في هذه الحياة المليئة بالتحديات، قد يشعر الإنسان أحيانًا أن الظروف أقوى منه، وأن ما يمرّ به من ضغوط ومصاعب قد يسلبه قدرته على العطاء أو حتى يبدّل من طباعه. ولكنّ الحقيقة أن أعظم قوة يمتلكها الإنسان هي قدرته على الثبات على مبادئه رغم تغيّر الأحوال. أن تصنع الفرق، لا يعني أن تكون خارقًا، بل أن تظلّ إنسانًا صادقًا مع نفسك مهما تغيّر كلّ ما حولك.
كثيرون يعتقدون أن النجاح هو أن تتفوّق على الآخرين، بينما النجاح الحقيقي هو أن تتفوّق على نفسك القديمة، أن تستمرّ في النموّ دون أن تفقد جوهر روحك. فالمواقف الصعبة ليست دائمًا لعنتنا، بل قد تكون أعظم معلمينا. الظروف تختبر مدى صلابتنا، وتكشف من نحن حقًا حين تُغلق الأبواب، وتنطفئ الأضواء، وتُسحب من تحت أقدامنا الأرض التي اعتدنا الوقوف عليها.
لكي تصنع الفرق، عليك أن تبدأ من داخلك. اسأل نفسك: ما الذي أستطيع تقديمه للعالم مهما كانت ظروفي؟ قد لا تملك المال أو السلطة أو المنصب، لكنك تملك شيئًا أثمن من ذلك كله: قلبك وسلوكك. كلمة طيبة، مساعدة صغيرة، نظرة تفاؤل في وجه منكسر — هذه التفاصيل البسيطة تصنع فرقًا لا يُقدّر بثمن. لا تستهِن بتأثيرك، فربّ كلمة خرجت من فمك بلطف، أنقذت روحًا من الانكسار.
الظروف لا تغيّر الناس بقدر ما تكشف حقيقتهم. فهناك من تراه يزداد تواضعًا حين يُكرم، وآخر يتكبّر حين يملك القليل. وهناك من يصبر على البلاء فيزداد نورًا، وآخر ينهار أمام أول اختبار. الفرق بينهما هو اختيار، لا صدفة. أنت من يقرّر: هل تكون ابن الظروف، أم صانعها؟
ومن أجمل ما في الحياة، أنك لا تحتاج إلى الكمال لتحدث التغيير. فقط كن ثابتًا على قيمك، صادقًا في نيتك، واسعًا في عطائك، وستجد أن نورك ينتشر دون أن تشعر. فالناس لا تتأثر بالكلمات الجميلة فقط، بل بالمواقف الصادقة التي تنبع من قلب مؤمن بالخير.
في نهاية المطاف، لعلّ الحكمة الأهم هي أن تصنع الفرق دون أن تفقد نفسك. لا تسمح للظروف أن تُطفئ ما فيك من رحمة، أو تحوّلك إلى نسخة باردة من إنسان كنت يومًا تؤمن به. كن أنت الضوء في عتمة الآخرين، واليد التي تمتد رغم الألم، والابتسامة التي لا تزول رغم التعب.
لأن العالم لا يحتاج إلى مزيد من الأبطال، بل إلى أناس عاديين يملكون قلوبًا عظيمة. هكذا فقط، تصنع الفرق دون أن تغيّرك الظروف.








اضافةتعليق
التعليقات