يتّضح للعالم أنّ قضية الهجوم على الدار واحراق باب الدار والاعتداء على السيدة الزهراء (عليها السلام) بعد شهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلها القضية الإنسانية العظمى في مجال حقوق الإنسان والتي تثير الرأي العام.
إذا كان الاعتداء على أي انسان آخر تصبح الأصوات مطالبة في نبذ العنف بكافة أنواعه اللفظي والجسدي واحترام مبادئ الإنسانية، فكيف إذا الإعتداء والعنف الجسدي واحراق الدار والعنف اللفظي وعلى هذه السيدة التي تعنف بهذه الطريقة؟.
في وقتنا الحاضر لو حصل اعتداء على دار رئيس القبيلة أو شيخ من شيوخ العرب وكان صاحب منزلة عالية وحرقت داره وضربت ابنته واسقطوا جنينها، وعلى أثر تلك الضربة استشهدت السيدة، كيف يكون عقاب الجاني في العرف العشائري؟
فكيف إذا كانت هذه السيدة هي بنت نبي هذه الأمة كرمه الله وشرفه فكان (قاب قوسين أو أدنى).
ويذكر في التاريخ "أنّ عمر بن الخطاب أتى أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟ يا هذا لم تصنع شيئاً ما لم يبايعك علي! فابعث إليه حتّى يبايعك، فبعث أبو بكر قنفذاً، فقال قنفذ لأمير المؤمنين عليه السلام: أجب خليفة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله، قال علي عليه السلام: "لَسريع ما كذبتم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله".
فرجع فأبلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلاً، فقال عمر ثانيةً: لا تمهل هذا المتخلف عندك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ: عُد إليه فقل له: خليفة رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ يدعوك لتبايع، فجاءهُ قنفذ، فأدّى ما أمر به، فرفع علي عليه السلام ـ صوته وقال: "سبحان الله ! لقد ادعى ما ليس له".
فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً، فقال عمر: قم إلى الرجل، فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة.
وظنّت فاطمة ـ عليها السلام ـ أنّه لا يدخل بيتها أحدٌ إلّا بإذنها، فلمّا أتوا باب فاطمة ـ عليها السلام ـ ودقّوا الباب وسمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: "يا أبت يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ جنازة بأيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردّوا لنا حقاً ".
فلمّا سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر وبقى عمر ومعه قوم، ودعا عمر بالحطب ونادى بأعلى صوته: والذي نفس عمر بيده لتخرجنَّ أو لأحرقنّها على من فيها، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، فقال : وإن.
فوقفت فاطمة ـ عليها السلام ـ خلف الباب وخاطبت القوم : « ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفئ نور الله ؟ والله متمّ نوره ». فركل عمر الباب برجله فاختبأت فاطمة ـ عليها السلام ـ بين الباب والحائط رعاية للحجاب ، فدخل القوم إلى داخل الدار ممّا سبب عصرها سلام الله عليها وكان ذلك سبباً في إسقاط جنينها.
وتواثبوا على أمير المؤمنين وهو جالس على فراشه، واجتمعوا عليه حتّى أخرجوه ملبّباً بثوبه يجرّونه إلى السقيفة، فحالت فاطمة ـ عليها السلام ـ بينهم وبين بعلها وقالت: «والله لا أدعكم تجرون ابن عمّي ظلماً، ويلكم ما أسرع ما خُنتم الله ورسوله ، فينا أهل البيت، وقد أوصاكم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ باتّباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا»، فأمر عمر قنفذاً بضربها فضربها.
ماذا لو طبق قانون العنف ضد المرأة على هذه السيدة؟ ماذا سيكون الحكم؟ وكيف يعاقب الجاني في القانون الدولي والعرف العشائري؟
إذن لماذا مازال البعض يدافع عن قضايا التعنيف ويترك هذه القضية؟
وإنها القضية الوحيدة في العالم التي جمعت العنف الجسدي وهي الضربة على الخد واحمرار العين وخلع القرط من الاذن لقوة الضربة.
القضية الثانية: قتل الجنين، أين هي صرخة الطفولة، عن السيد محسن الذي اسقط وهو مازال جنينا .
القضية الثالثة: العنف اللفظي وانكار الفضيلة والنسب لهذه السيدة.
القضية الرابعة: اغتصاب الورث، فمنذ متى البنت لا تورث أبيها، اغتصبوا مزرعة فدك.
وعلى أثر هذه الانتهاكات رحلت الزهراء وهي تستقبل المثوى الطاهر لرسول الله صلّى الله عليه وآلة وتستنجد بهذا الغائب الحاضر: "يا أبتِ يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟ فما تركت كلمتها إلّا قلوباً صدعها الحزن وعيوناً جرت دمعا".
اضافةتعليق
التعليقات