بعد موجة الإنفتاح الذي شهده العراق في الآونة الأخيرة على المستوى الثقافي والفكري من البديهي ان يؤَمِن لنا مفهوم الحراك الثقافي خلق جيل جديد يجيد التعامل مع التطورات الفكرية الحاصلة في المجتمع، إلاّ إنه في كل الاحوال يحتاج الى أداة ربط قويمة وسليمة تربط بين الجيل والثقافة، خصوصا وأن العولمة الفكرية لم تخلو من المعلومات والأفكار الصالحة والطالحة، إلاّ إن المسؤولية تبقى على المتلقي نفسه بأنه يختار ما ينفعه وينمي نفسه، وبين ما يضره ويشوش بناءه الفكري، لكن الانسان لا يصل فجأة الى المستوى الذي يستطيع من خلاله التمييز بين الصح والخطأ، خصوصا عندما يتلبس الباطل بالحق فأن هنالك أفكار سامة تلبس ثوب الحق، لهذا السبب يحتاج المجتمع وخصوصا الفئات الشابة التي لم تمر بتجارب وليس لها خلفية تقييها الوقوع في دائرة الشبهة والضلال، لهذا السبب تحتاج هذه الشريحة بالذات الى موجه حقيقي وقائد فكري يمهد الطريق الثقافي السليم ويوضح الجوانب السلبية والآفات الثقافية التي من الممكن ان تأكل عقل المتلقي، ليكملوا على اثره المسير الثقافي بالصورة التي يضمن جيل واعي يدرك المسؤولية الفكرية والتطور الثقافي ويعمل بكل ما اوتي من العلم والثقافة لتقديم الرسالة التي خلقه الله من اجلها.
ولعل أفضل منبر لتوجيه الفئات الشبابية هي الجامعة، فهل الجامعات في العراق تعتبر مؤسسات منتجة للثقافة؟ وتتحمل مسؤولية انتاج نوع من الحراك الثقافي والفكري السليم في الساحة؟ وقادرة على توجيه الشباب الى الطريق الثقافي السليم؟
للتعمق أكثر حول دور الحراك الثقافي في الاوساط الجامعية كان لموقع بشرى حياة حوار مع "مشتاق عبد الرحيم" دكتور في جامعة كربلاء/كلية الإدارة والاقتصاد، حيث قال:
"ترتبط الجامعة بالثقافة ارتباطاً وثيقاً حيث بالإمكان عدها أكبر مركز ثقافي. وهناك الكثير من الناس يشير الى أساتذة الجامعات وطلبتها بأنهم "الطبقة المثقفة" في المجتمع. وعلى هذا الاساس يجب ان تكون الجامعة بالإضافة إلى كونها مصنع العلماء يجب ان تكون أيضاً "مصنع المثقفين" فما أروع ان يكون الطبيب والمهندس والأستاذ والاقتصادي وغيرهم مثقفين قلبا وقالبا.
لهذه الأسباب وغيرها التي لا مجال لذكرها هنا، من الواجب المناط على أساتذة الجامعات الحفاظ والاستمرار بجعل الجامعة مركزا للعلوم والمعرفة والثقافة وذلك عن طريق استخدام مختلف الأساليب متوافقة مع طبيعة الطلبة الموجودين في الجامعة أو الكلية فمنها ما يتطلب فتح مادة خاصة لمرحلة معينة أو أكثر ومنها ما هو يكفي لعمل ندوات متفرقة هنا وهناك.
وأضاف:
أما الأسلوب الأفضل برأيي كون الجامعة يجب ألاّ تختصر على إعطاء المادة العلمية فحسب بل تكون مهرجانا للمعرفة على طيلة أيام السنة وبأوقات وأزمنة مختلفة. فهناك الكثير من الأعمال والأفكار التي تستطيع ان تقدمها الجامعة بأساليب عصرية وهادفة وأغلبها لا تكلف الجامعة أي مبالغ تذكر، فمنها على سبيل المثال لا الحصر:
-مهرجان "أسبوع الثقافة الجامعي".
-مهرجان "القصة القصيرة".
-مسابقة أفضل "قصة أو عبرة تاريخية".
-مهرجان "تبادل الثقافات بين المحافظات أو الدول".
-مهرجان "أفضل تجربة ثقافية برأيك".
وغيرها الكثير كما هو معلوم لديكم.
مع ملاحظة انه من المهم في مثل هذه المواضيع اختيار الاشخاص المناسبين لهذه المهام، على شرط ان يكونوا مختصين لجلب الطلبة بطريقة لائقة ولطيفة وطرق مغرية وبأسلوب عصري يحاكي لغتهم، بدلاً من نفورهم من بعض المواضيع الجدلية والعقيمة التي تطرح دون جدوى ولا تعالج أي مشكلة من مشاكل الشباب، لتكن هذه الامو عاملاً مهماً لتوضيح الثقافة الإسلامية الصحيحة والتي تغيب عن أفهام معظم شبابنا، للأسف الشديد حيث يتوقع الكثيرون هذا اليوم بأن ممارسة الفعاليات الثقافية بمعنى الغناء والطرب والرقص وغيرها والعياذ بالله في داخل الحرم الجامعي.
اذا ان هذه الفعاليات والأنشطة لها فوائد كثيرة منها زيادة الثقافة لدى كل من الطالب والاستاذ من جهة وإلغاء الملل والتحفيز على مواظبة الدوام لكل من الطالب والاستاذ من جهة أخرى. فضلاً عن رفع المكانة الاجتماعية للجامعة التي تقدم مثل هذه المهرجانات كل عام."
كما ان "غربلة الأفكار والرؤى لا تنافي مبدأ حرية الفكر، بل التفكير يعني قوة الغربلة وتمييز الصحيح عن غيره. ومتى كان الإنسان فاقدا لقوة تمييز الصحيح عن غيره فقد التفكير من أساسه، إّذ يغدو عمله جذب الأفكار لا التفكير".
اضافةتعليق
التعليقات