تفرد شهر رمضان الكريم بخصوصية متميزة تتعلق بطبيعة كل بلد وعاداته بما يحمله من طقوس محببة لقلوبهم ابتهاجًا بقدومه.
ففي العراق يحييه الملايين بكل تفاصيله المستوحاة من البيئة العراقية الأصلية حيث كانوا يستقبلون الشهر بالفوانيس الزيتية وانارة الجوامع مع احياء طقوس الماجينة وغيرها .
وعن أجمل الطقوس الرمضانية كانت لـ (بشرى حياة) هذه الجولة الميدانية:
ذكريات مع الأمهات
حدثتنا أم تقى (ربة بيت) قائلة: لرمضان أثر كبير في نفسي لأن أمي رحمها الله كانت تستعد له بطقوسها الخاصة حيث تبدأ بالتسوق وتجهيز كل ما يلزم من الاحتياجات ومن جملتها شراء الفانوس الرمضاني لتزين به أحد أركان البيت ابتهاجا لحلول الشهر الفضيل.
اليوم تغيرت هذه الطقوس فقد حل مكان الفوانيس الزيتية المصابيح الكهربائية إلا أن العادات مازالت بجذورها تستمد الحداثة لما نواكب من تطور صناعي.
وأشارت إلى انها ابتاعت عددا من الفوانيس ومجسمات لهلال رمضان لتفردها على طاولة الطعام بمناسبة حلول الشهر المبارك واستذكارا لعادات والدتها (رحمها الله).
فلكلور رمضان
من جانب آخر أعربت بتول ناصر (موظفة) عن سعادتها بقدوم الشهر المبارك، وبأنها تعتبر الفانوس الرمضاني فلكلور له جمال خاص فهو لا يصلح أن يزين أي مكان سوى حلول الشهر الكريم لهذا اعتمدت عادة تزيين أركان البيت وطاولة الطعام في حجرة المعيشة بفوانيس رمضان الملونة التي تبعث إلى النفس السرور والطمأنينة لما يحمله الشهر من بركة في أيامه التي يحل بها زائر كريم.
اطلالة البركة
يطل علينا شهر رمضان ببركاته الوفيرة يحمل معه نكهته لدى المسلمين في كل الديار العربية حيث تختلف العادات بحسب الشعوب حيث لهم عادات قبل مجيئه لاستقباله وفي أيامه الأخيرة لوداعه وبينهما ليالي القدر العظيمة وشهادة أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام).
أصل الفانوس الرمضاني
وحول أصل الفانوس الرمضاني حدثنا الباحث الاجتماعي حسنين ناصر: تعود أصل كلمة فانوس إلى اللغة الإغريقية التي تعني أحد وسائل الإضاءة، كما يطلق على الفانوس في بعض اللغات اسم (فيناس)، ويذكر أحد المؤلفين في كتاب القاموس المحيط إلى أن أصل معنى كلمة فانوس هو (النمام) لأنه يظهر صاحبه وسط الظلام.
وأضاف: ويعتبر فانوس رمضان أحد المظاهر الشّعبيّة في العديد من البلدان العربية وأول من استخدمها بحسب ما ذكره المؤرخين هي مصر وهو أحد الفنون الفلكلورية التي نالت اهتمام الفنانين والدارسين حتى أن البعض قام بدراسة أكاديمية لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصوم ثم تم تحويله إلى قطعة جميلة من الديكور في الكثير من البيوت العربية.
وتابع: كما تنوعت القصص حول ظهور الفانوس حيث تنقل الروايات أن أحد الخلفاء كان يخرج ليلا إلى الشارع ليستطلع شهر رمضان الكريم فيخرج معه رفاقه يحملون فوانيس للتمكن من الرؤية كما يرافقهم أطفال صغار ينشدون بأهازيج تعبر باستقبال الشهر المبارك من جملتها (ماجينا يا ماجينا) فضلا عن حملها للذهاب إلى المساجد وتبادل الزيارة عشية الليالي الرمضانية.
وعن صناعتها قال: ليست صناعة الفوانيس صناعة موسمية، ولكنها مستمرة طوال العام حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في رمضان الذي يعد موسم رواج هذه الصناعة.
كما هناك أنواع مختلفة بتصنيعها حسب الزخارف والنقوش الاسلامية، منها تصنع من الفضة وآخر من النحاس وغيرها.
واستمرت صناعة الفوانيس بتطور عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطارية، ولم يقف التطور عند هذا الحد بل غزت الصناعة الصينية دول العالم الإسلامي بصناعة الفوانيس المضيئة والناطقة والمتحركة .
وعلى الرغم من عالم الحداثة إلا إن فانوس رمضان ما زال يحمل نكهته المعتادة بجماله الأخاذ.
اضافةتعليق
التعليقات