لاحظت الكثير من الفتيات عندما تكون احداهن بمفردها وتشاهد صرصرا تحاول بكل الطرق قتله والتخلص منه ببساطة تامة، ولكن عندما يكون الأخ أو الأب أو الزوج موجودا فإنها تلجأ مباشرة إليه، وتحتمي بظهره وكأنه البطل الخارق الذي سينقذها من الوحش العملاق الذي سيفترس العالم بأكمله، وعندما يقتله تطير فرحا وتشعر بالفخر تجاه زوجها أو أبيها وتنسى بأنه لم يكن سوى (صرصورا) لم يتعدى طوله سنتيم واحد، وقد ضربت غيره في الأيام السابقة (بالنعل) على رأسه وحملته بورقة ورمته في سلة القمامة دون أن يحرك الخوف فيها ساكنا.
إذن الأمر لا يتعلق بالخوف لأنها لم تخف من الصرصر بل يتعلق بالموقف، فسيكولوجية الأمان النفسي الذي تحتاجه المرأة من الرجل تنبع من عوامل عاطفية بحتة، ناهيك عن قوة شخصية المرأة وثبات مواقفها في الحياة، فالمرأة مهما كانت قوية تحتاج أن تشعر بالضعف أمام الرجل الذي تحبه، أكرر "الرجل الذي تحبه" وليس أي رجل، وتلتمس قوتها منه سواء كان والدها أو زوجها أو أخيها.
وما تحتاجه المرأة هو الاحتواء واستيعاب هذه العاطفة الملحة للاحتياج الخادع من قبل الرجل، لأنه بالفعل هو احتياج خادع كقضية الصرصر مثلا، فهي تستطيع أن تقتله وقد فعلته سابقا، ولكنها تحتاج أن تخدع عاطفتها بأنه أمر مستحيل ولا أحد يمكن أن ينقذها من هذا الموقف غير بطل حياتها، فتعيش حالة الاحتياج والارتواء العاطفي لتشعر بالأمان بوجود الرجل.
فهنالك الكثير من الفتيات يتمتعن بشخصيات فذة، وقد تربين على القوة والإصرار والعزيمة، ولا يقل شأنهن أو ثباتهن في الحياة من الرجل، وقد أثبتن ذلك فكانت المرأة في مواقف بعشرة رجال، ولكن بالرغم من ذلك ورغم القوة والشجاعة التي تمتلكها إلاّ أنها لا تستطيع أن تلغي العاطفة وتجرد احساسها من الاحتياج إلى سند، وأن تشعر بأن هنالك جدار قوي من الممكن أن تتكئ عليه وقتما شاءت مهما كانت قوية وثابتة.
فالمسألة هي مسألة أمان، تحب المرأة أن تشعر بأنها في أمان مطلق مع من تحب، ولا يعني ذلك بأنها ضعيفة، فتلك المرأة المخدرة التي كانت مدللة عند أبيها وبين اخوتها هي نفسها تلك المرأة التي وقفت في مجلس يزيد وهي نفس المرأة التي تحملت مسؤولية قافلة كاملة من السبايا بين أيتام وأرامل.
فعندما كان الكفيل موجودا كانت هي المرأة المدللة التي تحتمي بظهر أخيها وعندما ذهب الكفيل ولم يعد أخذت هي مكانه!، إنها فقط مسألة موقف وظرف.
اضافةتعليق
التعليقات