إنَّ وجود الغذاء نعمة كبيرة من الله عزوجل للبشر إذ به يقوى على عبادته إضافة إلى توفر مقومات الصحة، جاء في الأثر عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: لو كان الفقر رجلا لقتلته.
فكثير من الأوقات يدفع الفقر والجوع البشر إلى ارتكاب الموبقات والتشبه بالوحوش والحيوانات وكثيراً مانسمع كاد الجوع أن يكون كفرا، أو الجوع كافر، والنوم سلطان وغيرها من العبارات والحكم التي تتجسد ويرى الانسان حقيقتها وصحتها من عدمها في حياته، فإذا أرادت أمة من الأمم أن تفنى كان الجوع سببا في اقتراب غروب شمسها.
وكم آية في القرآن الكريم جاءت مبينة أهمية توفير مقومات العيش الكريم لسلوك الانسان القويم.
إذ إن فقر الانسان نتيجة لأعماله وتقصيره في الاكتساب أو الكفر بنعمة من نعم الله عليه فيأتي الجوع والفقر مهذباً لمسيرته وتقويمه، إلا أن بكثير من الأسف أن ينهج الانسان السلوك الذي لايريده الله له بانهياره أمام أول عاصفة أو اختبار الهي له.
إن مهمة الأمم في نشأتها الحضارية الحفاظ على المكتسبات الماضية والحصول على مكتسبات جديدة والتقدم نحو الأمام والأمة الاسلامية كغيرها من الأمم جديرة بل واجب عليها النهوض كما نهضت غيرها من الأمم بالاعتماد على مقومات رقيها وتفوقها.
ولعل في تأريخنا الاسلامي في أطواره المختلفة وبقاعه المنتشرة على كوكبنا الصغير تجارب حري الاستفادة منها والاتعاظ بها.
وسواء في السلم أو في الحرب جاء الاسلام مربيا للأجيال، مقوماً لمسيرة المسلم في حياته منفتحاً على ثقافات وشعوب وعادات وتقاليد في وقت يدعو فيه على الحفاظ على قيمه ومبادئه والاستفادة من تطور العلوم المختلفة وايجاد البدائل ليعيش الانسان سعيداً في دنياه فالحاً في آخرته.
وقد مرت على الأمة الاسلامية تجارب غنية لغنى الاسلام نفسه فنبحث في تأريخه نستكشف الأخطاء والهفوات في بعض قوانينه الوصفية وتشريعاته العقائدية ولاعيب أن يتعلم المسلم من أخيه المسلم أو الانسان أو نظيره في الخلق مايعينه على استمرار مسيرة الحياة والإيمان والتقوى.
فكثير من الأحيان ماتخدعنا المظاهر أو تغيب عن أذهاننا ماتضمره القلوب فكم من مسلم يتمنى الانتماء لشريعة الاسلام ولكنه عاجز فيضمر له الآخرون الحقد أو ينظر له نظرة استعلاء هذا العلو الذي يرفضه الله سبحانه في كتابه حين خاطب ابليس (استكبرت أم كنت من العالين).
وفي اختلاف التفسيرات إن العلو في الأرض لايكون إلا بأمر الله سبحانه واختياره في جانبه الايجابي وهو مذموم في الطغيان والاستكبار.
وربما الحفاظ على الهوية وأخذ المنفعة من هنا وهناك هو مايجب على المسلم برأيي المتواضع أن يكون نهجاً لمسيرة يستطيع فيها تجاوز الصعوبات والتحديات في حياته.
فالأمم باختلافها الديني والحضاري والسياسي والاجتماعي هو مقوم بحد ذاته من مقومات نجاحها فالتنوع هو سبيل لزيادة التقوى (إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وفي هذه الآية الكثير من الاشارات، وكم آية في القرآن الكريم هي بحر واسع بل إن في كل حرف نور يضيء للانسان لو تمعن به واقتبس من خلاله مايزيل ظلمة أكداره، فالكرم والكرامة مفردتان لاتنفصلان ولاتختلفان في حروفهما لأنهما سبيل إلى معرفة الله.
ولاتتوفر مقدرة الانسان على الكرم إلا إذا توافرت له الخيرات التي بها يكتسب كرامته في المجتمع فإذا خسر الانسان كرامته فهو بالتالي خسر مقدرته ووضعه الاجتماعي على السلوك الايجابي وهو الكرم وبذلك ضاعت مجهودات أمة أدراج الرياح.
وكرامة الانسان ليست في لقمة عيشه فقط بل بمكانته واحترامه عند الآخرين فإنما من يعتدي في عدم احترام وجودهم ومكانهم هو الفقير الحقيقي عند الله، كما أن الفقر عند الله هو أن يأتي الفرد يوم القيامة صفر اليدين من أعمال كان يعتبرها زاداً لآخرته.
اضافةتعليق
التعليقات