قال الباري في كتابه الكريم في سورة يصف الذات الإلهية، بسم الله الرحمن الرحيم
"إنهُ يعلمُ الجَهرَ وَما يَخفى".
لو تمعنا ودققنا بقراءة هذهِ الآية العظيمة في كتاب العزيز لأدركنا أن لا أحد بقدرهِ سواه في هذا الكون يُدرك ما مررنا به من محطّات وتجارب وآلام من انتكاسات كانت كفيلة بإعادة هيكلية أرواحنا وولادتنا من جديد .
لا يمكن لأي مخلوق أن يعرف كل تفاصيل ماضيك وخيباتك، جروحك والشقوق التي تختبئ في قلبك، أسماء العالقين بذاكرتك حتى وإن شرحت لهم آلامك وشعورك حتى وإن واساك قائلا أشعر بما تشعر ربما يشعر بأجزاء الحزن القليلة بداخلك؛ لكن لايمكن أن يعلم ماتخبئهُ، ذلك الحزن المعتق تلك الأمور التي فعلتها ثم أخفيتها خجلًا من الجميع. لا أحد يسمع صوت ماضيك حين يدفعك الحنين إليه فجأة، لا أحد يعرف تمامًا كيف وصلت، كيف تجاوزت، كيف تعثرت، كيف عبرت كل تلك الآلام؛ ونجوت .
لن يفهم أحد جذور تلك النظرات الحزينة، بسمتك المغلفة، لا يعرف أحد مِمَّ حُرمت، وما ارتكبت، وكيف أخطأت وماذا تمنيت !.
كم بكيت وكم فقدت وصبرت، لا أحد يعلم بكلِ تلك المراحل بعد إن يكافئك الذي يعلم بكلِ تلك الانتكاسات والمواجع كل ذلك الحزن الذي مررت به شعورك، ضعفك، ثم صبرك ورضاك.
بعدها ستشعر بالحزن يطفو خارجًا من صدرك وتبدأ السعادة تعم في أرجاء روحك .
ولتعلم إن بعد كل هذا لا يُدرك أي أحد مصدرها ولن تستطيع وصف شعورك وماتراه عينك وتشعر به روحك فالعطاء كبير حد الدهشة .
لذا من الأفضل عدم وصف شعورك لأحد لأنك مهما وصفت فلن تصل لذروة المعرفة الحقيقية للمقابل، وكما قال الشاعر الكبير كريم العراقي بأبياته المعروفة:
"لا تشكو للناس جرحًا أنت صاحبهُ
لا يؤلم الجرح إلا من بهِ الألمُ
شكواكَ للناسِ يبنَ الناسِ منقصةٌ
وَمن مِنَ الناسِ صاحٍ مابهِ سقمُ".
الله وحده يعلم.. هو قدّر كل ذلك وهو متكفل به، متكفل بك.. لستَ وحدك.
بل كل شخص لم يشعر بهِ أحد حينما فقد الرغبة بالعيش بعد أن رأى ما لا يُستطاع شرحهُ، ولا يفهمهُ غيره..
اضافةتعليق
التعليقات