هل يمكن أن تنقرض اللغة العربية؟ سؤال قد يبدو مستفزاً لكنه مطروح في ظل تقارير اليونسكو التي تؤكد أن هناك مئات اللغات المهددة بالانقراض.
البعض قد يتعامل مع السؤال بإستخفاف ويعتقد ببساطة أن لغة القرآن لاتنقرض وحمايتها مهمة إلهية, والبعض الآخر قد يأخذ الأمر بجدية ويرى أن الحفاظ على اللغة في الكتب مع جهل أبنائها بها يعتبر شكلاً من أشكال الانقراض, لأنها تتحول مع الوقت إلى لغة تراثية ميتة.
المشكلة أن هذه المخاوف أصبحت قريبة جداً منا بعد تدهور مستوى اللغة العربية في مدارسنا بحيث أصبح الطالب يصل الى الجامعة وهو لايعرف الفرق بين الاسم والفعل والكتابة باللغة العربية أو الدراسة بها, مايستلزم وقفة لإنهاء هذه الفوضى.
ومعرفة كيفية النهوض باللغة العربية وغيرها من المحاور, قيد النقاش في التحقيق التالي:
إحتضار اللغة وحروفها
أكدت فـاطـمـة صـالـح, بكالوريوس لغة عربية:
اللغة العربية لغة ثرية بمفرداتها ولاتحتاج الى لغة مساعدة وهي اللغة التي أحتلت المرتبة الخامسة بالنسبة لمتحدثيها في العالم وقد أرى أن اللغة العربية بدأت تحتضر بالاونة الاخيرة ويعود السبب لأبناء اللغة العربية أنفسهم بتركها وهجرها وأستخدام مفردات دخيلة على اللغة.
فيما يتعلق بدور المدارس قالت: عدم أهتمام المدارس بتدريسها بالشكل الصحيح وتعتبر درساً كباقي الدروس يعتمد على درجة النجاح في المادة المطروحة لا أكثر ونرى الكثير من الاخطاء الاملائية في كل مكان سواء في الكتب والصحف والمجلات ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي التي أبدعت في التسريع في إحتضار اللغة وحروفها وتسقيط لحرف الضاد خصوصاً, وإدخال حروف ورموز لاتنتمي للغة العربية الأصيلة، لغة البلاغة, لغة الفصاحة وإعجاز رسول الله (صلى الله عليه وآله).
نتمنى من ذوي الشأن إقامة العديد من النشاطات الثقافية لإعادة اللغة العربية الى مكانها الصحيح.
الباحث اللغوي المدرس والمساعد الاعلامي, ماجد الخياط, بيّن لنا قائلاً: تشكل اللغة المتداولة اليوم على الفيسبوك خطراً كبيراً على اللغة العربية الفصحى ولربما هو السبب أو التنبؤ الذي جعل اليونسكو تتوقع أن الحادي والعشرين سيشهد أنقراض اللغة العربية بعد أن أعلنت إنقراض 300 لغة في القرن العشرين، وتقف وراء هذا الموضوع عدة أسباب أولها هو ضعف التعليم في المدارس وعدم أهتمام المدارس بالإملاء واللغة لطلبتها أو العزوف عن التعليم بسبب ظروف البلدان العربية الأقتصادية والأمنية، والسبب الثاني هو ماتلعبه وسائل الاعلام من أثر في تراجع اللغة العربية، إذ أن أغلب وسائل الاعلام وحتى كليات الصحافة باتت لاتهتم بعنصر اللغة وفقدت الضابطة الرئيسة للعمل في الاعلام والصحافة وهي اللغة يعني من يعمل بالاذاعة أو في أية مهنة اخرى يجب أن تكون هناك شروط تحدد كفاءته على التعبير وأسلوب الكتابة هذا في المجالات المحددة السابقة (الوسائل الاعلامية).
وأضاف الخياط: هناك برامج مثل أفلام الكارتون كانت تتحدث باللغة الفصحى ومنها المسلسلات المدبلجة والتي تحولت الآن الى اللهجات العامية، بالاضافة الى أننا اليوم نجد الكثير من الادباء والكتّاب الذين يمنحون هذا اللقب لايجيدون اللغة ويلحنون بها عند الحديث والإلقاء، وغياب دور المثقف التصحيحي الذي لايخجل من رد الخطأ على المرسل هو أحد الأسباب فأصبحت اليوم (لكِ) تكتب فيسبوكياً (لكي) والتنوين يكتب بالنون الظاهرة مثل (علماً) تكتب (علمن) وغيرها كثير من الكلمات التي باتت تشكل خطراً على اللغة العربية ورسمها.
تجري دماً في عروقنا
إكرام كامل, مهندسة سدود وموارد مائية, قالت: إن اللغة العربية لكي تبقى حية, يجب أن تجري دماً في عروقنا, تنتفخ أوداجنا كلما وقع إعتداء عليها, وتكون لغتنا في البيت والمدرسة والشارع, تخاطب بها الأم طفلها, ويخاطب بها المعلم تلميذه, ويخاطب بها الكاتب والتاجر والطبيب والمهندس وغيرهم في كل مكان.
إن هذا الأصرار منا على القبول بمزاحمة لغتنا العربية وهي لغة الدولة الرسمية بلغات أخرى, يعني أننا لانحمل في أوداجنا ذلك الدم, ولانملك في داخلنا قناعة بأننا أمة حية لها كيانها ولها هويتها ولها لغتها ولها من يدافع عنها.
لغة القرآن الكريم
الاء الشمري, بكالوريوس لغة عربية, تقول: اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم والله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ القرآن, وهذا يعني أن لغة القرآن باقية بإذن الله ولن تزول, لأن المسلمين لايمكنهم التواصل مع خالقهم بغير هذه اللغة فمهما أختلفت الألسن وتعددت اللغات فإن لغة القرآن هي لغة الصلاة التي يتواصلون بها مع خالقهم, ومع أن العرب اليوم يميلون الى التواصل اليومي بلهجاتهم العامية إلا أن هذه اللهجات هي في أغلبها لهجات فصيحة ولكنها ليست الفصحى فالعرب وإن لم يهتموا بالأخيرة وأعني بها الفصحى إلا أنهم لن يستغنوا عن لهجاتهم الفصيحة التي تنتقل سماعاً من جيل لآخر, ولكن الخطورة الحقيقية في أن اللهجات العامية الفصيحة ليست متداولة في جميع أقطار الوطن العربي إذ أن هناك لهجات عامية مصطنعة جاءت بسبب الدمج بين العربية ولغة المستعمرين فتولدت لهجات فيها دمج بين العربية واللغات الأخرى وعلى الأغلب الإنكليزية والفرنسية...
وثمة خطورة أخرى في أن هناك لهجات عامية بدأت تظهر على الأنترنت وهي إدخال كلمات باللغة الإنكليزية بين كلمات اللغة العربية وهي دارجة على ألسنة الشباب على الانترنت... ومع كل هذا فإن لغتنا العربية باقية بإذن الله.
اضافةتعليق
التعليقات