إن مجمل الخصائص المشتركة المفروضة من قبل الوسط المحيط والوراثة على كل أفراد شعب ما تُشكل روح هذا الشعب.
وبما أن هذه الخصائص ذات أصل عائد إلى الأسلاف فإنها ثابتة جداً. ولكن عندما يحدث أن يتجمهر مؤقتاً عدد كبير من الأفراد بتأثير من عوامل عديدة، فإن الملاحظة العيانية تبين لنا بأنه تنضاف إلى خصائصهم السلفية الموروثة مجموعة أخرى من الخصائص الجديدة مختلفة أحياناً إلى حد كبير عن خصاص العِرق الذي ينتسبون إليه..
لقد لعبت الجماهير في التاريخ دوراً مهماً، ولكنها لم تلعب هذا الدور بنفس حجم الاهمية الذي تلعبه اليوم..
فالعمل اللاواعي للجماهير يُمثل (بعد أن يحل محل الفعالية الواعية للأفراد) إحدى خصائص العصر الحالي.
كتاب المناقشة لنادي أصدقاء الكتاب لهذا الشهر كان ذو طابع مختلف هذه المرة وهو بعنوان "سيكولوجية الجماهير" للكاتب غوستاف لوبون وهو من الكتب الأكثر مبيعاً في العالم.
حيث تناولت المشتركات دور المناقشة للكتاب وربط مادار فيه بواقعنا الحالي وكيف يكون للجمهور التأثير على كل الاصعدة..
فالكتاب مكون من ثلاثة كُتب كل كتاب مُكون من عدة فصول جاء في:
"الكتاب الاول" الذي احتوى على فصول منها:
الفصل الاول "الخصائص العامة للجماهير"
حيث ان كلمة الجمهور تعني في معناها العادي تجمعاً لمجموعة لا على التعيين من الافراد، أياً تكن هويتهم القومية أو مهنتهم أو جنسهم، وأياً تكن المصادفة التي جمعتهم.
إذ أن ليس من السهل دراسة روح الجماهير، وذلك لأن تركيبتها تختلف ليس فقط بحسب العرق البشري وتشكيلة الجماعات، وإنما بحسب طبيعة المحرضات التي تتعرض لها ودرجة قوتها.
وأما الفصل الثاني "عواطف الجماهير وأخلاقياتها"
يتناول معرفة الخصائص الأساسية الواحدة بعد الأخرى، هذه الخصائص التي تسهل ملاحظتها لدى معظم أنواع الجماهير.
وهي:
١- سرعة انفعال الجماهير وخفتها ونزقها
٢- سرعة تأثر الجماهير وسذاجتها وتصديقها لأي شيء
٣- عواطف الجماهير: تضخيمها وتبسيطها
٤- تعصب الجماهير واستبداديتها ونزعتها المحافظة
٥- أخلاقية الجماهير
وجاء الفصل الثالث "أفكار، محاجات عقلية، مخيلة الجماهير" بفروعه
١- أفكار الجماهير
تقسم الافكار إلى فئتين: في الفئة الأولى نضع الأفكار الطارئة والآنية العابرة التي تتشكل تحت تأثير اللحظة. نضرب على ذلك مثلاً الانبهار بفرد ما أو بعقيدة ما..
ونضع في الفئة الثانية الافكار الأساسية التي تقدم لها البيئة والوراثة والرأي العام استقراراً كبيراً.
٢- المحاجات العقلية للجماهير
لا يمكننا القول بشكل مطلق أنه لايمكن التأثير على الجماهير بواسطة المحاجات العقلية. ولكن الحجج التي تستخدمها وتلك التي تؤثر عليها تبدو من وجهة النظر المنطقية جداً متدنية إلى حد أنه لايمكننا وصفها بالعقلانية إلا عن طريق القياس والتشبيه..
٣- خيال الجماهير
إن الخيال الخاص بالجماهير، كخيال كل الكائنات التي لا تفكر عقلانياً، مُهيأ أن يتعرض للتأثير العميق، فالصور التي تثيرها في نفوسهم شخصية ما أو حدث ما أو حادث ما لها نفس حيوية وقوة الاشياء الواقعية ذاتها..
وأما الفصل الرابع "الأشكال الدينية التي تتخذها كل قناعات الجماهير"..
إن قناعات الجماهير تتسم بهذه الخصائص من الخضوع الأعمى، والتعصب العنيد، وحب الدعاية العنيفة الملازمة لكل عاطفة دينية، فالبطل الذي تُصفق له الجماهير هو بالفعل إله بالنسبة لها.
وقد احتوى الكتاب الثاني بفصوله:
الفصل الاول "العوامل البعيدة المشكلة لآراء الجماهير وعقائدها"
إن العوامل التي تحدد آراء الجماهير وعقائدها ذات نوعين:
الاول: عوامل بعيدة
الثاني: عوامل قريبة أو مباشرة
الفصل الثاني "العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير"
١- الصور والكلمات والعبارات (أو الشعارات)
٢-الاوهام
٣- التجربة
٤- العقل
وكان الفصل الثالث حول "محركو الجماهير، ووسائل الإقناع التي يمتلكونها"..
١- محركو الجماهير
ما إن يتجمع عدد ما من الكائنات الحية، سواء أكان الأمر يتعلق بقطيع من الحيوانات أو بجميع من البشر، حتى يضعوا أنفسهم بشكل غريزي تحت سلطة زعيم ما، أي محرك للجماهير أو قائد.
ونلاحظ أن القائد يلعب دوراً ضخماً بالنسبة للجماهير البشرية.
٢- وسائل العمل التي يستخدمها المحركون أو القادة: التأكيد، التكرار والعدوى.
٣- الهيبة الشخصية
إذا كانت الآراء المنتشرة عن طريق التأكيد والتكرار والعدوى تمتلك قوة كبيرة، فذلك لأنها تمتلك تلك القوة السرية المدعوة بالهيبة والاحترام.
الفصل الرابع "محدودية تغير كل من عقائد الجماهير وآرائها"
1_ العقائد الثابتة
هناك تشابه وثيق بين الخصائص التشريحية للكائنات وخصائصها النفسية. وفي الخصائص التشريحية نجد بعض العناصر الثابتة أو القليلة التغير جداً إلى حد أنه تلزمنا مدة العصور الجيولوجية لكي نغيرها.
2_ الآراء المتحركة للجماهير
وفوق العقائد الثابتة والراسخة تتموضع طبقة سطحية من الآراء والأفكار والخواطر التي تولد وتموت باستمرار.
ومدة دوام بعضها مؤقتة جداً، وأكثرها أهمية لا تتجاوز مدتها حياة جيل واحد.
وختاماً الكتاب الثالث الذي يتناول بالفصل الأول "تصنيف الجماهير"
يمكن تقسيم فئات الجماهير المختلفة التي نستطيع العثور عليها لدى كل شعب على الطريقة التالية:
أ- جماهير غير متجانسة.
١- جماهير مغفلة (كجماهير الشارع مثلاً).
٢- جماهير غير مغفلة (كهيئات المحلفين، والمجالس البرلمانية، إلى آخره).
ب- جماهير متجانسة وهي:
١- الطوائف (الطوائف السياسية، الطوائف الدينية، الخ).
٢- الزمر (زمرة عسكرية، زمرة كهنوتية، زمرة عمالية، الخ).
٣- الطبقات (الطبقة البورجوازية، الطبقة الفلاحية، إلخ).
الفصل الثاني "الجماهير المدعوة بالمجرمة"
إن جرائم الجماهير ناتجة عموماً عن تحريض ضخم، والأفراد الذين ساهموا فيها يقتنعون فيما بعد بأنهم قد أطاعوا واجبهم.
الفصل الثالث "محلفو محكمة الجنايات"
إن المحلفين يبرهنون على ضعف أهميتهم فيما يخص المستوى العقلي لمختلف العناصر التي تشكل جمهوراً ما، وذلك من وجهة نظر القرارات المتخذة.
الفصل الرابع "الجماهير الانتخابية"
إن الجماهير الانتخابية، أي الجماعات المدعوة لانتخاب المسؤولين عن بعض المراكز والمناصب، تشكل جماهير غير متجانسة. والصفات الأساسية التي تتجلى لديها هي بشكل خاص: ضعف القابلية للتفكير العقلاني، انعدام الروح النقدية، النزق وسرعة الغضب، السذاجة وسرعة التصديق، التبسيطية. ونعثر أيضاً في قراراتهم على تأثير القادة المحركين وعلى دور العوامل: كالتوكيد والتكرار والهيبة الشخصية والعدوى.
الفصل الخامس "المجالس النيابية"
إن المجالس النيابية تشكل جماهير غير متجانسة وغير مغفلة (أي معروفة أسماء أعضائها، فهم نواب) وعلى الرغم من اختلاف طرأ انتخابها طبقاً للعصور والشعوب فإنها تتشابه كثيراً بصفاتها وخصائصها.
وقد تناقشن المشتركات بتفاصيل الكتاب وكانت آراءهن ايجابية حوله وخُتمت الجلسة بالاستفادة.
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات