تمضي الأيام وتتهاوى معها عروش الظالمين، فلا شيء يبقى على وتيرة واحدة في هذه الحياة، ومهما كنت ترى الدنيا غريبة في بعض ماتفعله من أمور فإن الذين ينظرون بنور الله يفهمون اسباب حدوث تلك الأشياء فلا يستغربونها ولا يستهجنونها فهي في النهاية أمر الله وهم له مسلمون، واذا نظرنا لواقعة الطف نجد هذا المثال الرائع الذي جسدته لنا جبل الصبر زينب [علیها السلام] فعندما خاطبها یزید مستهزئاً ومتشمتاً وكأنه يريد القول ماذا نفعكم إيمانكم وصلاتكم وحبكم لله فقال لها:- (كيف رأيتي صنع الله بأخيك).
فكان جوابها فعلاً كصاعقة هدت يزيد وزلزلت عرشه فكان لعقله القاصر متوقعا ان تصمت زينب وتطأطئ رأسها لأنها فاقدة للحماية ووحيدة بين الأعداء أو ان تبكي وتولول لأنها فاقدة للأعزاء ولكن هيهات فهي زينب تربية علي وفاطمة فقالت في محضر يزيد الظالم:- (ما رأيت الإ جميلاً).
رد غير متوقع بتاتاً من امرأة في وقت المصيبة، أي جميل رأته ياترى في رأس الحسين المقطوع، ام في كفوف العباس جنب الشريعة، ام جسد علي الممزق!.
انها نظرت الى ماوراء كربلاء الى ما وراء القتل والسلب والدماء فلم تكن تلك المرأة العادية حين خاطبت يزيد قائلة: {فوالله لا تمحو ذكرنا}، أتريد ان تعرف ماذا صنع الله عز شأنه بالحسين عليه السلام انه اعطاه الخلود والرفعة وهذا هو الجميل الذي رأته زينب سلام الله عليها في كربلاء، فكانت مثالاً رائعاً يحتذى بها فنجدها ساعة في مواجهة الظالم شامخة قوية كالجبل واخرى تخاطب القتلى بنداء يفجع القلوب ويبين رقة القلب التي تحملها تلك المرأة، فأي رسالة سماوية كلفت بحملها زينب عليها السلام؟.
انها رسالة للعالم اجمع وللمرأة بوجه أخص فعند الظالم كوني شامخة كالجبل وانظري الى ماوراء الموقف الذي انتِ فيه الآن فرغم بشاعة الأمر لكن فيه جانب جميل ومشرق.
وعندما تختلين بنفسك او احبابك اطلقي العنان لعواطفك، خاطبي من تحبين واندبي وابكي فالبكاء ثورة تهز عرش الظالم ايضاً ولا يستهان به، وعند هجوع الليل افرشي سجادة الصلاة كزينب ليلة عاشوراء وصلي ليلك حتى ولو من جلوس فلقاء الحبيب يدمل الجروح ويفتح البصيرة، واياك ان تتهاوني وتتركي الحجاب والعفاف بحجة المصيبة فلا يوم كيوم ابا عبد الله ونجد زينب {ع} واقفة بتمام حجابها وهي ترى مقتل اخيها الحسين {ع} ومصرع اصحابه ولكنها أدت رسالتها على أتم وجه واحسنه، فالسلام على جبل الصبر يوم ولدت ويوم سبيت وروعت ويوم دفنت بأرض الشام ويوم تبعث حية.
اضافةتعليق
التعليقات