يمكن للإنسان أن يكون حراً حتى لو مات، ولكن إذا كان حياً ويعيش الإستعباد فهو ميت، لقد ركّز الإمام الحسين (عليه السالم) على هذه القضية، فالعبودية موت وإن كانت حياة، والحرية حياة ، ويقول (عليه السلام): إن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون. ويقول الإمام : إنّي لا أرى المَوتَ إلاّ سَعادَةً، ولا الحَياةَ معَ الظالِمينَ إلاّ بَرَما.
إنّ عبودية الدنيا هي سبب كل شيء إذ يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ حُبُّ الدُّنْيَا. ويقول الإمام الحسين (عليه السلام) : أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ الحْقَّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْبَاطِلَ لاَ يُتَنَاهَى عَنْهُ.
حتى يصل إلى هذه المرتبة، فالناس عبيد الدنيا وهم يرضخون إلى عبودية الدنيا وحبّها، حتى يصبح العالم باطلًا، وهذا خلاف التوازن والنظام الألهي .
لذلك لابد للإنسان أن يجعل من الدنيا وسيلة حياته، وأن يكون حراً وغير راضخ وخانع للدنيا ولذّاتها ومنافعها، وقد حاول بعض الفلاسفة أن يفسروا قيمة حياة الإنسان بأنها تكمن في النفع واللذة وامتاع الغريزة واللذة والنفع، وهذا من أسوأ التفسيرات وأكثرها ضحالة وسطحية.
قال الإمام علي (عليه السالم): إِيَّاكُمْ وَحُبَّ الدُّنْيَا فَإِنهَّا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ.
كيف للإنسان أن يعيش في الدنيا متلذذاً بعبث السيطرة له على غرائزه، حيث كُلِّ بَلِيَّةٍ وَقِرَانُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَدَاعِي كُلِّ رَزِيَّةٍ، لاحظوا الكوارث والمصائب التي نعيشها اليوم والتي عاشتها البشرية على طول التأريخ، كله بسبب التكالب على الدنيا بأي ثمن كان.
إنّ هذا الإستهلاك والتكالب على الدنيا يدخل في دائرة اللاعقلانية غير المبررة
لذلك فهي بعيدة عن كل الثوابت والقيم الفطرية والأخلاقية وتدمر المعنى الغائب للبشرية، فالمصائب والكوارث الهائلة والفيضانات والحرائق كلها نتيجة لأفعال الناس، والفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.
ثمن الإنسان
هل يمكننا أن نعيش في هكذا عالم، إنه خطأ في التفكر، والفساد مشكلة ، فما هي قيمة الإنسان في الحياة ، عندما نتكلم عن الحرية والكرامة، يقول الامام (عليه السلام):
ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها؟ إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها. وهي تعني بقايا الطعام التي تبقى في فم بني الإنسان ، أو على الفم، هناك بعض الناس يتكالبون على هذه اللامظة الصغرية وهي الدنيا، فيتشاجرون عليها ويصبحون عبيداً يبيعون أنفسهم من أجلها وهي ليس لها أي قيمة.
ليس هناك ثمن للإنسان إلا في شيء واحد، وهو الجنة، وإذا أردنا التفكير دولارا، وهو مستعد أن يقتل إنساناً من أجل مئتيّ دولار ، أو يسرق أو يصبح عبداً بمنطق التجارة، فهناك بعض الناس يبيع نفسه من أجل مئة أو عشرة أو عرشين للحاكم من أجل أن يحصل على بعض الامتيازات، أو ذلك السياسي الذي يركض وراء الحكم من أجل الامتيازات، فيبيع نفسه بثمن بخس.
لكن هذهِ ليست قيمة الإنسان، إن قيمته الجنة، وإذا أدرك الإنسان هذا المعنى في الحياة والموت ادرك الحياة.
قال الإمام الحسين (عليه السالم) فلابد أنه سيعرف قيمة نفسه وحريته ويبيع نفسه بأموال بخسة أو بأشياء بسيطة.
يجب أن يكون للإنسان مواقف واختيارات صحيحة، ويركض أو يلهث وراء الأشياء اللامعة والبراقة، فينخدع بها وهي من حبائل الشيطان، فإذا وضع سقفا عاليا لقيمته، وهي الجنة، فسيربح كل شيء.
اضافةتعليق
التعليقات