في احدى الليالي الشتوية وانا قابعة على فراشي احتضن هاتفي المحمول بيدي، اقلب في هذه الصفحات الإلكترونية التي لا نهاية لها، وقع عيني على نص كان له وجع عاطفي وحقيقي يشرح الاعراض التي يعاني منها مريض الاحتياج، يقول النص بأن الذي يعاني من الاحتياج العاطفي قد يرى رسالة (صباح الخير) التي تصل اليه جدا رومانسية، وان (كيف حالك) تعتبر احدى الجمل الغزلية التي لها تأُثير عاطفي كبير على الانسان المحتاج، وانه قد يذوب عشقا لو قال له أحدهم (take care) اهتم بنفسك.
وبالفعل هذا ما يحصل اليوم في عالمنا الواقعي والافتراضي، إذ تتغير وقع الكلمات لو قيلت لشخص يعاني من النقص العاطفي، وبالفعل ستؤثر عليه الكلمات ويستلطف الأمر ويسرح بالخيال بعيدا، ومن الممكن أن يبني لنفسه عالما من الأوهام بسبب كلمة عابرة أو جملة قيلت له بطريقة عفوية وغير مقصودة، فإذا كانت هذه الجمل العادية قادرة على هز عاطفة الانسان لهذه الدرجة الكبيرة ماذا يا ترى ستفعل به كلمة أحبك؟، بالفعل قد يزرع الاحتياج في داخلنا حقل من الصبار، فكيف بهذا الحقل الكبير من الأشواك لو واجه زهرة فاتنة؟.
وللأسف غالبا ما تكون المرأة هي ضحية الاحتياج العاطفي، لكونها تتمتع بعاطفة ومشاعر جياشة تفوق الرجل، ولأنها كائن سمعي يحب سماع الكلام الجميل وتتأثر بسرعة أكبر من الرجل، وأنها تحتاج إلى الاهتمام اللفظي والفعلي بصورة يومية سواء من والديها أو اخوانها، بحيث تتعود اذنها على سماع الكلمات الجميلة وتعيش نوع من الاشباع العاطفي من عائلتها.
فلا تجد حينها لكلمة (كيف حالك) من رجل غريب وقع خاص على قلبها، بل هي كلمة عادية جدا تسمعها يوميا من والدها وخالها وعمها وأخيها... الخ، ولا تتعجب لأن لا أحد يهتم لأمرها ولا يسأل عن حالها ولا يهمه إن كانت بخير أو لا!، لتأخذها الأفكار ويفرح قلبها لأن هنالك من سأل عن حالها المنسي واهتم لأمرها!.
وبذلك لن تترك المجال لأصحاب النفوس الضعيفة من التلاعب بمشاعر الفتيات، ويحمي النساء ذوات المشاعر الرقيقة من الانجراف في بحر الظنون وبناء الأحلام الوردية.
ومن الجميل جدا أن يتم تداول كلمات الحب بين أفراد العائلة، ولكن مع بالغ الأسف في عوائلنا الشرقية ينتهي الدور العاطفي للأم بمجرد أن يكبروا أطفالها قليلا، فتمتنع عن قول كلمة أحبك لهم أو حتى تستحي أن تقبّلهم، في حين أن الدور العاطفي وكلمات الحب والغزل والتقبيل ليس لها منتهى صلاحية، بل العكس يزيد من المحبة ويخلق نوع من الانسجام الجميل بين أفراد العائلة.
ويبقى الإسلام دين محبة، والعلاج الأول والأخير للاحتياج العاطفي هو سد هذا النقص، من خلال اشباع ذواتنا وعوائلنا بالحب والاهتمام والكلام الجميل..
اضافةتعليق
التعليقات