يعتقد أغلبية علماء النفس المعاصرين أن للعاملين في السلك المدرسي دوراً مهنياً حساساً وهاماً في صحة التلاميذ النفسية، هذا في الوقت الذي نذهب إلى القول بأن المجتمعات لن تحظى أبدأ بالعدد الكافي من الأخصائيين في الصحة النفسية ليتم سد حاجة السكان للخدمات التشخيصية والعلاجية وتوجيه هذا العدد المتزايد على كلا الصعيدين.
وعلى هذا لابد من التأكيد وتركيز الاهتمام على بذل الجهود الكافية للوقاية من فقدان الصحة النفسية وتدريب الأشخاص على مواجهة مشاكلهم واتخاذ الإجراءات اللازمة عند التعرض لها. غني عن الاستدلال أنه من شأن العاملين في المدارس أن يلعبوا دوراً كبيراً نسبياً في مجال حل المشاكل الجزئية البادية فى شخصية الأطفال والناشئة إلى جانب أداء واجباتهم ومسؤولياتهم الخاصة بعد خوض دورات تعليمية خاصة. ينبغي على المدارس بغية تحقيق أهداف الصحة النفسية للأطفال والناشئة أن تبذل مساعيها في المجالات التالية:
١ - التغلب على المواقف غير السليمة وغير المرغوبة في دائرة نشاط المدرسة وقدرتها على الضبط.
٢ - توجيه التلاميذ والطلبة للاهتمام بتحسين أوضاع البيئة والمجتمع.
٣- كشف المشاكل النفسية والعاطفية السائدة بين التلاميذ (وحتى بين العاملين في المدرسة بأسرع ما يمكن وتوجيههم لمراجعة المؤسسات والمراكز الخاصة بالتشخيص والعلاج).
٤ـ التنسيق بين برامج مطالعة الأطفال والناشئة والمناهج التعليمية والتربوية المرتآة في المدرسة من جهة وبرامج الأبوين في البيت والمراكز الدينية والاجتماعية المناسبة في البيئة التي يعيشها الأطفال والناشئة.
5- تقديم مختلف أنواع المساعدات والتوجيهات النفسية والتربوية للأطفال من ذوي الحاجة إلى هذه الأمور.
تتطلب سيادة الصحة النفسية في المدارس مطالعة دائما ومنهجية للأوضاع النفسية ومن ثم العمل على تغيير المناهج الدراسية والقوانين التنفيذية والخدماتية اللازمة وغيرها بما يتلاءم والوضع الدراسي. وإخضاع العاملين في المدارس لدورات ضمنية تستهدف توسيع دائرة معلوماتهم عن كل ما يتعلق بالنمو والنضج، التعلم، الشخصية وتوافق الأطفال والناشئة، فيما يخص احتياجات التلاميذ وحاجات شخصيتهم (العاملين) الذاتية.
المعلم في صحة الثلاثية النفسية
یری البعض أن اندفاع المعلمين نحو حل مشاكل التلاميذ والقضايا المتعلقة بصحتهم النفسية يوجه إليهم ضربة سواء على صعيد مكانتهم التعليمية، تعلم المواد الدراسية من قبل التلاميذ وكذلك تدريسها من قبلهم وأن الاهتمام بمشاكل الطلبة يخل النظام والمبادئ الدراسية في المدرسة ويعتقد هذا الفريق أيضاً بأنه ينبغي على المعلمين التقيد بحدودهم وبأدوارهم التقليدية المحددة لهم وعدم التعهد بمسؤوليات خبراء النفس غير المحترفين لأن ذلك باحتمال قوي يزيد الطين بلة بالنسبة للتلاميذ، كما أن طابع عمل المعلمين ومسؤولياتهم إزاء عدد كبير من الطلبة تسليهم الفرصة والطاقة اللازمة لتقبل مسؤوليات إضافية.
جميع هذه الاستدلالات تبدو صحيحة في الوهلة الأولى، إلا أن هذه الآراء تنطلق عادة إما من عدم الالتفات إلى دور المعلمين في الحفاظ على الصحة النفسية للطلبة أو أن أصحابها لم يفقهوا جيداً هذا الدور حتى وإن تنبهوا إليه.
يعتبر علماء النفس والمسؤولون التربويون المعلم مرآة الحقيقة من وجهة نظر الطفل فلابد للمدرسة أن تلقن الأطفال بأن يواجهوا الحياة كما هي لا كما يرغبون أن تكون وأن يتكيفوا مع الآداب والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع وأن يعيروا احتياجات الغير اهتمامهم. ولا يتطلب هذا الأمر من المعلمين أن يجهدوا لأداء دور يتعدى حدود تتحدد التوقعات منهم بأن يختبرون سلوكهم دورهم الأساسي ونشاطاتهم العادية ويقيمون على أساس مبادئ وأسس الصحة النفسية أي أنه من شأن المعلمين إعادة تنظيم الظروف التعليمية وتوجيهها توجيهاً إيجابياً سواء في إطار الوقاية أو العلاج وذلك باختبار رؤاهم ومشاعرهم وقيمهم وسلوكهم الشخصي من جهة ومتابعة الأطفال وتحليل سلوكياتهم والكشف عن مشاكلهم من جهة أخرى.
ذلك ولا يخفى على غالبية الأطفال أن بدور مخالف للقيم الاجتماعية المسموح بها يعرضهم للمشاكل ولا يأتي عليهم السلوك الشاذ اجتماعياً إلا بالعقاب يرتدع بعض الأطفال والناشئة عن خلق المشاكل لأبويهم والمدارسهم. فلماذا ياترى؟ لماذا يلح هؤلاء الأطفال على تقمص سلوك يعاقب صاحبه من قبل المجتمع، متجاهلين النصائح والتوجيهات.
اضافةتعليق
التعليقات