اقتربَ نهارُ العاشرِ من نهايته، ملأ الكونُ هدوءٌ حزين تكادُ تختنقُ الجدران من ثقله.
تبدأُ أولُ ليلةٍ لما بعدَ العاشر إن صحَ قولُ هذا فالزمن توقف هناك. يُشعل الجميعُ شموعًا تواسي زينبًا وبقيةَ النساء إلا أن المنطق يقولُ أننا نواسي أنفسنا بهذه الشموع لا نساءَ الطُهر الأكرمين.
تذوبُ خجلًا واستحياءً من عظمةِ المصيبة لتختفي ولا يبقى منها سوى أثرٌ أبيض متشكلٌ بأشكالٍ قد تكون طريقةَ لها في التعبيرِ عن مدى حزنها.
يذهبُ الجميعُ لمنازلهم ليخلدوا في نومٍ عميقٍ متناسين أو ناسين العاشرَ بأكمله، ليبدأ الصباح وهو يصحبُ شمسًا تبشرُ بيومٍ جديد.
ماذا حملنا من كل عاشرٍ عشناه؟
هل نصرنا حسينًا (عليه السلام) حقًا أم أننا لم نفعل أبدًا وظلّ يهتفُ لليوم مناديًا وباحثًا عن ناصرٍ منا!.
أرادَ منا الحسينُ (عليه السلام) أن نكون زينبًا إن لم نستطع أن نكون عباسًا، أرادَ منا أن نكون مثالًا عن رسالته وتضحيته، أن نكون اعلامًا متنقلا على مرّ العصور.
سمعتُ محاضرةً دينيةً يومًا يقولُ الخطيبُ فيها: تخيل ان يظهرُ المهديّ (عجل الله فرجه الشريف) ويسألك ما موعدُ صلاة الفجر أو ماهي أركان الاسلام أو أصوله، هل ستجيبُ أم ستضيعُ في غياهب الجهل واللامعرفة؟
أستجعلُ مهديّك وحسينَك فخورًا أم ستخيبُ أملهما؟
لن يرتاحَ قلبُ زينبَ وفاطمة (عليهما السلام) بشموعٍ نشعلها بقدر ما سيريحهما اضاءةُ الدروب المظلمة بالشمعة الشيعية النيّرة.
ألم تتساءل يومًا لمَ طال غياب المهدي (عجل الله فرجه) ولم يحنْ ظهوره رغمَ الأعداد المهولة التي تركض ما إن تسمع ألا من ناصرٍ ينصرني؟ وصلت أعداد الركضة العالمية الحسينية إلى الملايين بينما امام زماننا لم يحتج إلا ل ٣١٣ رجلًا!
لأنهُ احتاج ٣١٣ قلبًا صادقًا ينضحُ برسالات أئمتنا ونبينا، لم يحتج عددًا بقدرِ احتياجهِ عقولًا استنارت وأنارت، احتاج قلوبًا نقيةً تنشرُ رسالة المحبة الالهية الخالدة.
لركضة طويريج الخالدة ولإشعال شموعُ ليلة الوحشة ولكثرةِ عدد المواكب الحسينية دورٌ وهدفٌ كبيرٌ يخدمُ القضية الحسينية بشكلٍ كبير، إلا أننا سنخدمُ الحسين أكثر إن كنا ألسنةَ صدقٍ وحق، إن كنا أصحابَ قولٍ وفعل، لا نكذب لا نؤذي بكلمة أو نظرةٍ أو فعل لا نتوانى عن المساعدة وإن كانت صغيرة لأيٍّ كان، ليكن كلٌ منا نجمةً تسطعُ في سماء الحسين، تنيرُ دربَ الضالين ممن يبحثونَ عن اجابات، لنكن حضنًا لكلِ من رأى فينا جنونًا وعنفًا، لندع الجميع يرى فينا الحسين، لنكسب ما استطعنا من أفرادٍ لجيشِ مهدينا (عجل الله فرجه)، لنتوقف عن الانتظار فحسب، لنسلّح أنفسنا ونتجهز لمن ننتظره، لنملأ عقولنا وقلوبنا وأرواحنا بما استطعنا من خير، فالحسين لم يُرد إلا خيرًا ولم يخرج الا لخيرٍ واصلاح، لنكمل ما خرج الحسين (عليه السلام) لأجلهِ ما استطعنا.
اضافةتعليق
التعليقات