تُعدّ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ابنة النبي محمد ﷺ من السيدة خديجة الكبرى (رضي الله عنها)، من أعظم النساء في التاريخ الإنساني والإسلامي. فهي لم تكن فقط ابنة رسول الله ﷺ، بل كانت مثلاً أعلى للمرأة المسلمة في عبادتها، وأخلاقها، وصبرها، ودورها الاجتماعي والإنساني، حتى لُقبت بـ”سيدة نساء العالمين” كما ورد في الحديث النبوي الشريف.
وُلدت فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية بخمس سنوات تقريباً، ونشأت في بيتٍ تغمره الطهارة والإيمان. عاشت معاناة والدها ﷺ منذ بداية الدعوة الإسلامية، ورأت ما لاقاه من ظلم واضطهاد، فكانت له عونًا وسندًا. لُقبت بـ”أم أبيها” لما كانت تُبديه من حنان ورعاية تجاه النبي، تعويضًا له عن فقدان أمه آمنة وزوجته خديجة.
بعد الهجرة إلى المدينة، تزوجت من الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وشاركت معه حياة الزهد والعبادة والجهاد في سبيل الله. كانت حياتهما مثالاً للأسرة المسلمة المتعاونة المتحابة، حيث جمعت بين دور الزوجة الصالحة والأم المربية. رزقها الله الحسن والحسين (عليهما السلام) وزينب وأم كلثوم، الذين كان لهم دور عظيم في حفظ الدين ونشر رسالة الإسلام.
عرفت الزهراء (عليها السلام) بعظيم عبادتها وخشوعها لله تعالى، فكانت تقوم الليل وتدعو للناس قبل نفسها، حتى قال عنها الإمام الحسن (ع): “رأيت أمي فاطمة تقوم الليل حتى تتورم قدماها”. كما كانت رمزًا للزهد، فقد كانت تعيش حياة بسيطة رغم مكانتها العظيمة، فكانت تفضل الفقراء والمساكين على نفسها وأهل بيتها.
ومن أبرز مواقفها بعد وفاة النبي ﷺ دفاعها عن حق الإمام علي (ع) وعن مبادئ الإسلام الأصيلة. خطبت خطبتها المعروفة في مسجد النبي، التي أظهرت فيها علمها الغزير وشجاعتها في قول الحق. كانت خطبتها مدرسة في البلاغة والعقيدة، وبيّنت فيها أهمية التمسك بكتاب الله وأهل البيت (عليهم السلام).
توفيت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة والدها الشريف بستة أشهر تقريبًا، وهي في ريعان شبابها، ودفنت سرًا كما أوصت، حزينة على ما أصاب الأمة من فرقة. ومع ذلك، بقيت سيرتها منارة تهدي المؤمنين، ورمزًا للحق والفضيلة والصبر والثبات.
تعلّمنا سيرة الزهراء (عليها السلام) أن القوة الحقيقية في الإيمان والصبر والعمل الصالح، وأن المرأة يمكن أن تكون ركيزة أساسية في نهضة الأمة بالعلم والعبادة والخلق. فهي قدوة في البذل والعطاء، ونموذج خالد للمرأة المؤمنة التي جعلت رضا الله غايتها ورضا والدها نبي الأمة رسالتها.








اضافةتعليق
التعليقات