مع تطور العلم وفتح الفروع الدراسية المختلفة وتعدد الاختصاصات العلمية وتوسعة المقاعد الدراسية تجد أمنية العائلة الشرقية ان ينال ولدها مقعدا في كلية الطب!.
فقد شغل السلك الطبي عند العرب المرتبة الاولى من حيث السمعة، فترى الطالب وعائلته يسعيان بشتى الطرق كي يدخل الطالب هذا المجال، مع العلم هنالك تخصصات تجني اضعاف ما يجنيه الطبيب وبجهد عقلي وعضلي اقل.
فهل يستحق هذا الفرع الدراسي ان يعيره الناس كل هذا الاهتمام؟ وهل يعتبر السلك الطبي هو السلك الأهم في الدولة؟
بلا شك لا يمكننا التغاضي عن هذه المهنة الإنسانية العظيمة التي في وسعها انقاذ حياة البشر، ولكن عندما يتجرد الانسان من مواهبه الشخصية وينفرد بهذا العمل ليس لأنه يحبه بل من اجل المال والسمعة هنا نستطيع ان نجزم بأنه يدفن طاقاته ليغدو على أثره كالروبوت، يمارس الطب حتى يجني المال ويعيش.
ولو تعمقنا أكثر في جزيئيات هذا الموضوع سنجد أكبر البلدان العالمية تعتبر حواضن لأطباء الشرق، فلو سألنا أنفسنا لماذا الغرب لا يولون كامل اهتمامهم بهذا المجال مثل العرب ويحاولون قدر الإمكان استقطاب الأطباء من باقي الدول؟.
بلا شك ستجد الجواب بأن عباقرة الغرب التهوا بأمور أعظم من ذلك، ومازال البديل موجودا فلا بأس بالاستعاضة به وبما ان الشرق يفيض بالأطباء الذين يتمتعون بعقول خارقة، ستجد الدول الغربية تقدم المغريات المطلوبة لهم ولعوائلهم من حيث الإقامة والسكن والتخصصات، حتى يستقروا هناك ويقدموا خدماتهم التي اكتسبوها من الشرق الى الغرب على اطباق من ذهب، بينما الغرب يفرغ جل تركيزه على الجانب السياسي والعسكري والاقتصادي والتكنولوجي... الجانب الذي ليس من شأن الشرق التقدم فيه.
ونسمع كثيرا بأن الطبيب العراقي وصل الى الرتبة الفلانية وحصل على امتياز في الدولة الغربية، ولكن هل سمعنا يوما بأن هنالك محلل اقتصادي او ناشط في السلك العسكري عربي الأصل قد نال شرف الارتقاء في الغرب؟
الجواب لا، لأن هذه التخصصات تحتاج الى طاقات حية، بالإضافة الى عقول فذة، وانتماء عميق وروح وطنية عالية، هذا وناهيك عن الحس بالمسؤولية تجاه الأرض والدين!
فأين نحن من كل هذا؟ وهل لدينا اكتفاء ذاتي بالمجالات الدراسية والفروع العلمية الأخرى؟ وهل نملك اهتماما لباقي التخصصات بنفس اهتمامنا للاختصاص الطبي؟
في الحقيقة نحن اليوم نأخذ دور المتفرج في الساحة الذي يكتفي بالنظر الى الطاقات والعقول وهي تتصدر الى الخارج بينما دولتنا هي بأمس الحاجة لها، تاركين باقي التخصصات مغلقة على نفسها ومذمومة السمعة فقط لأن بعض الناس قد قيموا الطب على انه الأعلى وباقي الاختصاصات هي الادنى ولكن على أي أسس تقييمية لا ادري!.
كل إنسان يمتلك طاقات ومواهب يختلف به عن شخص اخر، وبعض هذه الطاقات عندما تصقل تتحول الى ابداع حقيقي يحتاج الى ان يطبق على ارض الواقع، ولكن عندما لا تجد هذه الطاقات الى حواضن حقيقية وجهات خاصة ترعاها من الممكن ان تشل.
كما إن الانسان نفسه يجب ان يسعى دائما الى التطوير واختيار المجال الأكاديمي الذي يتناسب مع ميوله الشخصية..
والدولة الناجحة تنشأ باركان قوية وثابتة، واي خلل في أركانها من الممكن ان يسبب ثغرة كبيرة يؤدي بالدولة وأهلها.
والإسلام يحتاج دائما الى طاقات مختلفة ودماء جديدة، فمجرد الانتماء الى هذا الدين العظيم يوجب علينا حس المسؤولية بالعمل الدائم والدخول الى المجالات التي تنمي الانسان وتعمق جذور العقيدة لديه، وتوسع من دائرة الدين في الساحة، فهل نحن حقا مدركين لعمق المسؤولية تجاه الإسلام؟.
اضافةتعليق
التعليقات