• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الرؤية الصالحة.. النظر في عمق الأشياء

مريم حسين العبودي / الأحد 12 كانون الأول 2021 / ثقافة / 2343
شارك الموضوع :

إن الرؤية الصالحة هيّ نظرة متمردة، لا تحكمها أسوار، ولا يوقفها منطق، ولا تلتفت إلى الآراء العارية

كي تتعرف على العالم من حولك، إصنع من نظرتك رُمحاً تثقب بها الأشياء وتدلف إلى داخلها، فتلك وسيلة كبيرة لتجنب الغباء، ووسيلة مهمة لمعرفة إذا كان هناك ما يستحق الوقوف وضياع الوقت من أجله! لا تحمل سنارتك وتذهب إلى صيد السمك وأنت لا تعرف في أي جانب من البحيرة ستصطاد!.

الرؤية الصالحة ليست فقط أن تحسن النظر في الأمور والآخرين، الرؤية الصالحة لا تكمن فقط في مجاملة الأشياء وتحسين صورتها بالنظر إلى الجانب الأفضل منها! تلك نسبة الربع فقط، وغالباً ما هيّ مؤقتة، مرسومة على رمال الشواطئ بتكلُف، ومع ذلك، أصغر موجة يمكنها محوها واعادتها إلى العدم، إلى حيث لم تكن!

إن الرؤية الصالحة هيّ نظرة متمردة، لا تحكمها أسوار، ولا يوقفها منطق، ولا تلتفت إلى الآراء العارية، المجردة من الإحساس والقناعة العاطفية، وظيفتها البحث عن الأدلة، والتحديق بها ملياً، ولا تنطق بالحكم إلا بالعدل. إن لجأ إليها طفل يشكو لسعة نحلة، ويطلب بحقد القصاص منها، تذهب مسرعة إلى منزل النحل للقبض على النحلة التي لسعت الطفل بهذه القسوة فلم تجدها في المملكة، قالت الملكة ستجدونها في حقول الورد. انطلقت الرؤية إلى هناك، لتجد النحلة تشرب الرحيق! سألتها أنتِ من فعل هذا؟! مؤشرة بسبابتها نحو منطقة متورمة، زرقاء مائلة إلى البنفسج محصورة بالدم، في جبهة الطفل! نعم.. قالت النحلة بكل هدوء، وهيّ منهمكة بنهم الرحيق، ثم أردفت وهيّ تمسح فمها بكمي قميصها، إنني فعلت ذلك عن عمد، فهنالك رجل عجوز يبلغ السبعين من العمر، توفيت زوجته منذ سنوات عدّة، وقد هجروه أبنائه، وليس هناك من يعتني به أو يهتم لصحته.

كنت أقف على زهرة يانعة كل مساء وأنا أحتسي ما قسمه الله لي من رزق وفير في حديقة هذا الرجل العجوز، التي كان يهتم بها أيما اهتمام، وكان يعامل كل زهرة في الحديقة، كما يعامل الأب ابنته المدللة! فقررت ذات يوم أن أراقب الرجل العجوز الطيب من داخل المنزل، فكان منزله مليئا بأنواع النباتات، في كل زاوية من المنزل كانت هناك أصص زرع، وعلى جانبها موضوعة صورة لزوجته! إنه رجل ذو قلب عاطفي، لا يستطيع العيش وحده، لقد أعاد بناء عائلته من النباتات! يهتم بزوجته في داخل المنزل، أما أولاده وبناته الذين هجروه، لم يستطع أن يخدع نفسه ويهتم بهم في الداخل! فكانت الحديقة الخارجية للمنزل تمثل هجرانهم له! وربما كانت تمتماته غير المفهومة، التي كان يتمتم بها وهو يغطي الجذور المكشوفة بالتراب والأسمدة، عتابات وتوبيخيات، وربما كانت أدعية وصلوات، لحفظهم من الشر السيء!

رحت أتجول في داخل المنزل، وأطلِع على تفاصيل هذا الغريب، فالغربة يا سادة ليست موطناً تسكنه بعيداً عن موطنك الأم! الغربة أن ترى وجهاً كنت تضمه إلى صدرك يوماً، تحول إلى سراب، تذهب نحوه وأنت تقطر شغفاً لأجل معانقته وضمه كالسابق، فتراه يهرب منك إلى البعيد، إلى حيث لا تدري إلى أين!

وقعت عيني على بعض الأوراق على الطاولة، منها ورقة من المقبرة التي دفنت فيها زوجته، يسألونه إن كان يرغب في مشاركة توحيد ألوان القبور مع ذوي المدفونين هناك، وفواتير من مديرية الماء والكهرباء والهاتف، والورقة الأخيرة كانت لمراجعة دكتور متخصص بأمراض القلب.

على ما يبدو رجلنا العجوز كان يعاني من خللٍ ما في قلبه، وأنه قد أجرى بعض التحليلات، وقد أوصى الدكتور بخط يده الجميل مراجعة العيادة بعد أسبوعين للتأكد من حالته الصحية، دونت عنوان الدكتور على جناحيَّ، وحلقت إلى عيادته، وصلت عند الغروب، كانت رحلة طويلة وشاقة، فكانت العيادة مغلقة وكان الجميع قد ذهبوا إلى منازلهم، دخلت من فتحة التهوية، بحثت عن ملف الرجل العجوز، وبعد عناء وجدته في الدرج الثالث، كان يعاني من ضعف في قلبه، وقد سجل الدكتور سلفاً العلاجات المناسبة في طبلة المريض، وحرص الدكتور على تناول العسل وشدد بذلك.

إنه يساعد على تنشيط القلب وانتشاله من رغوة الخمول التي يعاني منها، وبما أنني من العاملات الماهرات في صنع العسل، وعلى دراية كاملة على ما يحصل في سوق العسل، فيصادف اليوم الذي يبتاع فيه الرجل العجوز، شحة في غذاء العسل في تلك الفترة! رجعت إلى الخلية التي أقطن فيها، فرجوت الملكة أن تحث بقية العاملات على العمل لوقت متأخر، وبجهد أكبر لتوفير العسل بكمية أكبر للمرضى، فنحن مقبلين على قحط عسلي كبير، وبما إننا جنود الله سبحانه وأسبابه في شفاء الناس، فعلينا بذل ما بوسعنا لتلبية نداء الله على أكمل وجه. وعندما سمحت لنا الملكة بالعمل لساعات إضافية، هرعنا جميعاً لطاعة الأوامر الإلهية، وعندما كنا نعصر الزهرات، اقتحم هذا الطفل ذو الجبهة العالية المكان علينا، خُفن زميلاتي من شكله وتصرفاته الطفولية، ولاذ بعضهن بالفرار إلى المجهول، استغفلته ولسعته لسعة خفيفة فوق جبهته المستفزة.. ما هو إلا ثمن قليل يدفعه هذا الطفل، مقابل إنقاذ حياة إنسان! قالت النحلة للرؤية. فسكتت الرؤية وقالت للطفل هيا بنا يا بُني، لقد أقامت النحلة علينا الحجة، وقالت أيضاً يا بُني عليك أن تنظر إلى داخل النحلة، لترى العسل وتشهد بإنقاذ روح. عليك أن تتعلم الدرس وأن تنظر إلى داخل الغيمة وترى المطر وتشهد بإحياء الأرض الميتة من جديد، عليك أن تفهم الدرس وتنظر في داخل القرآن، لترى الله وتتعرف عليه وتعمل بوصيته، عليك أن تلتزم الدرس وتنظر في داخل الحياة، وتعلم ما فيها من مقادير متساوية من كل عسر ويسر.

الانسان
الشخصية
السلوك
قصة
الحياة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عن فضيلة السكون في عالمٍ لا يصمت

    تقدير الطفل لذاته وانعكاسه على الثقة والنجاح

    لماذا نشعر بالوحدة في عصر التواصل؟

    "لا أحد يأتي إلينا"، كيف ينتهي المطاف بنساء أفغانيات بالعيش والموت في مراكز علاج نفسي؟

    بلا هدف.. لكنه يحمل المعنى

    كيف تعالج وتسيطر على الوزن الزائد

    آخر القراءات

    الإلحاد.. فكر أم موضة يتناولها الساذجون؟!

    النشر : الأربعاء 28 آذار 2018
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    ماذا لو كان البابا نويل عربي؟

    النشر : الخميس 02 كانون الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الواقع.. صفقة القرن في تبدده

    النشر : الأثنين 26 آب 2019
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    كُن من أهل المغامرات

    النشر : الأثنين 03 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    من العتبة إلى الدفئ

    النشر : السبت 02 تشرين الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    متلازمة المحتال

    النشر : الأثنين 09 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 885 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 767 مشاهدات

    حين ينهض القلب قبل الجسد

    • 450 مشاهدات

    العنف المسلح لا ينبع بالضرورة من اضطرابات نفسية.. بحسب خبراء

    • 374 مشاهدات

    من الغرب إلى كربلاء: صحوة الروح أمام ملحمة الفداء

    • 348 مشاهدات

    الإكزيما أو التهاب الجلد التأتبي.. أهم النصائح التي تخلصك من الأعراض

    • 332 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1355 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1342 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1215 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1143 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1066 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1063 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عن فضيلة السكون في عالمٍ لا يصمت
    • منذ 2 ساعة
    تقدير الطفل لذاته وانعكاسه على الثقة والنجاح
    • منذ 2 ساعة
    لماذا نشعر بالوحدة في عصر التواصل؟
    • منذ 2 ساعة
    "لا أحد يأتي إلينا"، كيف ينتهي المطاف بنساء أفغانيات بالعيش والموت في مراكز علاج نفسي؟
    • منذ 2 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة