مع الفتوحات الفكرية التي شهدها الوطن العربي، والتلاحم الثقافي الذي شهدته الطوائف والأديان بعد تدهور الوضع الأمني في البلدان العربية وعلى وجه الخصوص في العراق، نشاهد بأن الهجرات الداخلية أثرت بصورة سلبية على الوضع الإجتماعي والإقتصادي..
ولكن في نفس الوقت نلاحظ بأن نبذ الطائفية وبروز اللحمة الوطنية كان لها دور كبير في تعزيز العلاقات بين الناس، فمع الوضع الصعب الذي تعيشه العوائل العراقية نجد بأن الحشود الشبابية كان لهم دور كبير في الدعم النفسي بالمرتبة الأولى والدعم المادي بالمرتبة الثانية..
فتوسعت النشاطات الشبابية من الجنسين، لتشمل مهرجانات توعوية، وحملات تثقيفية، إضافة الى حملات المساعدة، تحت نطاق النشاط المدني، والتي تتمثل بزيارات لمخيمات النازحين، وتوزيع بعض الإحتياجات العينية، وإقامة برامج ترفيهية للأطفال.
جميع هذه الأمور تساعد في زرع روح التعاون بين الشباب، اذ ان العمل الصالح له تأثير كبير على روحية الإنسان ونفسيته، فمن خلاله يتم تعزيز الروابط الإجتماعية بين مختلف الطبقات، ويعيش الإنسان التجارب الصعبة، والظروف القاتمة ولو لسويعات، ليقدر النعم التي وهبها الله تعالى له، فكم من إنسان لا يعرف قيمة الحياة والعز الذي يعيشه؟.
ويعتبر العمل الصالح احد الطرق المهمة التي تؤدي الى رضا الله، كما ان إنسانية الفرد تجبره على مساعدة غيره، ونشر الخير في ربوع العالم، فكما قال رسول الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما من شيء أحب إلى الله من الإيمان والعمل الصالح وترك ما أمر أن يترك".
وهنالك نطاق واسع لفيض الخير، فكل عمل يخدم البشرية هو عمل صالح يعود بالنفع على الفاعل وعلى المجتمع كله، ولربما هنالك أمور بسيطة جداً لا يعيرها الشخص اي اهتمام كرفع الأنقاض من مكان عام، او ازاحة الأذى من الطريق، او مساعدة عجوز في عبور الشارع... فجميع هذه الأمور تثمر لله عز وجل، ولها ثواب عظيم فما كان لله ينمو.
كل إنسان خلق لتقديم رسالة معينة، ومكلف من الله عز وجل، وأي تقصير يحاسب عليه، وكما يقول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
من هذا الحديث الشريف نستنبط بأن كل انسان هو بمثابة مدرسة توجيهية، فالله سبحانه وتعالى خلق الفقراء كي يساعدونهم الأغنياء، وخلق الضعفاء كي يكونوا تحت ظل الأقوياء.
فدور الشاب الحالي هو اكبر بكثير من ذي قبل، وطرق المساعدة قد تنوعت، مع تنشئة الجمعيات الخيرية وجروبات من الناشطين المدنيين الذين تكفلوا بمساعدة النازحين وبناء المنازل وتوفير المخيمات، ومساعدة الأيتام والفقراء، وتزويج الأرامل والشباب.
فمن الجيد لو إن بعض الجامعات العراقية، تهتم بهكذا مواضيع، وتنشئ حملات توعوية في نشر ثقافة التعاون والمساعدة بين الناس، ليتحمل الشباب من ذوي الجنسين مسؤولية البلد، فينضمون تجمعات شبابية ومشاريع تطوعية بجهود فردية، او جماعية، بهدف خدمة الشعب والوطن، ويتكفلون بتنظيف الشوارع، صبغ الحيطان والرسم عليها، وكتابة عبارات جميلة توحي بالأمل وتعزز اللحمة الوطنية، لأن الدين اولاً والإنسانية ثانياً تفرض علينا ان نكون أناس محبين لعمل الخير والتعاون، كما ان سعادة الإنسان هي في إسعاد الغير... فمِن أسْعَد الناس من أسَعَدَ الناس.
اضافةتعليق
التعليقات