يحتفل الصحفيون العراقيون بيوم الصحافة العراقية في الخامس عشر من حزيران من كل عام باعتبار أن هذا التأريخ هو ولادة أقدم جريدة عراقية وهي / الزوراء/ صدرت في مثل هذا التاريخ من عام 1869.
ولمعرفة الصحافة العراقية لابد من الوقوف عند هذا التاريخ والبحث بين طياته، الظروف التي مر بها العراق آنذاك حيث السيطرة العثمانية على البلاد واستشراء الأمية بين أبنائه وحالة الفقر والحرمان الموغلة في أطناب المجتمع العراقي وتبدأ قصة الصحافة العراقية مع تعيين الوالي مدحت باشا على العراق حيث جلب معه مطبعة من باريس وصارت تطبع فيها الجريدة, ثم أسس بعدها مدرسة صناعية في بغداد.
وكان من بين أهدافها سد حاجة المطبعة إلى العمال الفنيين والمرتبين وكان الهدف الأساسي للجريدة هو اعادة الثقة المفتقدة ما بين المواطن والسلطة، ويشكل ظهور هذه الجريدة علامة تحول بارزة وانعطافة للتحول إلى الحياة الحضارية والتقدم الذي كان يتسارع في العالم وخصوصا في أوروبا.
والزوراء صحيفة رسمية أسسها الكاتب أحمد مدحت أفندي وهو في الوقت نفسه أول من تولى رئاسة التحرير فيها. تولاها بعده عزت الفاروقي وأحمد الشاوي البغدادي وطه الشواف ومحمد شكري الألوسي وعبد المجيد الشاوي وجميل صدقي الزهاوي..
اهتمت الزوراء بنشر أخبار تتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية بالدرجة الرئيسية إضافة إلى نشر الفرمانات ومقالات في الشؤون الثقافية والسياسية والصحية كما اهتمت بانتقاد ظاهرة الفساد في أداء الإدارات الحكومية.
وتعتبر الزوراء مصدرا تاريخيا هاما لتقييم الأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة في العراق خلال تلك الفترة.
وبشكل عام, كانت صفحات الزوراء الأربع مقسمة إلى قسمين: صفحتان باللغة التركية وصفحتان باللغة العربية وكانت الصفحتان العربيتان ترجمة حرفية للصفحتين التركيتين. وكانت تصدر في بعض الأحيان باللغة التركية وحدها وربما يعود ذلك إلى عدم وجود محرر عربي في تلك الفترة أو إلى عدم اكتراث الإدارة الحاكمة بالطبعة العربية ومن ثم بالجمهور الذي ينشر له تلك الطبعة.
ولم تكن لغة الجريدة العربية على مستوى واحد من الجودة أثناء فترات صدورها إذ كانت في بعض الأحيان حسنة الأسلوب ذات لغة سليمة وواضحة وفي أحيان أخرى كانت ذات لغة سقيمة ورديئة وهذا ما كان يعكس اسلوب ومستوى مترجمها أو محررها العربي فإذا كان أديبا متمكنا من اللغة ظهر ذلك على المواد المنشورة والعكس صحيح.
صحف عراقية أخرى
وخلال القرن التاسع عشر صدرت جريدة الموصل في مدينة الموصل في 25 حزيران عام 1885 وتوقفت أكثر من مرة وبشكل نهائي عام 1934 أما الجريدة الثالثة التي صدرت في العراق فكانت جريدة البصرة والتي صدرت في ولاية البصرة في 31 / 12 / 1889.
أما أول مجلة انشئت في العراق ولم تكن حكومية فهي مجلة /اكليل الورد/ التي أصدرها الآباء الدومنيكان في الموصل في كانون أول 1902 واستمرت في الصدور حتى عام 1909.
استحداث نقابة للصحفيين
إن موضوع قيام جمعية أو نقابة للصحفيين قد أثير في وقت مبكر من تاريخ العراق الحديث، وتكررت أثارته عدة مرات قبل نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939، حين عبرت الكثير من حكومات النظام الملكي في تلك الفترة عن اهتمامها بمثل هذه الفكرة، دون أن تضعها موضع التنفيذ، وربما كانت تلك الحكومات تهدف من وراء إثارتها لمسألة نقابة الصحفيين، فرض قيود رسمية على النشاط الصحفي.
وتؤكد المصادر التاريخية أن نوري ثابت صاحب مجلة (حبز بوز) أشهر مجلات العراق آنذاك، كان في طليعة المنادين لقيام نقابة للصحفيين، وكتب في 10 تشرين الثاني عام 1931، بأن قيام النقابة سيساهم في إنقاذ الصحافة من الفوضى التي تعاني منها.
وهكذا بقي الحال، على ما هو عليه، حتى ثورة 14 تموز 1958 والإطاحة بالنظام الملكي، وقيام النظام الجمهوري.
وذكر فائق بطي في كتابه (الموسوعة الصحفية) أن 45 صحفياً، اجتمعوا في نادي المحامين في بغداد، وتدارسوا مشروع تأسيس نقابة للصحفيين، واتفقوا على اختيار لجنة تأسيسية ضمت 11 صحفياً لإعداد الترتيبات الأولية للمشروع، والحصول على الموافقات الرسمية وهم: محمد مهدي الجواهري، صاحب صحيفة (الرأي العام) ويوسف إسماعيل البستاني من صحيفة (اتحاد الشعب) وعبد الله عباس، صاحب صحيفة (الأهالي) وعبد المجيد الونداوي، رئيس تحرير صحيفة (الأهالي) وصالح سليمان من صحيفة (صوت الأحرار) وفائق بطي، صاحب صحيفة (البلاد) وموسى جعفر أسد، من صحيفة (الثورة) وحمزة عبد الله من صحيفة (خه بات) الكردية وصالح الحيدري، من صحيفة (خه بات) أيضاً وحميد رشيد، صحفي محترف وعبد الكريم الصفار، صحفي محترف ايضا.
وفي عام 1959 تم تشكيل أول نقابة للصحفيين بشكل رسمي تولى مهامها الشاعر محمد مهدي الجواهري كأول نقيب للصحفيين العراقيين.
محمد مهدي الجواهري أول نقيب للصحفيين
ولد بمدينة النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899 وكان أبوه عالما من علماء النجف وأراد لابنه أن يكون عالما دينيا فالبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة من العمر وترجع أصول الجواهري إلى عائلة عربية نجفية عريقة.
ويرجع لقبه / الجواهري/ إلى أحد أجداده وهو الشيخ محمد حسن النجفي الذي ألف كتابا قيما اسماه "جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام" ولقبت اسرته بآل الجواهري ومنه جاء لقب الجواهري.
أظهر الجواهري ومنذ طفولته ميلا كبيرا إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر، ونظم الشعر في سن مبكرة متأثراً ببيئته، واستجابة لموهبة كامنة فيه وكان قوي الذاكرة، سريع الحفظ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة من نصيبه فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة.
كان أبوه يريده عالماً لا شاعراً، لكن ميله للشعر غلب عليه وفي سنة 1917، توفي والده وبعد أن انقضت أيام الحزن عاد الشاب إلى دروسه وأضاف إليها درس البيان والمنطق والفلسفة.. وقرأ كل شعر جديد سواء كان عربياً أم مترجماً عن الغرب.
شارك الجواهري في ثورة العشرين /عام 1920م/ ضد الاحتلال البريطاني وعمل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ثم نزعها وترك العمل في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
نشر الجواهري أول مجموعة له باسم "حلبة الأدب" عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين.
سافر إلى إيران مرتين: الاولى كانت في عام 1924، والثانية في عام 1926، وكان قد أُخِذ بطبيعتها، فنظم في ذلك عدة مقطوعات.
- ترك النجف عام 1927 ليُعَيَّن مدرّساً في المدارس الثانوية، ولكنه فوجئ بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية.
- أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه "بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره.
- استقال من البلاط الملكي سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات)، وقد صدر منها عشرون عدداً، ثم ألغت الحكومة امتيازها فآلمه ذلك كثيراً، وحاول أن يعيد إصدارها ولكن دون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى وزارة التربية رئيساً لديوان التحرير.
- في عام 1935 أصدر ديوانه الثاني باسم "ديوان الجواهري".
- في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي. وعندما شعر بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدأ يعارض سياسة الحكم في نشرياته بهذه الجريدة، فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .
- بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم يتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة.
- عندما قامت حركة مايس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام ذاته ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام).
- في عام 1944 شارك في مهرجان أبي العلاء المعري في دمشق.
- أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني.
اضافةتعليق
التعليقات