تمر عملية التفاوض بعدد من المراحل حتى تتبلور في شكل اتفاق بين طرفيها أو أطرافها، أو قد تنتهى بفشلها، وانهيارها من أساسها، أو قد يظل باب المفاوضات مفتوحا لجولة أو جـولات جديدة.
ولكن من المهم مـعـرفـة أن لكل مرحلة من مراحل عملية التفاوض، أثراً كبيراً في المرحلة، التي تليها، وفي المحصلة النهائية للعملية كلها، كما أن مستوى الاهتمام بهذه المراحل، ينعكس إيجابياً على الطرف، الذي يجتهد في كل واحدة منها، ويأخذ زمام المبادرة في أثنائها .
ولم يتفق المختصون في هذا الميدان، على تقسيم واحد لهذه المراحل، مع أن هناك اتفاقاً على الخطوط العريضة لها. وفي الوقت نفسه يوجد نوع من التداخل بين هذه المراحل، بحيث يصعب الفصل بينها أحياناً، كما تختلف درجة الأهمية لدى بعض أطراف التفاوض، فما يراه أحدهما فرعيا يراه الآخر أساسياً في الوصول إلى تحقيق أهدافه.
وعلى سبيل الإجمال، يمكن القول إن مراحل عملية التفاوض تتحدد في النقاط التالية:
أولاً: مرحلة الإعداد والتهيئة للتفاوض
يمثل عنصر المعلومات أهم أسس التفاوض المثمر، لأن من يمتلك المعلومات هو الذي تتوافر لديه قدرات التأثير في الطرف الآخر، بالحجج المقنعة، المعتمدة على الوثائق، ومن خلال معرفة مفاتيح شخصية من يفاوضه والأسلوب المناسب لإقناعه والتأثير فيه.
ومن يملك المعلومات، أيضاً، يستطيع أن يحدد أغراضه من عملية التفاوض بدقة، معرفة وثيقة بإمكاناته وإمكانات الطرف الآخر.
فعلى المفاوض أن يكون متأكدا من كل الأهداف، التي يرمي إلى تحـقـيـقـهـا، وأن يرتبها حسب الأولويات، حتى تظل نصب عينيه طوال جلسات التفاوض، مع ضرورة أن يتسم بالمرونة، وأن يكون واقعياً فلا يبالغ في طلباته ويتشدد فيها، وأن يكون محددا حجم التنازلات التي يمكن أن يقـدمـهـا.
وتتكون المعلومات، التي ينبغي أن يسعى المفاوض إلى امتلاكها من عنصرين أساسيين، المعلومات، التي يحتاج إليها لتحديد أهدافه من عملية التفاوض وبلورتها.
المعلومات، التي تمكنه من معرفة الطرف أو الأطراف الأخرى، التي يتفاوض معها. والواقع أن تـوافـر هذه المعلومات وما يماثلهـا للمـفـاوض، يزيد من قدراته على التحكم في مسار عملية التفاوض، والتأثير في سلوك الطرف أو الأطراف الأخرى؛ باستناده إلى المعلومات، التي تمكنه من التعرف على خصائصهم وردود الفعل المتوقعة منهم، كما تدعم حجته في إقناعهم، وتعديل مواقفهم بالقدر، الذي يجعل سلوكهم متسقاً مع ما يبتغيه من مصلحة. ولهذا السبب، فإن أهم ما تتضمنه مرحلة الإعداد هو جمع المعلومات، التي تمثل الركيزة الأساسية لعملية المفاوضات، وتتعلق هذه المعلومات بفهم موضوع التفاوض بشكل واضح لا لبس فيه، حيث يتعين معرفة وتحديد وتشخيص القضية المتفاوض.
للإقناع عدة تعريفات منها :
اسـتـخـدام المتـحـدث أو الكاتب للألفاظ والإشارات التي يمكن أن تؤثر في تغيـيـر الاتجاهات والميول والسلوكيات، ويقال عمليات فكرية وشكلية يحاول فيها أحد الطرفين التأثير على الآخر وإخضاعه لفكره.
ويظهر جلياً من التـعـريفـات السـابقـة أن الإقناع فـرع عن إجادة مهارات الاتصـال مع اختيار الأحوال المناسبة للإقناع: زمانية ومكانية ونفسية وجسدية، لتحقيق ذلك.
تحليل الإقناع إلى:
- مقدمات متفق عليها كالحقائق والمسلمات.
- نتائج منطقية مبنية على المقدمات.
- الابتعاد عن الجدل والتحدي واتهام النوايا، لأن جعل الطرف الآخر متهماً يلزمه
بالدفاع وريما المكابرة والعناد .
- إذا كنت ستطرح فكرة في محيط ما: فروج لها عند أركان ذلك المحيط قبل نشرها.
- حدد مسبقاً متى وكيف تنهي حديثك.
- لخص الأفكار الأساسية حتى لا تضيع في متاهة الحديث المتشعب.
- اضبط نفسك حتى لا تستتر؛ وراقب لغة جسدك حتى لا تخونك.
- أشعر الطرف المقابل باهتمامك من خلال: - ربط بداية حديثك بنهاية حديثه ما أمكن، تعزيز جوانب الاتفاق.
- أشعره بمحبتك وعذرك إياه.
عوائق الإقناع في الحديث
- الاستبداد والتسلط: لأن موافقة الطرف الآخر شكلية تزول بزوال الاستبداد .
- طبيعة الشخص المقابل: فيصعب إقناع المعتد برأيه وتتعاظم الصعوبة إذا كان المعتد بنفسه جاهلاً جهلا مركباً.
- تذبذب مستوى القناعة أو ضعف أداء الرسالة من قبل المصدر.
- الاعتقاد الخاطئ بصعوية التغيير أو استحالته.
تروى بعض الأساطير أن الشمس والرياح تراهننا على إجبار رجل على خلع معطفه؛ وبدأت الرياح في محاولة كسب الرهان بالعواصف والهواء الشديد والرجل يزداد تمسكا بمعطفه وإصراراً على ثباته وبقاءه حتى حل اليأس بالرياح فكفت عنه؛ والبادي أحد الراحتين كما يقول أسلافنا. وجاء دور الشمس فتقدمت وبزغت وبرزت للرجل بضوئها وحرارتها فما أن شاهدها حتى خلع معطفه مختاراً راضياً ... إن الإكراه والمضايقة توجب المقاومة وتورث النزاع بينما الإقناع والمحاورة يبقيان على الود والألفة ويقودان للتغيير بسهولة ويسر ورضا.
إن الإقناع كما هو الحوار لغة الأقوياء وطريقة الأسوياء؛ وما التزمه إنسان أو منهج إلا كان الاحترام والتقدير نصيبه من قبل الأطراف الأخرى بغض النظر عن قبوله .
اضافةتعليق
التعليقات