يستعين القلم بالفكرة ليكسبها نوعا خاصا من البريق، وتتنوع لديه الجمل وساحات التعبير وبصور مختلفة .
وإن اعتدت ذات الفكرة بهندامها المميز، وأسورتها المختارة لها فسوف يصب المعنى في الزي المناسب لها وعلى أكثر تقدير تكون هي الفائزة بلقب الامتياز .
في المسيرة الفكرية، للامام الصادق (عليه السلام) ، خطوات لا تقبل أن تتغير لأنها من الثوابت التي تواجه وبقوة اي ثقافة مغايرة، وهي .. اثبات قواعدَ الدين، وأصوله ، وفروعه، وعقائده .
وبما أنها قبلت التحدي، إذن، هي في الجبهة الأولى لكل نقاش واستفسار ومعضلة تقع أسر الشكوك أو ظنّيّة الاعتقاد .
هذا يعني ، أنها غنية بالمضامين والمفردات ، والمعادلات الصعبة ، وكثير من التجارب المعتدلة لان التجربة تُبقي شخصها صاحب قرار لا نظير، وكلمة لا تميل ..
«الامام الصادق (عليه السلام )،عاش المرحلة الانتقالية بين الدولتين الأموية والعباسية، مما أتاح له نشر عقائد وفقه الإسلام وتربية عدد كبير من العلماء والفقهاء والمفسرين والمتكلمين» **
وعلى مدى بصر الخليقة، فإن الرسالة الجعفرية أسست منافذ غيرت مجرى التأريخ وصنعت له بحرا من مناهج كلها تسعى لتعديل مسار اللغط الذي اعتبر نفسه واعدا وسط تموجات الآراء المتضاربة وقتها ، واختيار القاعدة المطلوبة للاعتماد عليها في مسير العطاء ، لتروي ظمأ الروح ، و تبقى كمطرقة تأنيب للضمير وحكاية أنين القلب الجريح.
ليس من السهل ابدا أن تكون جعفري العقيدة ، إن لم تلج أطناب المسار الصعب وتتحمله ، وليس اعتياديا الامتثال للمبدأ دون خوض غمار الصد والرد لكل طائلة شبهة ، وتجلي المصداقية في خطوات الاعتقاد العلمي ، يحتاج إلى الإلمام ، والعلم سواء سعيا منا مع الدراية الكاملة ، أو ما اشتملت عليه العناية الغيبية والبصيرة المعنية من قبل أهل الذكر .
لا تستطيع أن تكون صادقيا إن لم تسجد نواحي قلبك صادقا على أعتاب بيت الصادق (عليه السلام )، الهمة منا مطلوبة ، والدافع الذاتي مفروض علينا لاكتشاف معاجز الحبر الصادقي ، ومكامن علمه الأزلي ..
أن نرتمي في حجر نزفه العلمي اللدنّي ، لتكسب ذواتنا ذلك الرقي والرضا، ونحوز على سقي دائم من خنصر علمه المبارك ..
«قال صالح بن أبي الأسود: سمعت جعفر بن محمد يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحدٌ بعدي بمثل حديثي وفي رواية عن عمرو بن ثابت يقول فيها: رأيت جعفر بن محمد واقفاً عند الجمرة العظمى وهو يقول: سلوني سلوني
- وقال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وسُئل من أفقه من رأيت؟ فقال (أبو حنيفة): ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد » *
في مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام )، نجد مفاعيل من الأفكار والسبل لتقصي الوضع وباسلوب مباغت والتأريخ حافل بالشواهد ، وأفراد الدعوة الصادقة واجهوا أمواج التأهيل الدخيل على أم العقائد ، و بالكلمة المحفزة وإيعاز أفرادها ثقلا مميزا من الفطنة في مواجهة سواد الحرف وضلال الطريق .
«المدرسة الأصولية هي التيار السائد بين الشيعة الإثني عشرية في العصر الحديث. وهم القائلون بالاجتهاد ووجوب التقليد على العامي للفقيه الجامع للشرائط. وأن مصادر التشريع عندهم أربعة: الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل. وهم لايحكمون بصحة كل ما في كتب الأربعة، ويمثلون الأكثرية.» **
لذا من المهم جدا ، وابتداء من أول خطوة لتفعيل ساحة الحق والدين ، هو الدعوة الصريحة لما أسسه الامام الصادق (عليه السلام) والانطلاق في نشر النهج المحمدي ، والفكر العلوي .. وإنشاء المعاهد والمدارس على مد بصر الاقتدار ، وفي اي محل ومزار ، لغربلة الكتاب من الأفكار الصبيّة السلبية والدخيلة على الدين.
هذا التجمع وذاك الاجتماع يضفي لساحة التبليغ قوة مواجهة حرفية علمية تربي النفس وتقوي نظر البصيرة وتطور من أدراك البشرية لمعايشة الزمن استحكاما للعقيدة وتراثها..
فساحة بدون رجال أفذاذ علماء ، ساحة مهزوزة مهشمة يصيبها النصب ويهدمها الزلزال .
«وقد أجمع العلماء ، مثل : الشيخ المفيد ، والشيخ الطبرسي ، والفتَّال النيسابوري ، والشهيد الثاني ، وابن شهر آشوب وغيرهم ، أنّه نُقل عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) من العلوم ما لم يُنقَل عن أحد . حتى أن أصحاب الحديث جمعوا أسماء الرواة الذين رووا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) – على اختلاف آرائهم – ، فكانوا أربعةَ آلاف راوٍ.» **
«الجعفريون، أو الدين الجعفري هو ليس إلا تعبير اخر عن الإسلام المحمدي الشيعي الإثني عشري الأصلي الذي يقوم على الاعتقاد بأن خلافة النبي محمد تكون للإمام علي بن أبي طالب وأحد عشر إمّاما من ذريته من بعده، ومن هنا كان اشتقاق تعبير الدين الجعفري الذي يعود إلى الإمام جعفر الصادق »**
كل حروب آل بيت النبوة ابتدأت بكلمة وخطاب ودعوة، لأن التاريخ يتكلم أما بالسيف وهذا دفاع مؤقت، أو بذاكرة علمية تعزز أفكارها البيت العقلي جيل بعد جيل وهذا هو المطلوب ألاستمرارية. بجهاد البصيرة، وبالكلمة ، والكتاب، لأن القراءة. معدن من معادن العلم وهندامه، وكنز من كنوز الانتصار باعها اطول وحرفها أجلّ وأعظم في نفوس البشر .
الأمة المؤمنة تحتاج إلى سياط للتعلم معنى الولاية والولاء لتكون مميزة ، لها وطن تعتز به .
الشيطان يعتقد أن الحرب والانتفاضة على الخالق، يقودها السيف فقط ، كما هم الظالمين ووعاظهم على مر التاريخ ، ولكنه اخطأ ، لأن سلاح الله سبحانه هو العلم وجهاد الكلمة .
علما أن كل الانبياء مبدئهم الحوار ، ثورتهم كانت علمية وما الألواح التي اعتزت بتاريخهم الا قيم علمية وقراءة معرفية ثابتة. من الوحي والشريعه ة
لأن الجهود العلمية ، جهادا صلدا ، مسلح بسيف اللسان ، وقائمة الدليل ، ومهاجم من رتبة العلا الذي لا يفارق الفطنة والحنكة ، والحذاقة في كل مجالات المواجهة.
حقا انها ثورة صادقية، ابتدأت بالتفسير والتأويل ولم تنتهي ، أنه الوحي والملك المقرب ، أنها الحلول وجلباب المواجهات، وقد أثبتت ديمومتها إلى حين الأزل ، وساما تشريعيا جعفريا رافضيا .
نحن جميعا مدينون للامام الصادق (عليه السلام) فقد علمنا ارتقاء العلم و باب المعرفة ، وكيف نقرأ التاريخ ومتى ننهض، وكيف نواجه ، وكيف نختار أقلامنا عند احتدام الظرف، أنها ثورة عفيفة من الزوائد ومعمورة الفوائد ذات مروءة وثبات، ثورة الانقلاب على الواقع المتزلف ثورة تخطت حاجز الاسامي والاعتبارات، ثورة الحداثة وأقسامها ، ثورة العمق والبلاغة توسدت اللغة وعباراتها ، وشرعت لها صرفا لا يقبل التغيير ، لأنها من نوع آخر.
اضافةتعليق
التعليقات