ذات صباح قُدِمتْ شكوى قضائية من حرف الضاد الى قاضي الحروف مدعيا ظلم أخيه الظاء لكونه أخذ مكانه في العديد من الكلمات وبالمقابل قدم الثاني ايضا شكوى الى القاضي يشكو ظلم الضاد واخذ مكانه مدعيا بأنه واثناء تجواله في الشوارع ومواقع التواصل شاهد لافتات فيها كلمات يجب ان يكون هو فيها فوجد اخيه الضاد قد تربع بمكانه ككلمة (حض... لحضة... مضاهرات... الخ).
لكن قاضي الحروف وقف حائرا ازاء هذة القضية!
فمن الظالم ومن المظلوم؟.
لغة الضاد
سميت اللغة العربية ب ”لغة الضاد” لأنه الحرف الوحيد الذي يوجد باللغة العربية ولا يوجد في أي لغة أخرى على مستوى العالم، كما أن العرب هم أفصح من نطقوا حرف” الضاد”، فمن المعروف أن حرف ”الضاد” من الحروف التي يصعب نطقها، فالقبائل العربية أتسمت بقدرتها على نطق حرف” الضاد” بسهولة دون الشعور بالمعاناة، كما أن الأشخاص الذين لا يتحدثون العربية وجدوا صعوبة كبيرة في إيجاد صوت بديل يعبر عن حرف” الضاد” في لغاتهم.
لكن العرب لم يطلقوا على اللغة العربية” لغة الضاد” في العصر الجاهلي أو في عصر صدر الإسلام، لأنهم لم يدركوا أنهم الشعب الوحيد القادر على نطق حرف” الضاد” بسهولة ويسر عن غيرهم من الشعوب، ولكن ظهرت أهمية حرف” الضاد” عندما عجز العجم عن نطق حرف ”الضاد” أثناء قيام المسلمون بتعليمهم قواعد اللغة، ومن هنا بدأ اهتمام العرب بحرف ”الضاد”، وبدأ العرب يجرون دراسات عليه من أجل التعرف على السر وراء عدم قدرة العجم على نطقه، وفي نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث ظهر مصطلح ”لغة الضاد”، وفي تلك الفترة ظهر عدد من علماء اللغة أهمهم الخليل وسيبويه والأصمعي، الذين اهتموا بدراسة اللغة العربية وحروفها، وقال سيبويه: يعتبر حرف” الضاد” أحد الأصوات غير المستحسنة ولا الكثيرة في اللغة، ومن لا يستطيع نطق حرف ”الضاد” بطريقة صحيحة لا يمكنه قراءة القرآن والشعر بطريقة صحيحة، فبعض العجم يخلطون بين حرف الظاء والضاد، لذا ألف بعض اللغويين رسائل للتميز بين حرفي”الضاد” و"الظاء".
أهمية اللغة العربية
اللغة العربية، هي أحدى اللغات السامية التي انتشرت بشكل كبير في العالم، ينطق بها أكثر من 244 مليون نسمة، أشتهر بها الوطن العربي بالإضافة إلى بعض البلاد الأخرى مثل تركيا ومالي وتشاد والسنغال، استمدت اللغة العربية أهميتها وقيمتها العالية عند الكثير من الشعوب، لأنها لغة القرآن الكريم كما أنها المسلمين يستخدمونها في أداء الصلاة وتلاوة القرآن وغير ذلك من العبادات التي لا يمكن أن تؤدى إلا بها، كما أن اللغة العربية هي لغة الشعائر الدينية في الكنائس والأديرة، فمعظم الأدباء والمفكرين استخدموا اللغة العربية لكتابة الأعمال الدينية في العصور الوسطى، وعندما جاء الإسلام وأنتشر بشكل كبير ارتفعت مكافأة اللغة العربية، وأصبحت لغة الأدب والعلم والسياسة لقرون طويلة خاصة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت اللغة العربية بشكل كبير على اللغات الأخرى التي كان ينطق بها بعض الأراضي التابعة للعالم الإسلامي، مثل الفارسية والكردية والماليزية والتركية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية مثل السواحيلية والهاوسا، فجميع الدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي تدرس اللغة العربية بمدارسها بشكل رسمي أو غير رسمي.
يوم الثامن عشر من ديسمبر
تعد اللغة العربية من اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة، ويحتفل باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر، وهو اليوم الذي اعتمدته فيه اللغة العربية بين لغات العمل بالأمم المتحدة، تحتوي اللغة العربية على 28 حرف مكتوب، ويرى بعض اللغويين إنه يجب إضافة حرف الهمزة إلى باقي الحروف، ليصبح عدد الحروف 29 حرفا، وتكتب العربية من اليمين للشمال مثل العبرية والفارسية، كما أن اللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، فمعجم لسان العرب لابن منظور يحتوي على أكثر من 80 ألف مادة.
المشاكل التي تعاني اللغة العربية
في وقتنا الحاضر بدأت اللغة العربية تعاني الكثير من المشكلات التي قد تؤدي الى ضعفها وأضاعتها وكانت لنا هذه الوقفة مع الاستاذ عبود جودي الحلي رئيس قسم اللغة العربية/ جامعة كربلاء حيث اكد قائلا،من أهم الأسباب التي أدت الى ضعف اللغة العربية في عصرنا الحديث.
حيث نجد اهتمامًا ملحوظًا -في العالم العربي- بتعليم اللغات الأجنبية وتعلمها - خصوصًا اللغة الإنجليزية - ويتم ذلك بداية من مرحلة رياض الأطفال، وأؤكد - هنا – أنني لست ضدّ تعليم اللغات الأجنبية وتعلمها، بل إن ذلك يصل في بعض الأحيان إلى درجة الضرورة، أو الفرض الكفائيّ، ولكن المؤسف أن يكون ذلك قبل نضج التلاميذ، وتمكنهم من لغتهم الأصلية، مما يحدث لهم ارباكا في اتقان اللغة العربية.
وكان لشيماء الدليمي طالبة ماجستير للغة العربية/ جامعة بغداد معللة الأثر السيئ في ضعف اللغة، في بعض الأقطار العربية، حيث حوربت اللغة العربية في البلاد العربية الواقعة تحت نير الاستعمار الأجنبيّ سنين طويلة، وفرضت لغة البلد المستعمر، ممّا أدى إلى دخول مصطلحات غريبة على اللغة العربيةّ، هي في الأصل كلمات ومصطلحات لهذا البلد المستعمر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أدّى ذلك أيضاً إلى ضعف اللسان العربي، وشيوع الألفاظ العامية بدلاً من الألفاظ الفصيحة، ولا ننسى انصراف قسم لا بأس به من أبناء الأمة عن العلم؛ ركوضاً خلف المادة، فهذه أيضاً لها أثر نسبيّ في ضعف اللسان العربي، وكذلك انصراف النّاس عن المطالعة والكتابة إلى مشاغل الحياة، ومتعلّقاتها المختلفة على حساب الاهتمام بالكتاب كقيمة، وعادة حضاريّة سليمة، تعبّر عن وعي صاحبها.
مشاكل وحلول
سلط الاستاذ والاعلامي كرار الشمري على اهم مشكلة تعاني منها لغتنا اليوم في تاريخنا الحديث الا وهي الخلط بين الضاد والظاء وعدم التفريق بينهما مع تبيان الحلول التي وضعت لحل هذه المشكلة متحدثا عنها:
مشكلة إملائية يُعاني منها الدارس والمتعلم فضلا عن عامة الناس، ألا وهي مشكلة الضاد والظاء، فهذان الحرفان يمكن حصر الفرق بينهما بأمرين اثنين؛ الأول الفرق بالنطق بينهما، والثاني الكتابة.
أما الفرق الأول وهو النطق، فعند النطق بالضاد لا يخرج الهواء أو بتعبير آخر مخرجها من إحدى حافتي اللسان ممّا يلي الأضراس وخروجه من الجانب الأيسر أكثر من الأيمن علمًا أنه يرسم شبيهًا بالصاد. أما صوت الظاء فيخرج من مقدمة اللسان مع أطراف الثنايا العليا قرب اللثة ويرسم شبيها بالطاء.
وأما الفرق الثاني وهو الكتابة فقد وضع أهل اللغة حلولا له منها:
ـ أن يحفظ الطالب الذي يدرس العربيّة الكلمات التي تكتب بالظاء حصرًا؛ لأنها قليلة، وأقل كثيرًا من الكلمات التي تكتب الضاد، علمًا أن هذا الحل يعد شاملًا لهذه المشكلة.
ـ أما الحل الآخر فيتمثل في طريقة استعمال الكلمة فإذا استعملت استعمالًا حقيقيًا كتبت بالضاد، وان استعملت استعمالا مجازيًا كتبت بالظاء، ومن ذلك:
ـ فاض النهر، أي: فاض عن حده وازداد. ونقول: فاظتْ روحه، أي: خرجت.
ـ عضّ الذئب الولد. عضّ معناه هنا الإمساك على الشيء بالأسنان. ونقول أيضا: عظّه الدهر. أي بمعنى الشدّة.
وهناك كلمات إذا كتبت بالضاد لها معنى مغاير عن معناها إذا كتبت بالظاء، منها:
البيض للحيوانات جميعها وأما البيظ فللنمل فقط.
ضلّ تاه وأما ظلّ فمعناها بقي.
ضن بخل وأما ظن شك.
المرض العلة والمرظ الجوع الشديد.
التقريض صناعة الشعر، والتقريظ المديح.
حضر جاء، حظر منع.
حفض ألقى، حفظ المنع من الضّياع.
الفضّ التفرقة، الفظ سيء الخُلق.
اضافةتعليق
التعليقات