عقدت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية ملتقى المودة للحوار بعنوان: الكاتب ما بين الركود والاستقامة، باستضافة الشيخ مرتضى معاش وذلك يوم الثلاثاء 22/11/2022 في مقر الجمعية، وقد حضر الندوة مجموعة من الكاتبات والمهتمات في تطوير قلم المرأة الكربلائية وثلة من المبدعات اللاتي يعملن في مجال الاعلام الرقمي والالكتروني.
اهتم الشيخ مرتضى معاش بطرح النقاط التي ترتبط بالقضايا الذاتية للكاتب، محولا البحث حول مهارات الكتابة التخصصية الى وقت آخر. حيث قال:
"الركود من المشكلات التي يعيشها الإنسان في حياته باستمرار وهو من الأمراض الاجتماعية والنفسية فهو تعبير عن قضية التخلف الذي يعيشهُ الإنسان أو تعيشهُ الأمة بمجملها، فإن الأمة الراكدة هي الأمة المتخلفة والأمة الناهضة هي أمة متحركة وقد قال الله تعالى: (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، فالإنسان دائماً في حالة خسارة لأنه يسير في حركة زمنية متواصلة بالتالي فإنه يخسر في كل لحظة من لحظات حياته ولا يربح إلا اذا استطاع أن يستثمر هذه اللحظات بعمق ودقة وعمل متقن وجيد لذلك الله عز وجل جعل الاستثناء في الآية: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وإن الإيمان هو الطريق للاستثمار الجيد للزمن وكذلك العمل الصالح الشامل للإتقان والعمق والجودة والخير وكثير من الأمور في حياة الانسان والتي ترتبط بالتحديات التي يوجهها.
الركود بالنسبة للكاتب هو أن يتوقف الزمن عنده ويتوقف عن النمو وعن الرشد والتقدم والتطور وبالنتيجة عندما يتوقف الإنسان عن هذا النمو يبدأ بعملية تراجع وخسارة في حياته وتضاؤل وانكماش، مثلا الحركة الاقتصادية تدور بين امرين اما النمو الاقتصادي أو الانكماش الاقتصادي، فاذا لم يكن هناك نمو يحدث الانكماش والركود، كذلك الكاتب الذي لا يلاحق الزمن ولا يركض وراءه من أجل أن يتطور وينمو ويسترشد فهذا الكاتب سيخسر كل ما اكتسبه سابقاً.
الرشد قضية مهمة وردت في الآيات القرآنية وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وتعريف الرشد هو النضج، الرشد يعني أن الانسان يرشد ويتطور ويتكامل، وأن يكون ناضجاً في حياته أي أن يكون متوازناً في قدرته على انتاج الأشياء الجيدة وفهم التطورات والمتغيرات، والرشد مرادف لمفهوم الحكمة أي أن يضع الأشياء في مواضعها.
وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف النبي (صلى الله عليه واله): (سِيرَتُهُ الُقَصُدُ، وَسُنَّتُهُ الرُّشُدُ) والقصد يعني التخطيط والإدارة الجيدة والاعتدال والتوسّط في الأمور بلا إفراط ولا تفريط، والرشد يعني النضج، والاهتداء الى الغايات، فإنه (عليه السلام) من خلال كلمتين القصد والرشد أعطى معنىً واضحا وكبيرا جداً في بناء انسان ناضج وأمة كاملة.
والركود ضد الرشد فأن يكون الكاتب رشيداً يعني أن يكون متحركاً غير راكد، والإنسان الذي يتوقف عن النمو مثل بعض الأطفال المصابين بالتوقف عن النمو، فانه لا يتكامل ولا يصل لمرحلة البلوغ الطبيعي والنضج من الناحية العقلية والنفسية والجسدية ويصبح معوقا، كذلك الكاتب لابد أن يكون متقدماً بعملية خلق ديناميكي في ذاته وروحه ونفسه حتى يصبح ناضجاً ورشيداً في حياته، ولايقع في معضلة العوق والتخلف.
إن مشكلة الكاتب أصعب من المشاكل الأخرى لأن الكتابة أمر يتصوره البعض سهل، ولكن الكتابة تحتاج إلى ابداع وابتكار ومهارات وقدرة ونمو مستمر لذا فإن رشد الكاتب وتقدمة ونموه مهم جداً، لا يقتصر الرشد على مهارات الكتابة ممكن يكتب رواية أو قصة جميلة جداً أو مقال جيد هذا لا يعني أن هذا المقال يعبر عن رشد الكاتب ونضجهُ فهناك كاتب فوضوي ليس له قواعد وأسس وحدود للبناء النفسي للإنسان أو الوضع العقلي للإنسان لا إنما ينشر الخزعبلات والخرافات التي قد يتصورها بأنها جيدة وقابلة للطرح وهذا أمر غير صحيح بالنسبة للكاتب الرصين.
من مظاهر الركود عند الكاتب:
أولاً: السطحية أي تناول الكاتب للأمور بشكلها السطحي دون أن يحفر أو أن يحاول الوصول للأسباب والمسببات الحقيقية بل إنما يتناولها كقضية ظاهرية، ومشكلة (السطحية) هي عملية تضليلية يقوم بها الإنسان تجاه الآخرين عندما يقوم بكتابة أو تحليل.
مثل الإنسان الذي يذهب للطبيب فيكون هذا الطبيب غير متمرس فيوصف علاجا سطحياً قد يكون مسكنات أو دواء خاطئ دون معرفة حقيقية بالمرض او محاولة استكشافه بدقة وصبر، فالطبيب الحقيقي هو الذي يعرف الأسباب والمسببات ثم يستطيع أن يشخص العلاج الحقيقي.
السطحية مرض خطير في عالم اليوم الذي هو اصبح عالما مسطحا أي ذو بعدين عرض وطول فقط يفتقد للعمق، لذلك السطحية تنتج التضليل والتفاهة والأوهام المتكاثرة والمتأصلة التي اصبحت حقيقية راسخة نتيجة للسلوك التسطيحي (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف 104)، فيتصور نفسه أن أفكاره حقيقية وهي وهم مغلف، وبالنتيجة فإن السطحية تقود الكاتب نحو الركود لأنها تجعله متوقفاً عن الزمن والاستكشاف والفهم وعن ملاحقة الأحداث بحقيقتها لأن الحقيقة تختفي في صخب السطحية، وعندما تختفي الحقيقة عن الكاتب يضيع الكاتب ويتيه ويصبح محبطا راكداً في عمله وفي حياته.
فلابد أن ينتبه كل واحد عندما يمسك القلم ألّا يكون قلمه سطحيا ويتناول الأمور بصخب وكأنه عبقري بالكتابة، لابد أن يبحث ويكون عنده الدافع الاستكشافي في حياته وحب الوصول إلى الأشياء وفهمها، أي الفضول الحقيقي للمعرفة وليس الفضول الذي هو رغبة الاطلاع على الآخرين وتفاصيل حياتهم الشخصية، بل يحاول ان يفهم عمق القضايا حتى يستطيع أن يحقق الراحة لنفسه، فالإنسان الذي يمتلك حالة فهم الأمور والاحداث يرتاح في حياته لأنه يفهم والذي يفهم يرتاح، والجاهل المركب يعيش في معاناة دائمة لانه يعود دائما على بدء، لذلك السطحية معاناة بالنسبة للإنسان وخصوصاً بالنسبة للكاتب.
ثانياً: التكرار، من علائم الركود عند الكاتب ، يعيد نفس الكلام واجترار الكلمات التي قالها واسترجاع الأفكار التي دونها، والتكرار قد يكون في بعض الأمور جيدا من أجل تثبيت الحقيقة وترسيخ مفهوم الفكرة المعينة المطلوبة عبر اعادتها، لكن هنا ليس هذا القصد إنما المقصود انه لا يمتلك شيئا ليقدمهُ، فعندما يكون فارغا يبدأ بتكرار نفس الكلمات والأفكار.
ثالثاً: النمطية، أن يكون محبوسا ضمن قالب محدد لا يتغير ولايتطور ولايتقدم، فيصبح راكدا، متوقف وإن أحس بنفسه متحركاً، فالنمطية تجعل الكاتب مسجوناً في مجموعة من الأفكار التي يعتقد بأنها صحيحة وغير قابلة للنقد، لكن التنميط مدمر لهُ حيث يغرق في دوامة الروتين المتخلف.
الروتين قد يكون جيدا بشمل لتنظيم الحياة اليومية، لكن الروتين يصبح متخلفا حين يعيد تكرار نفسه واستنساخها ولا يفتح قلبهُ وعقله للتقدم (أفلا يتدبرون أم على قلوبٍ أقفالها)، الإنسان الذي يقفل قلبه على فهم حقيقة خاصة به يتموضع حولها، ضمن قالب ثابت يسير عليه، يصبح كتلة من الأوهام.
رابعاً: التوقف عن الابتكار، متى ما توقف الكتُاب على أن يكون مبدعاً في كتابته، نصه، أفكاره، يصبح راكداً فالابتكار أحد علائم الإنسان العاقل أن يكون مبتكراً مبدعاً خالقاً، صانعاً للأشياء، ومظاهر التوقف عن الابتكار والابداع وخلق الجديد هو من أهم علائم الركود عند الكاتب.
خامساً: خفوت الطاقة المحركة، بعض الناس من الناحية الجسدية تموت طاقتهم الحركية وعندما تموت طاقتهُ الحركية جسمه يصبح ثقيلا او مشلولا، كذلك بالنسبة للفكر والروح والنفس، فالبعض تموت أرواحهم وأفكارهم في الحياة بالنتيجة يصبح مشلولاً، ونلاحظ هذا الخفوت في بعض البلاد والأمم حيث تكون خالية من الطاقة أو خافتة الشعلة ميتة راكدة. فالكاتب لابد أن تكون له روح في داخله مشتعلة متحركة تقوم بصناعة الأفكار وبناء الكلمات التي تؤدي إلى تطور الكاتب.
ما هي أسباب الركود:
أولاً: التوقف المعرفي، أو التوقف عن المعرفة، فالذي يتوقف عن المعرفة والاستمرار عن المعرفة هو يرفض القراءة والتعلم المستمر، والذي لا يفكر تكاسلاً منه لأنه تعلم وتنمط وتقولب على ألّا يفكر ولا يتعلم لا يستمر في نهل المعرفة، فهذا الكاتب الذي يتوقف عن التعلم الذي رصيد كتاباته هو مخزونه المعرفي، وهذه المعرفة لا تأتي من قراءة كتابين أو ثلاثة قبل ثلاثين سنة واكتفى، فالمعرفة ليس لها تاريخ صلاحية، ففي كل فترة زمنية يحتاج الكاتب إلى أنه يتعلم شيئا جديدا، والتوقف المعرفي يمثل ضعفا في مصادر صناعة الفكر، فتكون حينئذ مصادرهُ هي مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت عند بعض الناس دينهم الجديد وتراثهم المعرفي ومحور أحاديثهم سواء أكانت صادقة أم لا.
فهذه الشبكات الرقمية الاجتماعية تعتمد على نشر أعمى فوضوي وهي قابلة للصدق والكذب، فمن الخطأ أن تكون الكاتب مصادرهُ هذه الشبكات وهي في معظمها تضليلية تعمل على توريد الثقافات السيئة والسلبية وجعلها حقيقة في مجتمعاتنا وباتت تؤثر في أسلوب حياتنا وفي الطعام والأخلاق، كل هذا بسبب التوريد واستنساخ الثقافة والمعرفة من شبكات التواصل الاجتماعي.
ومن مظاهر التوقف المعرفي قراءة الكتب السهلة إذ الإنسان يبحث عن كتب سهلة وإن من الاستسهال هو انه (إذا الكتاب فهمتهُ أقرأهُ أما إذا لم أفهمهُ لا أقرأه) وهذا تفكير غير صحيح لأنني لن استفيد شيئاً من قراءة معلومات أعرفها، فقراءة الأفكار الصعبة والجديدة هو الهدف الأساسي من القراءة، ما فائدة قراءة الكتاب السهل لأنه يجعلني لا أفكر، والقارئ الذي يكرر قراءة ذات المستوى من الفكر هو يكره التفكير لأن التفكير يزعجهُ ويتعبهُ ولأن الأفكار الكثيرة تحمَل قارئها مسؤولية العمل بهذه الأفكار.
مصادر الكتب الجيدة مهمة حتى تغذي الكاتب بالحركة والابداع والابتكار والتحديث، فلماذا لا نفكر في تجديد أفكار الأمة، ولماذا لايحاول الكاتب أن يفكر بعمق ويبحث عن مصادر المعرفة الجيدة، الكتب العميقة التي تحث الناس على التفكير، فالكتاب السهل يجب ألّا يكون هروبا من التفكير العميق أو الصعب، وأنا شخصياً لا احبذ هذه الكتب التي تسمى كتب التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية فهي نوع من التسطيح وليست في كثير من جوانبها معرفة حقيقية حيث تضلل القارئ عن المعاني الحقيقة للمعرفة.
ثانياً: الشعور بالاكتفاء، والوصول للسقف والفكرة بأن الذي أكتبه شيئاً جيداً، فالكاتب المبدع المبتكر الحي هو الذي ليس له سقف بحيث يسمو لكتاباته، فالكاتب الواضع للسقف سببه أما عجزاً أو غروراً ويعتقد بأن ما كتبهُ هو عظيم وفي القمة، وهذا نوع من الغرور المعرفي أو اعتقاداً بعدم الحاجة وبأن ما نكتبهُ وافي ومقنع، وتبرير بأن هذا كافٍ ولا يحتاج الناس أكثر من هذا، وهذه فكرة خاطئة لأن الأمة دائماً تحتاج إلى تعليم متصاعد قائم على الإصلاح فالكاتب معلم وهو مُثقف ومُثقِف ويجب دائماً أن يكون معطاء في الأفكار وألّا يتوقف ويقول بأن هذا كافٍ.
ثالثاً: عدم تقدير الذات، وقلة معرفة حجم الذات والانهزام النفسي والشعور بالتضاؤل أي الهزيمة النفسية للكاتب في عدم تقديره لنفسه وقدرته ومهاراته من أسباب الركود وهي عكس النقطة السابقة (الغرور) فـ (من عرف نفسه عرف ربه)، فكلما قدر الإنسان ذاته بمعرفة امكانياته وقدراته الحقيقية يرتقي ويتقدم، وذلك عبر تمكين التوازن في عملية فهم الذات وتقدير الإمكانيات الذاتية، فيكون عندهُ فهم واقعي لذاته بحيث لا يتصور نفسه انه شيء صغير او ضئيل في هذا العالم الكبير، فأنت تهمل قدرك بإهمالك لتطوير نفسك ومعرفة ذاتك وعدم الحركة وعدم الكتابة، فقد يكون الله تعالى وضع أمامك مستقبلا هائلا جداً لكنك توقفت عن الكتابة ولم تقدر حق نفسك فأصبحت ضئيلاً.
الانهزام النفسي أمام الأفكار الغازية الأفكار الثانية، نتيجة لكوننا قد أصبحنا عبيداً لهذا الغزو الفكري نتيجة للانكسار الذاتي وعدم تقدير حجمنا الحقيقي في الحياة كأمة وكفرد من هذه الأمة، وخاصة الكاتب الذي يقلد ويستنسخ ثقافة الغرب في حياته فلا يقدر نفسه ولا ذاته ولا المخزون المعرفي الهائل الضخم للأمة الإسلامية لأنه يشعر بالتضاؤل وبأنه صغير والصغير كبير على فهمه لإمكانياتهُ وقدرته.
رابعاً: الشعور باليأس وعدم الجدوائية، أي الكاتب اليائس البائس الذي يعطي شعورا باليأس والإحباط وهذا لا يكون راكداً فقط بل يكون مؤذياً أيضاً لأنه يغذي الأمة بالسلبية واليأس فيعمل خلاف رسالته ويقوم بتغذية الأمة بفكر مشحون بالسلبية، والطاقة السلبية مفسدة للأمة. فالكاتب يجب أن يكون ايجابياً دافعاً ولا يكون عندهُ طاقة سلبية مشحونة كابحا.
بعض الكتاب يقولون لماذا نكتب؟ لماذا يجب أن نصلح الأمة؟، وهنا يجب توضيح مفهوم الإصلاح على أنه عملية تجميع للقطرات تجميع للجهود والكاتب هو مصلح كونه قادر على التأثير على امئات أو آلاف من الناس بدل إنسان واحد، فقد تكون المقالة التي تكتبونها وتنشرونها على موقع بشرى حياة يمكن أن تكون قد قرأها أحد الأشخاص أو أشخاص كثيرين ويتأثرون تأثيراً ايجابياً وتتغير حياتهم أنتم لا تعرفون ذلك وكيف تساهمون في عملية التأثير والتغيير على الآخرين بكمية الطاقة الإيجابية الموجودة.
خامساً: التأثر الانفعالي، في التطورات الخارجية التي تحصل أي كونه منفعلاً مع الأحداث، إن الانفعال هو التأثر بشكل عشوائي وفوضوي أما التفاعل يكون تأثراً بوعي وإدراك ودراية. يظهر الانفعال بالفوضوية على كتاباته العاطفية نابعة من مشاعر غير متعقلة، فيجب أن يكون الكاتب متعقلا كما ذكرنا سابقاً وهو معنى الرشد، وخصوصاً من جهة التأثر في ثقافة القطيع.
وثقافة القطيع هي الثقافة الشعبوية التي تثيرها المشاعر الانفعالية المتحيزة وغير العقلانية، مثل القومية والطائفية والفئوية، كما نلاحظ بعض الشعوب التي تعاني من الطائفية فتنقاد في حملة كراهية ضد الآخرين، فيصبح الكاتب المنخرط في القطيع كاتبا ايدولوجيا متعصبا غير موضوعي، وهذا يمنعه من أن يكون واعيا وفاهما.
ولكن لابد أن يكون الكاتب مع المجتمع وليس ضد المجتمع، لأنه مرشد للأمة فالناس حين يقعون في أزمة معينة من مستنقعات التضليل والضياع فيجب على الكاتب أن يرى الأمور من الخارج ويفهمها بوضوح.
سادساً: تحول الكتابة إلى مصدر للعيش، فالكتابة أسمى من أن تكون مقابل مبلغ للمال، الإنسان رزقه مضمون، فالكاتب صاحب رسالة وأصحاب الرسالة لا يثمنون رسالتهم بمبلغ محدد والرزق على الله سبحانه، والكاتب يأتيه رزقه من غير طلب من خلال قوته وتطوير مهاراته الذاتية.
سابعاً: التوقف عن تطوير المهارات المرتبطة بالكتابة، وتطوير أساليبه في الصياغة واللغة والتعبير، فالتجديد والتحسين مطلوب في رفع جودة كتاباتهِ وعباراته المستخدمة فمن غير المقبول أن يكتب الكاتب بنفس الصيغة دون أي تطور أو تقدم.
ثامناً: الانغماس بتسويق الذات، واهمال الرسالة والأفكار فيكون جُل هم الكاتب كيف يسوق نفسهُ في مواقع التواصل والمنتديات فبعض الكتاب يهتمون بعدد شهادات الشكر والتقدير أو الجوائز وهذا ليس بخطأ لكن يجب ألّا يكون هدفهُ هو الجائزة على حساب الجودة، فيجب أن يركز على تسويق أفكاره وايصال أفكاره لا شخصه لأنه إذا عمل على العكس سينتهي ويصبح راكداً.
والكاتب الحقيقي هو الذي تكون أفكاره أهم وهذا هو الفرق بين السطحية والعمق أن تكون الفكرة أهم من الشخص فالأمة المتقدمة تكون في عالم الأفكار والأمة الراكدة تكون في عالم الأشخاص هي الأمة التي تنظر بعينها وليس ببصيرتها، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال) والفرق بين من قال وما قال هو الفرق بين عالم الأشخاص وعالم الأفكار.
كيف يتحول الكاتب الى طاقة ابدية؟
يمكن للكاتب ان يتحول إلى طاقة أبدية أو طاقة مؤبدة وأن يكون مستمراً غير متوقف عبر:
1. البحث التطور اليومي العمودي، الصاعد وليس الأفقي وهناك فرق بين التطور العمودي والتمدد الأفقي فالأفقي يبقى بنفس المستوى وبطور واحد أما العمودي فيكون بتطور يومي مستمر عبر برمجة ذاتية للإنسان (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا) بمعنى أن يجعل معياراً لنفسه ويسأل ما هو التطور اليوم الذي حققتهُ لنفسي؟
2. الإنجاز اليومي لصناعة التراكم، وهو العمودي الانجازي فلو كتب الشخص كل يوم صفحة واحدة فقط فإنه قد أنجز تقريباً ثلاث كتب في سنة واحدة وهذا هو تراكم الإنجاز اليوم الذي يخلق للإنسان انجازاً وانتاجاً فقد رأيت شخصاً قد كتب كتاباً عبر كتابة فكرة في كل يوم من اليوم الأول حتى اليوم 365، ويعلمنا هذا معنى التراكم في الانجاز، الإنسان الذي ليس له تراكم يومي عمودي يصبح خاملاً جامداً راكداً.
3. القراءة اليومية وهي مهمة في عملية تحريك الكاتب.
4 . القراءة العميقة التفكرية التي تحرك الأفكار فالمخ شيء عجيب غريب، فمخ الإنسان أكبر وأكثر من الفيزياء الكمية أو الكمومية لأن هذا المخ إذا تحرك له طاقة هائلة لذا على الانسان ألا يجعل هذا المخ جامدا، دائما يجب أن يكون في حالة حركة وعمل.
5. الاختيار الجيد للمصادر، أن يختار مصادره بعناية خاصةً المصادر النوعية.
6 . الحوارات الفكرية الجادة، وهذه نقطة غائبة في حياتنا لأننا نبحث عن حوارات جدلية او فارغة من الفائدة والمعنى، فالحوار الجيد هو الذي يخلق مساحة لفكر القارئ ويحرك تفكيره.
7. الإيحاء الإيجابي للذات باستمرار، ولا يجب أن يقول أن العالم لا يفيد، ويقول لماذا أتعب نفسي وأنتج وأفكر وأن الإيحاء الجيد الإيجابي للذات يأتي من خلال التوكل الذي بدوره يأتي من التوكل على الله (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق 3. وهذا التفاعل بين التوكل وبين الرزق يعني أن الإنسان الذي يريد أن يتقدم ويكون منتجاً في حياته يجب أن يكون متوكلاً والتوكل هو الإيحاء الإيجابي للذات يجعل ويسلم أمره لله سبحانه وتعالى وهذا يعطيه قوة وطاقة يحصل على كثير من المنتجات الجيدة والثمار الجيدة في حياته.
8 . رؤية ما بعد الآفاق، فالإنسان الذكي بهذا العقل ينظر ما بعد الآفاق أو رؤية ما بعد الجدار أي ألّا نرى فقط مانراه في الجدار المغلق أمامنا، بل نرى ما خلف الجدار وما وراء الأفق فيجب أن يسعى الكاتب ويبحث ويستكشف ما وراء الجدار وما وراء الآفاق.
أسئلة واجوبة:
وشاركت زهراء شاكر المرشدي في مداخلة عن ماهية أو كيفية توضيح الفكرة المراد طرحها أو آلية الوثوق في الفكرة؟
وكان جواب الشيخ بأن مناقشة هذه الفكرة ضمن حوارات حتى الإنسان تتطور أفكاره، وأكد على أهمية الثقافة والبحث العميق حول الفكرة.
وسألت هاجر الاسدي عن كيفية حل مشكلة الوحدة العضوية أو الموضوعية في كتابة المادة المطروحة؟
أجاب سماحتهُ: إن أهمية وجود خطة واضحة للكتابة تجنب الكاتب الوقوع في هذه المشكلة لكن يوجد أشخاص لديهم التمكن بالاسترسال في الكتابة نتيجة لوجود مَلكة أو موهبة وهذا لا يُحبذ في الكتابة فلابد للكاتب أن يمنهج بحثهُ ويصنع خريطة ذهنية على الأقل، فالاسترسال يؤذي القارئ ويخلط الأفكار ويضيع الهدف المرجو من المادة المكتوبة على عكس الكتابة وفق خطة ومنهج كونها تعطي للقارئ سهولة في اكتساب الفكرة وترسيخها.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار تسعى لاستضافة الشخصيات المهمة المؤثرة في المجتمع من جانب والتي لها دور في رفع همم الكاتبات وتطوير أقلامهن وإثرائهن فكرياً.
اضافةتعليق
التعليقات