إن التربية بشكل عام صعبة جدا وخصوصًا في الآونة الأخيرة فقد أصبحت التربية من المسائل المعقدة والمسؤوليات المُخيفة لدى الآباء والأمهات ولكن قد تختلف تربية الأبناء عن البنات كثيرا فتربية البنت تعني تربية أسرة فالمرأة كما قال الحكماء: (إذا علّمتَ رجلا علمت فردا، وإذا علّمتَ امرأة علمت أسرة بكاملها).
وفي هذا القول المأثور تقدير كبير لمقدرة المرأة على التأثير في مسيرة بناء شخصية الأسرة وأساسها. ولكي تصل الفتاة منذ خطواتها الأولى إلى مثل هذه المرتبة ذات الوسام التربوي المتميز، لابد من أن تستمع وتمتثل لكل التعليمات والتوجيهات الرشيدة سواء كانت عن طريق القراءة أو من قبل الوالدين وخصوصا الأم، لكونها الأقرب إلى أجوائها الأنثوية، فتكون عادةً هي مَن تُبادل الكلام بخصوصياتها والوصول إلى ماتعاني منه من مشاكل نفسية وجسدية وصحية وغيرها، والأكثر تفرغا من حيث الوقت، مع مصاحبة ذلك كله لرابطة الأمومة وما تكتنفها من مشاعر خاصة، ورحم الله شاعرنا الرصافي القائل:
ولم أرَ للخلائق مــن محل
يهذبها كحضن الأمـــهات
فحضن الأم مدرسة تسامت
بــــــتربية البنين أو البنات
وأخلاق الوليد تقاس حسنا
بأخلاق النــــساء الولادات.
ولقد جعل الدين الإسلامي للبنت رعاية خاصة، إعداداً للدور الكبير الذي ينتظرها في الحياة لتكون زوجة صالحة، وأم المستقبل، وخير النساء مَن تعي دورها المهم هذا.
وإن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا، حتَّى يَبِنَّ -ينفصلن عنه بتزويج أو موت-، أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ - وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها».
ولابد أن يُدرك الأهل أن هناك فرقاً كبيراً بين تربية الأولاد وتربية البنات؛ بسبب الاختلافات الخُلقية، والنفسية، وهذا ما يجب أن يأخذوه بعين الاعتبار أثناء تربيتهم والتعامل معهم.
فطبيعة تكوين الأنثى والمشاعر التي تنتابها مع مراحل نموها المختلفة ، تختلف عن طبيعة الذكور، فالأنثى إذا قاربت على البلوغ، تُعَلَّم الأدب والحشمة والحياء، وتُلزَمَ بالحجاب، وتُدَرَب على كل ما يساعدها على إنشاء أسرة لتكون زوجة ناجحة، وأماً مثالية.
ولاشك في أن هذا يحتاج إلى جهد كبير في التربية للفتاة حتى تحقق أكبر رصيد من أرقام التفوق، لتصل إلى مصاف المرأة التي أسند اليها الحكماء وعلماء النفس بأن تكون ذات قدرة على التأثير في الأسرة، وهو يُعتبر فوز تأريخي للعائلة بأكملها.
إن مكانتك الاجتماعية المتميزة ايتها الفتاة المسلمة هي رهن إرادتك، تستطيعين الحفاظ عليها، وتستطيعين فقدانها، ولاشك في أن وراء الحفاظ عليها تقف عوامل كثيرة منها:
1- الإقتداء بسيرة الطاهرات أمثال السيدة الزهراء وزينب وخديجة وغيرهن من سلالة العطرة الطاهرة والتأسي بصبرهن والتصدي للباطل وردع المنكرات.
2- التحكم بالغرائز البشرية وعدم الاستجابة لها ، والابتعاد عن كل ما يهيجها.
3- الإبتعاد عن الرفقة غير المطمأن إليها، لأن الناس تقيس الإنسان مع من يصاحب.
4- عالم القصص مليئ بالخيالات والخرافات والإثارات وأغلبها تهدف الى تحقيق أكبر الأرباح المالية، فلا يصح أن يضحي عاقل بسمعته وسيرته بالخضوع والتفاعل مع مضامين هكذا قصص. وهنا لابد للإرادة القوية ان تؤدي دورها في رفض هكذا محتويات والتعويض عنها بقصص أصيلة هدفها بناء شخصية الإنسان بنجاح من خلال قدرة القاص على تحريك أبطال القصة في هذا الاتجاه .
فقد تزايدات وللأسف الشديد وسائل إثارة الغرائز في هذا الزمن زمن الغزو الخطير بواسطة الفضائيات اللاأخلاقية التي تهدف من وراء ذلك تحقيق الهدف الأول وهو جعل الشخصية في قالب واحد وخيال زائف وذلك يؤدي إلى تفكيك الأسرة بالكامل، وهي نوايا واضحة المعالم لتفكيك الأواصر في الأسر الإسلامية.
ولاشك في أنهم واثقون من تحقيق أهدافهم هذه، لأن علماء النفس يقولون (إن استجابة الإنسان للمؤثرات الخارجية يولد لديه الإحساس ثم الإدراك ثم النزوع ، وفي هذه المرحلة يضطرب الشعور ويضعف التفكير وتتغير العمليات الفيزولوجية الداخلية ويرافق ذلك الإقدام والإحجام ..) وهنيئا لكلِ فتاة لا يتغلب عندها عامل الإحجام فتقطع الطريق أمام تفاعل العاطفة مع الصور المرئية غير اللائقة ، لأنها عندما تتحكم وتغض بصرها ، يعني التفاؤل بتوجهها الى الانشغال بمضامين أشرف كالتثقيف الذاتي الرصين المتزن، والسير على خطى الهداة ، بغية تهذيب النفس بإشراقات ايمانية عالية المستوى.
لذا ياعزيزتي هذا يعني أن عليكِ الحرص على أن تتركي بصمة ارتقاء في عالم الأسرة المسلمة ذات الإرادة الإيمانية الثابتة، والسعي في بناء الشخصية واستجابتكِ للتعاليم الصحيحة والقويمة.
اضافةتعليق
التعليقات