انتشر في السنين الأخيرة موضوع العقل الباطن وتأثيراته على حياة الإنسان وعلى شخصية الفرد وقد تم اصدار العديد من الكتب بخصوص هذا الموضوع إضافةً إلى الكثير من المحاضرات والدورات التي تنمي عند الفرد قابلية تفعيل العقل الباطن حتى اتضح لنا أنهُ يحقق المستحيل.
وبهذا نرى الأغلب ممن يصبح لديهم هوساً في الاطلاع والتطبيق منهم من يؤيد هذا الموضوع ومنهم من ينفي وجود هكذا أمر بالرغم من الدراسات العديدة التي أُجريت وطُبِقت. ولهذا فقد طرح موقع (بشرى حياة) السؤال التالي على بعض أفراد المجتمع المهتمين وأصحاب الاختصاص.
مامدى تأثير قوة العقل الباطن على الفرد؟ وهل لك تجربة بتفعيله؟
وقد كان للكاتبة والمدربة في التنمية البشرية في العتبة الحسينية المقدسة زهراء المرشدي رأياً وكان كالتالي: يمكن التعبير عن العقل الباطن بأنه تلك المساحة الذهنية التي تقوم بتخزين الخبرات السابقة من محسوسات ومشاعر وأفكار بغية اللجوء لها وقت الحاجة لتكوين صورة أو التعامل مع تجربة معينة، بالتمعن في تأريخ نشوء هذا المفهوم فإنه من المفاهيم الحديثة القديمة، إلا أن أول من بلوره كمفهوم علمي هو العالم النمساوي سيجموند فرويد وهو طبيب أعصاب ومحلل نفسي استطاع أن يضع أساسيات علمية لنظريتة في التحليل النفسي، ولما لهذا الموضوع من أهمية في صياغة آلية السلوك الإنساني، فكانت المبادئ التي يضعها فرويد في بلورة مفهوم العقل الباطن تقوم على أساس أنه الجزء الذي يخزن كل مايمر على الحواس منذ الولادة إلى أخر يوم في حياة الإنسان.
ومن أهم التطبيقات التي يمكن ملاحظتها كمفهوم العقل الباطن هو العادات اليومية التي نمارسها بشكل تلقائي من دون الحاجة إلى التفكير كالقيادة أو بعض الأحرف اليدوية الأخرى، فترى السائق بعد اكتسابه المهارة أنه قد يتحدث بالهاتف أو يعبث ببعض حاجياته أثناء قيادته، الأمر الذي لا نلاحظه عند متعلمي القيادة المبتدئين كونهم يفتقرون إلى الخبرات الكافية التي تؤهلهم للتعامل اللاواعي مع هذه العملية. وللمستشارة في الصحة النفسية والأسرية خلود عبدالحسين رأي سديد وكان التالي:
بالنسبة لتفكير العقل الباطن فإن كل المدارس تتفق على صحة هذا الموضوع، العقل الباطن يبدأ فكرة ثم بعد ذلك يَصبح برمجة وبعدها يصبح عادة وبعدها سلوك وبعد كل هذا يصبح الأمر أعمق من السلوك بعد ما يكون سلوك يكون الوعي وهذه الخطوات توصل الفرد للحصول على نتيجة جيدة.
أما عن تجربتي فنعم لي تجربة فعلية لم تكن بتخطيط معين ولا بخطوات كان مثل التطبيق الفطري. لم اكن أعرف أبداً طريقة عمل العقل الباطن ولكنني كنت أتخيل أن أكون في مكان معين أو في مجال دراسة معينة أتخيل ذلك باستمتاع تام وسعادة بعد مدة من الزمن وإذا بي أدخل هذا الدراسة كما تخيلت بالضبط.
ثم تُردف الدكتورة خلود قائلة: هذا ما حصل لي قبل دخولي عالم علم النفس والوعي وبعد دخول هذا العلم أصبحت أدرك تفكير العقل الباطن بنظام وبدقة أكثر ومامدى فاعليته العجيبة.
ولطالبة العلوم الدينية زينب الحسن الرأي التالي: يعتبر العقل الباطن محرك العمل الذي يتحكم بأفعالنا وأقوالنا بنسبة عالية جدا، حيث يقول عالم النفس الأمريكي ويليام جيمس «إن القوة التي تحرك العالم كامنة في عقلك الباطن»، لذلك هو يتسم بذكاء مطلق وحكمة لا حدود لها، وأي شيء تطبعه في عقلك الباطن فإنه سيبذل جهودا جبارة لتحقيق هذا الانطباع في الواقع العملي.
من وجهة نظري وتجربتي الخاصة أرى أن الثراء، والصحة، والعلاقات الشخصية والنجاح، وكل ما قد تطمح لتحقيقه في الحياة هو مفتاحه بين يدينا ومن خلال نعمة العقل الباطن التي ميزنا الله سبحانه وتعالى بها حيث لهُ تأثير كبير بحياتنا فيجب علينا أن نستثمر العقل الباطن بتسيير أمورنا وتوجيه أفكارنا بصورة صحيحة وكما قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر…
ومن تجربتي في ذات يوم كنت أستمع لمحاضرات عديدة عن قوة العقل الباطن ولكن كنت أشعر أنه فقط كلام وليس له فاعلية بحياتنا وأعطيت فرصة لنفسي لأثبت حقيقته وجلست أتخيل ما أود أن أصل إليه وكأنه شيئ حدث واستمريت على ذلك ولا أشعر إلا وقد تحققت تلك التخيلات وكأنني رأيتها قبل حدوثها فبذلك ثبت لي قدرة العقل الباطن وهذه الميزة والأداة التي وضعها الله بداخلنا ليست عبثاً بل لتسهل لنا الطريق نحو السعي والايمان بذاتنا وتحقيق أهدافنا.
ثم كان للحكواتية والإعلامية آيات الخطيب رأي سديد ذكرت فيه : "بالتأكيد، علمياً لا يمكنني الجزم بصحة أو عدم إمكانية تأثير تفكير العقل الباطن، كون أن هذا الإقرار يعود لأصحاب الاختصاص. ولكن على الصعيد الشخصي، ومن مقتضيات التجربة الفعلية، أرى أن للعقل الباطن له التأثير الواضح والجلي في تفكير الإنسان وحياته ومستقبله كذلك، من خلال تغيير معظم المُجريات. وهذا ما لمسته في كثير من المواضع، من خلال تصديق الفكرة في العقل الباطن وانعكاسها على الواقع لتصبح حقيقة لا غبار عليها.
وكذلك، لو اعتاد الفرد على محاكاة جسده من خلال تلقين العقل الباطن بأفكار وقدرات تتحول إلى عادات فعلية، أو مشاعر ربما في بعض الأحيان، يتعايش معها جسده شيئاً فشيئاً. كأن يبعث رسالة لعقله الباطن بأنه لا يشعر بالألم، أو أنه سعيد، ويبقى يردد هذه القناعة حتى تترسخ وتتضح معالمها على نفسه."
وهنا يتضح لنا مدى أهمية العقل الباطن في حياة الفرد ومدى تأثيرهُ، لهذا أجمع العلماء على رأي أن العقل هو المحور الأساسي في حياة الإنسان وتحقيق أهدافه.
اضافةتعليق
التعليقات