يتم الاحتفال بيوم الشاي العالمي سنوياً في الواحد والعشرين من مايو ويعد يوما عالميا للشاي، ويراد بهذا اليوم تعزيز الاجراءات الجمعية لتنفيذ الانشطة الداعمة لانتاج الشاي واستهلاكه على نحو مستدام، وكما نعلم تتعدّد المشارب في سِفر الحياة، وتختلف المذاقات بتنوّع الثقافات، لكنّ قليلاً منها ما يمتلك سحراً يتجاوز مجرد كونه مشروباً، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والوجدان الشعبي. ومن بين هذه القلّة، يتربّع الشاي على عرش القلوب في العراق، ليس لأنه مجرّد منبّه خفيف أو رفيق صباحي، بل لأنه قصة عشق تتوارثها الأجيال، وحكاية أصالة تتجلّى في كلّ رشفة.
الشاي: أكثر من مجرد أوراق ونقيع
الشاي ليس مجرد أوراق جُفّفت ونُقِعت في الماء الساخن. إنّه طقس يومي، وعادة متأصّلة، وفنّ يتقنه الكثيرون. تبدأ الحكاية من طريقة إعداده، فلكل بيت أسراره، ولكل ربّة منزل لمستها الخاصة. يفضّل البعض الشاي الثقيل ذو اللون الداكن الذي يسمّونه "أحمر"، دلالة على قوّته وتركيزه.
ولا يقتصر الشاي على نوع واحد أو طريقة تحضير محدّدة؛ فهناك الشاي الأسود التقليدي، الذي يُعدّ سيّد الموقف، وهناك أيضاً الشاي الأخضر، الذي بدأ يجد طريقه إلى الموائد العراقية، وإن كان أقل شيوعاً من نظيره الأسود.
رمز اجتماعي وثقافي
يمثّل الشاي في العراق محوراً للعديد من التجمعات، سواء كانت عائلية أو اجتماعية. فما إن يحلّ الضيف حتى يكون الشاي هو أول ما يُقدَّم له، تعبيراً عن الترحيب وكرم الضيافة. يجتمع حوله الأصدقاء في المقاهي الشعبية، التي لا تزال تحتفظ برونقها وعبق تاريخها، ليتبادلوا الأحاديث والهموم والأفراح. هو رفيق الجلسات الأدبية، وشاهد على النقاشات الفكرية، وصديق اللحظات الهادئة للتأمّل.
وفي كل بيت عراقي، يمثّل "استكان" الشاي جزءاً أساسياً من الروتين اليومي. يُشرب في الصباح الباكر ليمنح الجسم النشاط، وفي الظهيرة بعد وجبة الغداء ليساعد على الهضم، وفي المساء ليختتم اليوم بهدوء. هو المشروب الذي يجمع العائلة على مائدة واحدة، والذي يكسر حواجز الصمت ويشجّع على التواصل. ويُعتبر رمزاً للأصالة وذاكرة الأجداد.
رمز للهوية والذكريات
تتجاوز أهمية الشاي في العراق كونه مشروباً إلى كونه رمزاً ثقافياً يحمل في طيّاته الكثير من الأصالة وعبق الماضي. يذكّرنا الشاي ببيوت الأجداد، وبجلساتهم الدافئة التي كانت تملؤها الحكايات والأغاني. هو جزء من الذاكرة الجماعية للشعب العراقي، وشاهد على صموده وقدرته على التكيّف مع الظروف الصعبة.
في الشاي العراقي، تتجلّى بساطة الحياة وجمال التفاصيل الصغيرة. هو دعوة للتوقّف عن صخب الحياة، والتأنّق في الاستمتاع بلحظة من الهدوء والسكينة. هو دعوة لإعادة التواصل مع الذات ومع الآخرين، في عالم بات يفتقر إلى هذه اللحظات الأصيلة.
أضرار محتملة للشاي عند الإفراط
ولكن إدمان الشاي يمكن أن يكون له أضرار ومخاطر صحية، خاصةً عند تناوله بكميات كبيرة جداً أو بطرق غير صحيحة. فالشاي يحتوي على الكافيين ومواد أخرى مثل التانينات التي يمكن أن تؤثر على الجسم.
الأرق واضطرابات النوم: الكافيين مادة منبّهة تؤثر على الجهاز العصبي، والإفراط في تناوله قد يسبب الأرق وصعوبة النوم، خاصةً إذا تم شرب الشاي قبل النوم.
الصداع: على الرغم من أن الشاي قد يساعد في تخفيف الصداع في بعض الحالات، إلا أن الإفراط في تناوله يمكن أن يسبب الصداع المتكرر أو يفاقمه.
أعراض الانسحاب: يمكن أن يعتاد الجسم على الكافيين، وعند التوقف عن تناوله، قد تظهر أعراض انسحاب مثل التعب، التهيّج، والصداع.
التأثير على امتصاص العناصر الغذائية: يحتوي الشاي على التانينات التي تعيق امتصاص الحديد من الطعام، خاصةً الحديد الموجود في المصادر النباتية، مما يزيد من خطر الإصابة بفقر الدم. لذا يُنصح بتناول الشاي بعد ساعتين على الأقل من الوجبة.
جفاف الجسم: الشاي مدرّ للبول، والاستهلاك المفرط قد يؤدي إلى زيادة التبوّل، مما قد يسبّب الجفاف إذا لم يتم تعويض السوائل بشكل كافٍ.
صبغ الأسنان: خاصةً الشاي الأسود، يمكن أن يسبّب تلوناً واصفراراً للأسنان مع مرور الوقت.
الكمية الآمنة:
بشكل عام، يُعتبر تناول 3-4 أكواب من الشاي يومياً بكميات معتدلة آمناً لمعظم الأشخاص. وتجاوز هذه الكمية بشكل كبير قد يؤدي إلى ظهور الأضرار المذكورة أعلاه.
اضافةتعليق
التعليقات