منذ القدم كان استخدام الطقوس الجماعية من الوسائل المهمة لقيادة العقول بالاتجاه الذي يتناسب ومعتقدات أي مجتمع وفق ايدلوجيته الخاصة في أي حقبة زمنية كانت.
كما وتمتاز هذه الطقوس بأنها تساهم في الحفاظ على الشكل العام لِهوية وثقافة المجتمعات، ومن الثابت أنها كانت تمارس على مر العصور محاولةً فرض السيطرة على سلوكيات الأفراد وتقيدها بالشكل العام لأي مذهب أو عقيدة سواء كانت هذه السيطرة تفضي الى نتائج ايجابية أو سلبية، ولازالت هذه الطقوس تمارس وبشكل مستمر حتى يومنا الحاضر وكانت ولازالت من أساسيات الحفاظ على توارث الثقافات بين الأجيال، وغالبا ماتكون ممارسة هذه الطقوس مرتبطة بتغيرات مهمة كأن ترافق تغيراتٍ سياسية وتنصيب الملوك وأولياء العهد كذلك تزويج الأمراء والأميرات او حتى حين تناقل السلطة بين الرؤساء، اضافة لتلك الطقوس الموسمية الدينية والثقافية التي تمثل البصمة الخاصة بأي مجتمع ودين.
وتعرف الطقوس على أنها رموز تحتوي على دلالات مختلفة فهي لا تقتصر على ثقافة وتاريخ المجتمعات إنما قد تحمل أهم الدلالات وأعمقها في النفوس وهي الشعائر والتي تبنى على أنها أهم جزئيات العقيدة أحيانا.
لقد أولى الإسلام اهتماما كبيرا لمسألة ممارسة الطقوس والشعائر بشكل جماعي لما لها من تأثير كبير في ترسيخ وتوثيق معالمه الحقة فنرى ذلك متجليا بصلوات الجماعة في المساجد والمراقد المقدسة أيام الجمع والأعياد، كما وأنه أوجبها في مواسم الحج على كل مسلم ومسلمة مرة على الأقل في حياة المسلم، الأمر الذي قد يعزى لأن عملية التكرار على مواسم مستمرة هي الحلقة التي تؤمن عملية تناقل المفاهيم والقيم بسهولة عبر الأجيال.
إلا أن الصعوبة تكمن في كيفية المحافظة على تناقلها وتوارثها في ظل الهجمات الفكرية التي قد تسبب تشويها وتخريبا لبعض جزيئات هذه الشعائر، حيث تعد زيارة الأربعين من أهمها حين يقصد الملايين من الزائرين قبر أبي عبد الله الحسين في كربلاء سيرا على الأقدام، فيتعمد بعض المخربين ممن لم تسعفهم أخلاقهم أن يتأدبوا بأخلاقيات هذه الشعيرة المقدسة الاساءة ببعض السلوكيات التي تتنافى وعظمة صاحب المصاب، مايتيح للمتصيدين في أن يسلطوا أضواء الحقد على كل مايصدر من كبيرة وصغيرة مايستدعي منا كل الاهتمام للمحافظة على قدسية ونقاء هذه الشعيرة التي عدها المعصوم علامة للمؤمنين.
وذلك بالعمل على ترسيخ هذه الزيارة بمفاهيمها الحقيقية كعادة تورثها الأسر والمجتمعات لأبنائها فتحرص على تهذيب الأطفال ورسم نهج خاص بهذه الشعيرة وذلك منذ نعومة أظفارهم حتى تتغلغل في وجدانهم لتكون شخصية حسينية قوية التأثير في الغير فلاتتأثر بأي هجمة فكر هجينة .
(ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (32)
اضافةتعليق
التعليقات