جلستُ اتصفح المواقع الالكترونية واقرأ تلك المقالات التي تنشر بشكل يومي، جذب انتباهي عنوان قوي جدا ومثير، وكان الاكثر قراءة من بين المواضيع، والعجيب ان اسم الكاتب محذوف!، من يمتلك هذه الافكار وهذه الجرأة في الطرح والكم الهائل من المتابعين لماذا يخفي اسمه، خلف تلك الرموز، قرأت اكثر من خمسة مقالات لهذا الكاتب..
في الحقيقة كلها كانت تجبرني على اكمالها والضغط على رابط اخر، حتى اجبرت نفسي على التوقف عن القراءة، وبعد القراءة العميقة عرفت رسالة هذا الكاتب وماذا يرغب في ايصاله، نقش كلماته وزخرفها ولكنها بقيت عارية من الداخل وتفتقد للمعان الحقيقة، في كل مقال كان يركز على وجود الله وعلاقته بالإنسان؟، وبعدها يطرح الجواب الذي كان يعبر عن رأيه الخاص، ان الانسان خلق من الطبيعة ولا يوجد من يحاسبه، بعض الكلمات كانت مشفرة عندي لا اعلم ماذا كان يقصد منها، ويكمل ان الانسان مباح له فعل كل شيء ولا يوجد في قانون الطبيعة حرام او حلال، فقد خلق حرا ولم يخلق كالحيوان.
في مقال اخر حثّ الشباب على ترك العبادات واعتبرها من العادات القديمة التي اعتنقها الاباء من دون أي معرفة، وغيرها من الافكار السامة حاول ان يدسها في عسل كلامه، ولقلة معرفة شبابنا بالدين الاسلامي كانوا يعلقون على كلامه ويطبقون ما يقول، حتى ان بعض التعليقات كانت تطلب منه الكتابة عن موضوع اخر والاستمرار بهذه المواضيع، سؤال كان يدور في رأسي، هل اصبح الشاب اليوم منحرف عقائديا؟
هناك فئة من الشباب اليوم اصبحوا يعتنقون هذه الافكار ويساهمون في نشرها، واصبحت قضية من قضايا وهموم المجتمع، خاصة الطبقة المثقفة، لقدرتها على غسل العقول وتجريدها من الواقع، وانفصالها عن الفطرة، فيعيش الشاب في حالة انفصال عن الدين وعن عقيدته، ويؤمن بتلك الافكار ويبدأ في تطبيق هذا الانفصال في حياته العلمية او العملية.
فقد انتشرت اخيرا ظاهرة الالحاد بشكل خطير جدا، وهناك ظواهر اخرى قد مورست من قبل البعض كتغيير العقيدة والهوية الاسلامية من اجل فكرة او قضية ما، كما وصفوا ان الاسلام يعنف ويقتل وان الدين الاخر لا قتل فيه، ويعتبر هذا الانحراف العقيدي اخطر بكثير من السرطان، ولابد من مكافحته واستئصال النماذج الخبيثة حتى لا يفسد باقي المجتمع، وتحصين الشباب من هذه الانحرافات.
الاسباب وراء انتشار هذه الانحرافات في المجتمع
_التعصب والتطرف في الفكر من اهم الاسباب التي تدفع الشباب الى اختيار البديل، وكره الاسلام من خلال النماذج التي برزت نفسها في القيادة الاسلامية على حساب المصلحة الشخصية، كهؤلاء الذين يرتدون عباءة الدين وهم لا يمثلون الدين، فهذه نماذج غير صالحة، ولكنها وللأسف كان لها صوتا وسمعة في المجتمع، فعندما يرى الشباب هذه النماذج يعتقد ان الجميع هكذا.
_كثرة المواقع التي تشجع على الانحراف الفكري والعقائدي والتجمعات الالكترونية من دون محاسبة او مراقبة من قبل الاهل فتراه ينغمس في هذا العالم المريض ويبدأ في التعايش معهم قلبا وقالبا.
_قلة الوازع الديني بالعبادات والواجبات، فيكون اداءه تسقيط الواجب فقط، من دون أي لذة في العمل الذي يقوم به، ولو سمحت له الفرص في الهرب منه لم يقصر.
_الجهر بالكفر ونكران نعمة الله عليهم في سن صغيرة ويتلفظ بالمنكر من دون أي عقوبة كانت من الاهل او المجتمع لأنها اصبحت عادة يمارسها ليثبت رجولته.
طرق لمكافحة هذا الانحراف
اولاً: تكثيف جهود المفكرين من رجال الامة الصالحين، والاعلامين من خلال الكتاب او الصحف الالكترونية ونشر ما هو نافع للإسلام واهله بعيدا عن العنف والقتال، ومجادلتهم بالتي هي احسن.
ثانيا: توعية الشاب ومساعدته في فهم السلوك السليم من خلال الادلة العقلية والنقلية، واحتوائهم في جلسات فكرية والاجابة عن استفساراتهم حتى لا يجد الجواب عند الغير.
ثالثا: القضاء على اوقات الفراغ من خلال البرامج الفكرية الهادفة والمفيدة حتى يشغل فكره بهذه الاشياء النافعة.
رابعا: تعاون الاهل مع ذوي الخبرة والاختصاص في مساعدة ابنائهم للقضاء على هذا الانحراف في الوقت المناسب.
خامسا: محاسبة من يعلن الكفر والالحاد جهرا وتنبيهه حتى يكون عبرة لغيره، ويمكن ذلك عن طريق التنبيه او غرامة مالية وان طال الامر يرفع لحاكم شرعي .
سادسا: الابتعاد عن هذه التيارات والابلاغ عنها ان وصل الامر الى جذب الشباب اليهم او استلطافهم لدخول معهم.
سابعا: الاكثار من قراءة الكتب والتدبر في خلق الله من السماوات والارض وشكر الله على نعمة العقل الذي به فضلت على غيرك.
ثامنا: فطرة الانسان سليمة، انفض غبار افكارك عن فطرتك وستجد حب الله في قلبك.
فقد قال تعالى: ((إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك} وقال تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر} وفي اية اخرى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون).
وقد سأل رجل الإمام جعفر الصـادق (عليه السلام) عن الله، فقال: ألم تركب البحر؟ قال: بلى، قال: فهـل حدث لك مرة أن هاجت بكم الريح عاصفة؟ قال: نعم، قال: وانقطع أملك من الملاحين ووسائل النجاة؟ قال: نعم .
قال: فهل خطر ببالك وانقدح في نفسك أن هناك من يستطيع أن ينجيك إن شـاء؟ قال: نعم.
قال الامام جعفر الصادق: فذلك هو الله .
اضافةتعليق
التعليقات