تتفق معظم الدراسات النفسية الحديثة على وجود صلة وثيقة بين التفاعل مع الأصدقاء والتوافق النفسي والاجتماعي في كل مراحل الحياة بصفة عامة وفي مرحلتي الطفولة والمراهقة بصفة خاصة. والأدلة التي تؤكد تلك الصلة لا تقع تحت حصر، ولعل من أهمها العواقب النفسية والاجتماعية التي تنجم عن فقدان علاقات الصداقة الملائمة. وهي عواقب تكشف عن نفسها بوضوح في حياتنا الاجتماعية. وبوسعنا أن ندركها جميعاً. سواء أكنا متخصصين أو غير متخصصين في دراسة السلوك الإنساني.
يشير أرجايل ودك إلى اقتران افتقاد القدر المناسب والملائم من الأصدقاء بالعديد من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية، ففيما يتصل بالصحة النفسية تبين أن الأشخاص الذين يفتقدون الأصدقاء يكونون أكثر استهدافاً للإصابة باضطرابات نفسية منها الاكتئاب والقلق ومشاعر الملل والسأم وانخفاض تقدم الذات، كما يعانون من التوتر والخجل الشديد والعجز عن التصرف الكفء عندما تضطرهم الظروف إلى التفاعل مع الآخرين. وفيما يتصل بالصحة الجسمية فقد لاحظ الأطباء ضعف مقاومتهم للأمراض الجسمية وتأخرهم في الشفاء منها، بل وتزيد بينهم معدلات الوفاة بعد الإصابة بتلك الأمراض بالمقارنة بالمرضى الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية طيبة تمدهم بالمساندة الوجدانية.
وتتوافر شواهد واقعية أخرى تبرهن على ارتباط فقدان علاقات الصداقة بعدد من المشكلات السلوكية المدرسية والتي من شأنها أن تؤثر على التفاعل الاجتماعي الكفء مع الزملاء في مواقف التعليم الرسمي، ونذكر من تلك المشكلات: الغياب عن المدرسة، ومخالفة النظم والتعليمات المدرسية، والميل إلى الانحراف وارتكاب أعمال تخريبية في المدرسة، ويُعزى الميل إلى التخريب والعدوان إلى الرغبة في لفت أنظار الزملاء والمدرسين نظراً لشعور التلميذ الذي يفتقد الأصدقاء بالتجاهل والرفض من جانب المحيطين به.
هذا عن الآثار السلبية المترتبة على فقدان الصداقة أو قصورها، ونتناول فيما يلي وظائفها الإيجابية.
الوظائف النفسية التي تنهض بها الصداقة
انتهينا بعد أن راجعنا عدداً كبيراً من الدراسات والبحوث النفسية الحديثة المتصلة بوظائف الصداقة إلى أنها تعكس في مجموعها – رغم ما بينها من تباين في أسلوب البحث ومضمونه – وظيفتين أساسيتين للصداقة، وهما:
1- خفض مشاعر الوحدة، ودعم المشاعر الإيجابية السارة.
2- الإسهام في عمليات التنشئة الاجتماعية.
اضافةتعليق
التعليقات