عند النظرة الاولى يبدو لك كل شيء هادئاً يُثير الدهشة فيك والفضول للوغول به، تجذبكَ الألوان الزاهية، العناوين الأنيقة، كمية المشاعر التي تبدو كأنها النجوم المزهرة بسمائه، لا يمكن كبت تلك الرغبة المُتوقدة بداخلك من أجل الأقتراب أكثر وأكثر منه!.
فكل مجهول يثير الفضول حتى تسقط حُجية غموضه!
ولهذا تتخذ القرار بطرق الباب فأنت مُتيقن أن من أطرق الباب يُوشك ان يُفتح له!
العالم الوردي أو ما يُعرف بعالم البنات!
للوهلة الأولى يبدو أنه عالم مألوف جداً لك، بل واضحُ وبسيط، مكشوفة مفاتيحه لا تحتاج لأي جُهد يُذكر!.
هذا الفخ الذي يسقطُ فيه الكثير من الأباء، فيقعون ضحية له دون ان يدركوا كمية الخسائر التي من الممكن أن يتكبدونَّها..
لا أُريد أن أبدو سوداوية بحروفي بقدر ما أُريد التحدثُ بـ لُغة واضحة قد أضطرُ فيها لتمزيق جلابيب المُجاملة وإرتداء لباس الصراحة بحكم إنني فتاة ولا يعرف خبايا الدار غير أصحابه، والهدف المرجو من وراء ذلك هو إزالة تلك الغشاوة التي صارت أكثر سماكة على عيوننا، وإشعال تلك الجذوة التي إنطفئت وتآكلها بَرَّد عدم الإكتراث علنَّا نعود لجادة الصواب، علنَّا نتدارك ما فات ونستطيع اللحاق بالقافلة!
سائلُ قد يقول إن جُل ما يرتكز عليه عالم الفتيات هو تلك البساطة المُغلفة بالفطرة الحنينة التي تُميزها عن نظيرها الذكر، أكثر ما قد يواجهُنَّ من صعوبات هي عدم تمكنها من إختيار الفـُستان المُناسب لها، تحيرها باللون المناسب، هوسها بالموظة، آخر صيحات المكياج وهوس الحصول على قِوام جذاب يماشي متطلبات العصر، هكذا هي المعادلة بكل بساطة!
ولكن تمهلوا قليلاً فالامر يبدوا أكثر رُعباً وأكثرُ من كونه مجرد لونٌ وردي!
ما يحصل اليوم في مجتمعاتنا، هو أشبه بحرب ناعمة تُحاك بأيادي خفية والفئة المُستهدفة معروفة ومـشخصة جداً لديهم، قائلُ قد يقول الا نتعب من فكرة المُؤامرة هذه؟
ولكن أقول دعكَ مني ومن كلامي وإلتفت لما يجرى حولك ستفهم ما اقصده جيداً..
الأمر تعدى أن يكون الاب مسؤول عن لُقمة المعيشة فقط وكيف يوفر قوت يومه له ولأولاده، وتعدى مرحلة أن يكون هم الأم بيت مرتب ذو أبواب مُحكمة لا تتأخر مواعيد الأكل فيه ابداً ولو تغيَّر العالم أجمع!
الأمر أصبح خطيراً على وشك الإنهيار، فالسرقة تجري نهاراً بأساليب معروفة والسارق يعيشُ بيننا بل في منزل كل واحد منا دون ان نعي خطورته بل الطامة الكُبرى أصبح الاغلب الأعم يضعُ له العناوين البراقة ويُبرر له أفعاله بشتى الحجج..
عالم الفتيات عالمُ معقد جداً تركيبته غريبة تحتوي من الأضداد ما يجعلك دائماً في حيرة، ما يتطلب منك دائماً ان تكون يقظاً، فطناً حتى لا تفلتُ من بين يديك زمام الأمور..
* مواقع التواصل التي صارت تُعَّرينا بأختيارتنا وبكامل إرادتنا، فالذي كان بالأمس يعتبر من أثمن ممتلكات الفتاة التي تعزُها حتى عن أختها وتتمسك بها بكل أنانية وكأنها لُعبتها المُفضلة صارت الآن تُعرض على شبكات التواصل ببساطة مُتناهية بدلات الزفاف، غرف النوم، المشاكل حتى الخاص جداً منها، الكثيرُ من التفاصيل التي كان محكوماً عليها أنَّ تبقى بعيدةً عن أضواء الفيس بوك صرنا نتشاركها اليوم مع غرباء لا صلة بيننا غير كلمة موافق التي نختارها حين يرسل لنا طلب صداقة!!، عرض حُرمات البيوت على الملأ ثم إنتظار لايك او تعليق لا يُسمن ولا يُغني من جوع، مواقعنا، أين ذهبنا وماذا إشترينا وعائلتي وبيتي وجاري والحي الذي اسكنُ فيه، والساعات التي أقضيها حبيسة هذة المواقع وغيره ماهو إلا عملية تعريَّ واضحة منا وبكل سذاجة! إنه لأمرُ مؤسف حقاً!.
* الهِوةّ تتفاقم بين الأم والبنت وكأنهم غُرباء تحت سقف واحد، فتضيعُ لُغة الحوار، وتسقط الحقوق والواجبات، تلجأ لذلك الطريق الزلق والذي لا يأمن شره، طريق العلاقات المُحرمة، طريق صديقات السوء والمجتمع الغارق بالمظاهر دون وعي يُفطنَّه لجوهر وجوده، البنت التي تُعاني من حرمان عاطفي في أجواء بيتها والمكان الأول المتوقع فيه ان تغرق بالحنان والمشاعر، البنت التي تصبح أداة تحت سطوة الكلمات الجميلة لأنها محرومة منها! البنت التي تُسلب الأرادة وتصبحُ فقيرة الثقة بالنفس، البنت التي من المُفترض ان تُربى بطريقة تمنحها القوة والأعتزاز بالهوية وصون كرامتها وعرضها تضيع بمهب الريح العاتية في هذا الزمان، لماذا؟
* لغياب القلب الذي يحتويها عاطفياً ومعنوياً قبل ان يحتويها مادياً، فهي تحتاج منك كلمة طيبة وعقل واعي يرشدها للخطوات السليمة التي تُمكنها من الخروج من هذة المتاهة بخطى ثابتة دون خسائر تُذكر!
قد لا يوافقني البعض ويقول إن هناك من قدم كل شيء لهنَّ ولك مع ذلك البعض إنحرفنَّ عن جادة الصواب وإنجرفنَّ وراء مُهلكات هذا العصر!
أقول لكل قاعدة شواذ بالتأكيد ولكن أتحدثُ عن الأغلب الأعم ممن عاشرتُ بعضهنَّ وعرفتهنَّ والنتيجة التي حصلتُ عليها، أن وراء كل جانب مكسور عند فتياتنا اليوم هم الاباء!
لا أريد أن ابدو قاسية او مُتهجمة وسالبة لحقوقهم ولستُ أنا من يُقيم ما يُعانيه الآباء من أجل تربية أبناءهم وتوفير الحياة الكريمة لهم ولكن أقول قد تختلط علينا بعض الخيوط وتتشابك فلا نُميز بين الواجب والمُستحب!.
الواجب الذي ضاع هو غياب بيئة سليمة مُدعمة بكل ركائز التربية الصحية من إحترام وتقدير الذات وصوّن المشاعر وحرية طرح الافكار وإتخاذ القرارات ومُناقشتها وبناء لبنة قوية واثقة بنفسها تسطيع الثبات بهذا الطريق المُزحلق..
إبنتكم تحتاج منكم ان تسمعوها قبل ان توبخوها، وقبل أن تلجأ لغيركم ممن لا يخافُ فيها الله ولا يراعي فيها حقاً وتحتاج منكم أن تبنوا بداخلها ما يجعلها قوية حين تخرج من تحت جناحكم وتخوض بقية محطات العمر وحدها، تحتاج منكم ان تساعدوها بصنع القرارات لا سلبها، تحتاج منكم أن تدركوا إختلاف الزمان والمكان بينكم وبينها، تحتاج منكم أن تشرحوا الحرية بمفهومها الصحيح، فالحرية هي ضمان الكرامة لنفسي لا إمتهانها بالطرق التي نراها اليوم من لباس مُخزيَّ، هوية ضائعة وكيان يلهثُ وراء المظاهر مُتناسياً أن ليس كل ما يلمع ذهباً!.
تفكروا بتلك الساعات التي تقضيها إبنتكم في محاولة صنع عالم خيالي لا يمتُ للواقع بصلة ولكمية الحديث والمشاعر التي تستهلكها مع غيركم وللعُزلة التي تعيشها معكم! ثم قفوا على أسبابها حتى لا نخسر أكثر مما خسرناه لهذه اللحظة!.
الخوض بهذا العالم أشبه بالبحث عن أبرة في كومة قش وأشبه بفك خيوط مُتشابكة ولكن يمكن القول إن الطريق الأمثل والأسلم والذي يساعدكم في جلاء تلك الغشاوة عن أبصاركم هو طريق محمد وآله الاطهار: فكلما حِدنا عنهم كلما ضاع علينا الطريق.. تذكروا قول الصادق من آل محمد صلوات الله عليه حين قال: البنات حسنات، والبنون نعمة، والحسنات يثاب عليها، والنعمة يُسأل عنها.
وأختمُ قولي بما ختم فيه مولى الموحدين حياته:
الله الله في النساء وفیما ملكت أیمانكم، فإنّ آخر ما تكلّم به نبیكم علیه السلام أن قال: أوصیكم بالضعیفین، النساء وما ملكت أیمانكم..
اضافةتعليق
التعليقات