهذا هو الفارق الجوهري بين من يرى الدنيا بوضوح ويبصر بها، وبين من تغشيه أضواؤها فيبصر إليها فقط، فيُعمى عن الحقيقة.

إن كلمات الإمام علي (عليه السلام) تدعونا إلى إعادة النظر في علاقتنا بالدنيا: هل نستخدمها وسيلةً للتبصر والنمو الروحي، أم أننا منغمسون في ملذاتها حتى نسينا حقيقتها؟ وحده من يملك البصيرة الحقيقية يستطيع أن يسير في الدنيا دون أن يعمى بفتنتها، فيكون حرًا لا عبدًا، وواعياً لا مخدوعًا.

كيف نوازن بين الدنيا والآخرة؟

التوازن بين الدنيا والآخرة هو جوهر الحياة الطيبة التي يسعى إليها الإنسان الحكيم فلا يمكن للمرء أن يعيش في عزلة تامة عن الدنيا بحجة السعي للآخرة كما لا يصح أن يغرق في الملذات المادية وينسى أن هناك حياة أخرى تنتظره، الحكمة تقتضي أن يكون الإنسان عاملاً في دنياه كأنه يعيش أبداً وعابداً لربه كأنه يموت غداً. الإنسان مسؤول عن إعمار الأرض وإقامة العدل والعمل الجاد في وظيفته أو حرفته لأن هذا جزء من دوره في الحياة لكنه في الوقت نفسه لا ينبغي أن يسمح لهذه المسؤوليات بأن تسرقه من هدفه الأسمى وهو مرضاة الله، يمكن تحقيق هذا التوازن من خلال عدة أمور منها تنظيم الوقت بحيث يكون هناك وقت مخصص للعمل والسعي ووقت للعبادة والتأمل والتزكية.

كذلك يجب أن يدرك الإنسان أن النية الصالحة تحول كل عمل دنيوي إلى عبادة فالتاجر الذي يبتغي الكسب الحلال لإعالة أسرته هو في عبادة والعامل الذي يؤدي وظيفته بإتقان وإخلاص هو في عبادة.

كما أن التوازن لا يعني الانقطاع عن ملذات الحياة المشروعة بل التمتع بها دون إسراف أو غفلة فالزهد لا يعني الفقر بل يعني التحرر من عبودية المال والشهوات والإحساس بأن كل ما نملكه هو وسيلة وليس غاية، في المقابل لا يجب أن يغلب جانب الآخرة بطريقة تجعل الإنسان يترك مسؤولياته أو يعجز عن تحقيق النجاح لأن الإسلام لم يحث على الزهد المطلق الذي يؤدي إلى الضعف بل أراد قوة متزنة توازن بين السعي المادي والسمو الروحي.

أما النجاح الحقيقي يكمن في أن يكون الإنسان قوياً في دنياه غنياً بنفسه مستثمراً لعمره فيما ينفعه في الدارين فهو يطلب العلم ويعمل ويبني لكنه لا ينسى أن هذه الدنيا ليست إلا معبراً نحو الآخرة، هذا الفهم العميق يجعل الإنسان يعيش حياة متوازنة فيها الاجتهاد والعبادة، فيها الكدح والراحة، فيها القلب المرتبط بالله والعقل الساعي للبناء.

فالإسلام لا يدعو إلى الزهد بمعنى الانقطاع عن الحياة، بل إلى التوازن بين الاستمتاع بالرزق والعمل لما هو أبقى. البصيرة هنا تكمن في أن يرى الإنسان الدنيا وسيلة لا غاية، فيأخذ منها ما يحتاج، دون أن يصبح عبدًا لها. وفي النهاية بين البصيرة والعمى، هناك خيط رفيع يعتمد على نظرة الإنسان إلى الدنيا. فإن رآها بعين الحكمة، قادته إلى الخير، وإن انشغل بمظاهرها، أعمته عن جوهرها. الحكيم هو من يجعل الدنيا طريقًا للمعرفة والارتقاء، لا غاية تستهلكه وتُفقده ذاته.

الامام علي
الدنيا
الوعي
الانسان
المجتمع
التفكير
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    الإمام الصادق والحرية الفكرية

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    علماء يكتشفون سببا مفاجئا لتناول الناس كميات أكبر من السكر

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    آخر القراءات

    كيف تعرف أنك مصاب بالصرير الليلي؟

    النشر : السبت 28 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 42 ثانية

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش: الانسان بين المظهر والجوهر

    النشر : الخميس 10 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 46 ثانية

    إصلاح النفس باستشعار المسؤولية

    النشر : الأربعاء 22 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    تعرف على استخدامات خل التفاح الكثيرة

    النشر : الثلاثاء 04 آب 2020
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    جمعية المودة والإزدهار تزرع البسمة على شفاه أطفال مرضى السرطان

    النشر : الأثنين 06 شباط 2017
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    فن الكتابة الابداعية للنساء.. دورة اقامتها جمعية المودة والازدهار

    النشر : الأربعاء 13 آذار 2019
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 594 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 452 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 375 مشاهدات

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 375 مشاهدات

    الثقة.. بين ضرورات العيش وجحيم الخذلان

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 330 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1178 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1142 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1060 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1046 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1015 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 882 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"
    • منذ 24 ساعة
    الإمام الصادق والحرية الفكرية
    • السبت 13 ايلول 2025
    محاولة الانتقال إلى الأفضل..
    • السبت 13 ايلول 2025
    علماء يكتشفون سببا مفاجئا لتناول الناس كميات أكبر من السكر
    • السبت 13 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة