كل ما يرتبط بالحسين يعجن بالدمعة والآهات، يختلط برمال الصحراء ودماء الشهداء، يطير الخيال المجنح ليبصر مشاهد لم يستطع الزمن أن يعفي عليها، مشاهد يشيب لها الرضيع ويندى لها جبين كل حر، أنى لهذه الصرخات واللوعات أن تتلاشى مع أمواج الغصص، فاجعة تقف عندها الضمائر الحية لتنبض عشقا وشوقا وحسرة على الحق المزهوق والثأر المنتظر.
إنها أيام وليالٍ تفيض حبا لسيد الأحرار عليه السلام، فمن باذل ماله وجهده ووقته، شيبا وشبانا، نساء ورجالا، متسابقين في مواسم العطاء الحسيني كلٌ قدر وسعه وطاقته، وسط هذه الأجواء يتفنن بعض المصطادين في الماء العكر بنشر المقاطع الفيديوية لأعمال غير لائقة لشباب مستهتر بالقيم والمبادئ وكل المقدسات من زمان ومكان وأحداث وأشخاص، ولا يكون الغرض من نشر مثل هذه الممارسات إلا توجيه أصابع الاتهام لكل ما يمت للحسين عليه السلام بصلة، مستعينين بالوسائل الحديثة وسرعة تأثيرها في عقول الكثيرين، وغير بعيد أن تكون بعض هذه المشاهد مدبرة ومنسقة من قبل ناشرها ومن لف لفه.
وقد نتصور بساطة القضية، وإنما هي أفعال طائشة لمراهقين فارغين، وإن كان هذا الاحتمال مستبعدا لعدة دلائل، منها كثرة هذه المقاطع بشكل يدعو للريبة، ناهيك عن أن التفاعل الكبير من قبل الجمهور يدل على عمق تأثيرها واختراقها للعقل الجمعي لطبقات اجتماعية متنوعة.
فلهؤلاء نقول إن ملحمة كربلاء عصية على المستهزئين، إنها ثورة كالقرآن أنزلها وأرادها الله سبحانه وتعالى وهو لها حافظ، وقالتها زينب عليها السلام من قبل ونقولها لكم إن لم تسمعوها" فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا"، صدقت ابنة الرسالة والإمامة، وستنظرون اشتعال خيبتكم وذكر الحسين يزداد يوما بعد يوم محطما أمانيكم الرخيصة بدثر النور.
{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }[ المطففين].
اضافةتعليق
التعليقات