• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

للحلمِ بقية

دنيا عبد الكريم / السبت 12 كانون الأول 2020 / ثقافة / 5768
شارك الموضوع :

كانَ وما زال حلمها أن تقرأَ وتكتب، أن تعبثَ بالأوراقِ والأقلامِ والألوانِ

كزهرة قُطِفتْ قبلَ أوانها، هي جميلةٌ، جميلةٌ جدا، لكنها تعيشُ غربةَ الياسمين، كانت ثلاثينية وكان حجابها من أجملِ ما يكون وأضفى عليها رونقاً يُشبه رونقَ الأزهارِ، تحملُ إحدى طفلتيها على صدرها والأخرى تمسك بها من يدها، التقيتُ بها صدفةً في عملي وأنا على يقينٍ تامٍ دوماً أن الصدفَ ماهي إلا ترتيبٌ إلهي، ملامحُها مريحةٌ، إبتسامتها لها معانٍ كثيرةٍ، تكلمنا لدقائقٍ معدودةٍ فأخبرتني أنها تعيشُ غربةَ الحرفِ والكلمةِ، تفتقدُ تراقصَ الحروفِ والكلماتِ والعبارات في فمها لروايةٍ أو  لقصيدةٍ أو حتى لقصةٍ صغيرةٍ تقرؤها لصغيراتها  قبلَ النومِ، هي تفتقد الكتاب.

ذبُلت تلكَ الياسمينةِ وأجبرتها الحياة أن تُضّيعُ أملا!.. وعلى حسبِ قولها (فقدته منذ زمن بعيد!)..

هي تضطربُ، تصرخُ، تُعاني، ويرتفعُ صوت اللا بداخلها لكن بصمتٍ وبملامحٍ أقربُ ما تميلُ إلى الرضا والقبول، لا أحدُ يسمعُ!، تلك الأم الياسمينة، تلك الأرض التي لطالما أعطت ومازالت، لا أحد يسمع ما تعانيه لأنه ببساطة صوت القلب لا يُسمع!.

كانَت هناك جذوةٌ صغيرةٌ من حلمٍ يابسٍ تقبعُ في زاويةٍ صغيرةٍ من صحراءِ قلبها أرادت أن تُصيبها ولو بقطرةٍ صغيرة من ذلك الأملِ المفقود، عله يحيا، عل شيئا من غرور الياسمين يُجبره على النهوضِ مرة أخرى فينمو ويزدهر لكن دون جدوى لم تستطعْ، كان هناك الكثير بداخلها لكن قلمها كان أخرساً، وكلماتها تلاشت مع كل تلك العواصف التي أصابت صحراء قلبها.

لم تكن تعرف القراءة والكتابة. لم يسمحوا لها أن تتعلم، لم يُعطوها حقاً أنزله الله لها في كتابه. قال تعالى: (اقرأ باسمِ ربك الذي خلق).

كانَ وما زال حلمها أن تقرأَ وتكتب، أن تعبثَ بالأوراقِ والأقلامِ والألوانِ.

أنْ يكونَ بجانبِها كتابٌ تقرأُ فيه قبل أن تنام ليلا، أن تُناقش القمرَ الذي يغفوْ كلَ ليلةٍ في أحضانٍ الياسمين المنسدلِ على نافذتها عن بطل رواية، وأَن تقصُ عليه أمنياتها المكتوبة في دفترٍ صغيرٍ.

كان حلمها أن تقرأ وتكتب، أن تلفظ صلاتها بالصورة الصحيحة، أن تقرأ القرآن في الفجر وتهديه لأمواتِها، أن تزورَ الأئمة الأطهار بزياراتهم في الأضرحة المقدسة،

أن تدل أحدهم على مكان ما عندما يصادفها في الطريق ويسألها، أن تقرأ ما كتبت لها أنا حين التقيتها، عن كيفية إعطاء الدواء لطفلتها الصغيرة دون أن أرسم لها قمراً وشمساً! كان جُل ما تتمناه تلك الياسمينة أن تقرأَ وتكتب، أن يكون لها حق التعليم في أمةٍ أولَ كلمة برسالة نبيها(اقرأ).

كانت موقنة تماما أن لها حق أن تتعلم، أن تقرأ، أن تكتب، وأن حرمانها من ذلك الحلم ماهو إلا ضرب أعمى للعادةِ والتقليد، همجيةٌ علا صوتها على العلمِ والمعرفة.

لطالما آمنت أن يكون لها حق التعلم، حق أن يكون لها كراسة خاصة تكتب فيها مايحلو لها أوحتى مذكرة صغيرة تحتفظ بها في حقيبتها لتدون فيها أعياد ميلاد ابنتيها!، كانت أمنياتها أبسط من أن تكون أمنية، أبسط من ذلك بكثير!

هي لم تطلبْ سوى أن يكون لها حقُ القراءةِ والكتابة، كانت تستطيع أن تتهجأَ كلَ مشاعرِ الكونِ حولها، لكنها لم تكن تعرف أن تكتب سطراً واحداً.

حُرمت أن يكون لها كُتباً وحقيبة، قلماً وجديلتين!.

لطالما حَلُمت بأنها تلك الصغيرة التي كانت تراها في أحلامها والتي تقف أمام الصف وشعاع الشمس متسلل من إحدى النوافذِ معانقاً عينيها البنيتين ومصافحاً طوق الياسمين في شعرِها، وهي ترنو لدرسها بحماس أمام الجميع والصف يردد معها، والمعلمة تلك المرأة الوقور بملامحٍ مريحة تأخذُ زاويةً من الصفِ تراقبهم مبتسمة كأنهم لوحة جميلة يلتقي فيها الماضي والحاضر بالمستقبل، لينتهي الدرس وتثني عليها معلمتها (بأحسنتِ ياوردتي) صفقوا لها، ويُصفقُ لها الجميع وتجلسُ هي في مقعدِها فخورة بنفسها تتصاعد أنفاسها مع أصوات الطلاب فرحاً وزهواً، لكن فجأة تنتبهُ من نومها لترى أنها في حلمها الذي لطالما حَلُمت به، كبرت هي ولم تكبر تلك الصغيرة في الحلم، للحلمِ بقيةٌ.

أيقظتها صغيرتها تريد منها أن تربط لها شعرها قبل ذهابها للمدرسة..

 هي تقول: لو كنت فقط أقرأ وأكتب كنت اكتفيت!.

وأنا أقول: كان من حقها أن تقرأ وتكتب وتتعلم وتلتحق بالمدرسة والجامعة وتحقق ماتريد لأن التعليم حق وواجب ألزمنا به رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم)..

هذه الياسمينة الجميلة ذكرتني بقول الشاعر محمود درويش الذي اقتبستُ منه عنوان مقالتي (للحلم بقية)، والذي يقول:

ولنا أحلامنا الصغرى كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة

لم نحلم بأشياء عصية

نحن أحياء وباقون.. وللحلمِ بقية.

المرأة
التعليم
الحياة
قصة
الحزن
الظلم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    فن الاستماع مهارة ضرورية

    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    كيف تربي خيالاً لا يريد البقاء في رأسك؟

    آخر القراءات

    نزهة بين الكتب.. في نادي أصدقاء الكتاب

    النشر : الأربعاء 14 حزيران 2023
    اخر قراءة : منذ ثانية

    تعرف على ولية عهد هولندا ذو ال 18 ربيعا

    النشر : الثلاثاء 21 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    إختيار التخصص الجامعي.. صراع الأهل والأبناء!

    النشر : الأربعاء 04 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش كتاب: الإمام الصادق.. كما عرّفه علماء الغرب

    النشر : الثلاثاء 28 آيار 2024
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الناس أعداء ما جهلوا!

    النشر : الخميس 10 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش كتاب: الشريفة فاطمة بنت الحسن

    النشر : الأحد 08 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1334 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1318 مشاهدات

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 827 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 734 مشاهدات

    "خيمة وطن" نقطة ارتكاز إعلامية وصحية في عولمة القضية الحسينية

    • 413 مشاهدات

    حين ينهض القلب قبل الجسد

    • 408 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1334 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1318 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1242 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1206 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1137 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1057 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي
    • منذ 4 ساعة
    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات
    • منذ 5 ساعة
    فن الاستماع مهارة ضرورية
    • منذ 5 ساعة
    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم
    • منذ 5 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة