في الآونة الاخيرة شهدنا دخول جديد لبعض المصطلحات الى قاموس الشارع العربي، وابرزها "الريجيم" او الدايت الذي كان الغرض الاول منه هو انتشال العالم من مشكلة زيادة الوزن او السمنة.
فباتت السمنة هي الكابوس الذي يلحق الناس اينما ذهبوا، والمنقذ الوحيد او(السوبرمان) لحل هذه المشكلة هو الريجيم، والذي يتمثل بنظام غذائي يحدد مقدار تناول الوجبات الغذائية بكميات محددة، من اجل الحفاظ على جسم رشيق وصحة جيدة.
فيتم ذلك من خلال جدول غذائي يتم عن طريق تحديد نوع وكمية الغذاء المتناول، للحفاظ على سلامة الجسم ورشاقته، كما ان هنالك فئة من الناس يخضعون لعمليات جراحية ويتناولون ادوية واعشاب من اجل انقاص الوزن بأية طريقة، للوصول الى الوزن المثالي الذي يعكس جمال الهندام الخارجي!.
جميعنا متفقون بأن الاهتمام بالمظهر بات من ضروريات العصر، واحد مدلولات الثقة بالنفس والتطور، فبقدر ما يحتاج الجسم للخضوع الى العمليات الجراحية والريجيم القاسي للوصول الى المظهر المطلوب والوزن المثالي، العقل ايضاً يحتاج الى ريجيم فكري!.
العقل كالمعدة تماماً، عندما تواضب على ان لا تأكل سوى الأكلات التي تحتوي على سعرات حرارية قليلة ووجبات مفيدة، في نفس الوقت لا بأس ان تطبق ذلك على عقلك ايضاً، فمثلاً لو وجدت امامك ثلاثة صحون من الطعام، الاول صحن كبير جداً يحتوي على شرائح (همبرغر غارق بالدهن) والثاني صحن متوسط يحتوي على (الرز، والدجاج الناشف)، والصحن الثالث صغير وفارغ تماماً لا يحتوي على شيء، اي واحد ستختار؟ مع العلم انت تخضع لريجيم غذائي من اجل صحة جسمك.
لو كنت مكانك سأختار الصحن الثاني المتوسط اي (الرز والدجاج الناشف)، لأن الصحن الاول (همبرغر غارق بالدهن) كبير جداً علي وغير صحي تماماً ولا يناسب جدولي الغذائي، اما الصحن الثالث فهو صحن صغير وفارغ، ومن غير المعقول ان اختار صحنا فارغا وابقى اتضور جوعاً!، لهذا السبب وجدت الصحن الثاني هو انسب لجدولي الغذائي.
ماذا لو شبهنا الموضوع بالعقل؟، كقراءة الكتب مثلاً!، امامك ثلاثة كتب، احدهم ضخم جداً ربما يتراوح صفحاته الى 800 صفحة ولكن محتواه فقير جداً، اي لا يحتوي على معلومات مهمة!، وكتاب آخر متوسط الحجم ربما 200 صفحة، ولكنه غني بالمعلومات والافكار المهمة، وكتاب اخر صغير جداً ربما 10 صفحات فقط!، ولكنه فارغ، صفحاته العشرة هي صفحات بيضاء تماماً..
حينها ماذا كنت ستختار؟!، انا سأختار الكتاب ذي الحجم المتوسط والمعلومات الغزيرة، لأني لم انسَ ريجيمي الغذائي لعقلي.. وفي نفس الوقت لا اقدر ان اُدخل في عقلي معلومات غير مفيدة وبكميات كبيرة، يعني لا استطيع ان اقرأ كتاب يحتوي على 800 صفحة ولايزودني بفكرة جديدة او معلومة مهمة واخرج منه فارغ اليدين!، واما الخيار الثالث فهو خيار وهمي، ماذا سأفعل بكتاب صفحاته بيضاء؟، اذن بلاشك سأختار الكتاب الثاني لكي اتمكن من الحفاظ على سلامة فكري بأخذ وجبات قليلة ومفيدة.
لأن الموازنة في عملية ادخال المعلومات الى العقل هي عملية مهمة جداً، تحافظ على صحة العقل، وتضمن لنا سلامة الفكر، فمادمنا نعيش في عصر تغزونا المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة من حيث لا نعلم، علينا اذن ان نتقن فن الانتقاء!، يعني ان نكون ذواقين في اختيار المعلومات التي سندخلها الى عقلنا.
لأن المعلومات التي تدخل الى العقل، ستنموا وتتزاوج وتخضع الى تحليل وتفسير وتساؤلات كثيرة.. اذن من اجل الحفاظ على صحة العقل ورشاقة الفكر من المهم جداً الالتفاف الى نوعية المعلومات التي تدخل عقلنا، لتلافي المشاكل الصحية والاعراض الجانبية التي من الممكن ان تواجهنا في حال تناولنا معلومات تضر بصحة العقل.
اضافةتعليق
التعليقات