الارتباك هو شكل شائع من عدم الشعور بالراحة النفسية في المواقف الاجتماعية وعلى الرغم من أنه ظاهرة عامة توجد في أي زمان ومكان، فإن دراسته لاتزال تواجه بالعديد من الصعوبات ولايزال غير واضح لنا بالقدر الكافي سواء فيما يتعلق بجوانبه النفسية أو الفسيولوجية ولا شك في أن الأشياء التي تحدث فجأة وتسبب انهيارا للتفاعل الاجتماعي وإعاقة لانسيابه بسلاسة تخلق لدى الأفراد المتفاعلين خبرة انفعالية غير سارة.
وعلى الرغم من أن الناس عادة ما يفعلون ما في وسعهم لتجنب الارتباك فإنه أحيانا ما يرتبط بالدعابة والضحك، وكثيرا ما تكون الوقائع والأحداث المربكة مصدرا للفكاهة، سواء في المواقف الاجتماعية في الحياة اليومية، أو في التمثيل الكوميدي.
ومن المقبول لدى معظم الباحثين أن كلا من الارتباك والخجل ينشآن من الشعور بتهديد للهوية الذاتية ومع ذلك فمن الممكن توسيع مفهوم الهوية الذاتية ليتضمن تلك المواقف التي يرتبك الفرد فيها بسبب تصرف مربك قام به شخص آخر وحيث لا يوجد هنا تهديد مباشر لذات الفرد الذي ارتبك بسبب ملاحظته أو علاقته بالشخص الذي قام بالتصرف المربك.
فمن الممكن أن ينتشر الارتباك، كالعدوى، ليشمل معظم الموجودين في موقف اجتماعي ما، نتيجة لارتباك فرد واحد من أطراف هذا الموقف.
ويشترك الارتباك والخجل في العديد من الملامح فكلاهما يتضمن شعورا زائدا بالذات وتشكك الفرد فيما يجب أن يفعله أو يقوله. ومع ذلك، فتركيز الفرد عند الارتباك يكون منصبا على صعوبة التصرف وفقا لما يتطلبه الموقف، ومحاولة القيام بسلوك يتوافق مع المعايير الاجتماعية الحاكمة لهذا الموقف.
أما في الخجل، فيكون تركيز الفرد منصبا على قدراته ومهاراته الشخصية.
فعلى الرغم مما تبين من وجود ارتباطات قوية بين مقاييس كل من الخجل والارتباك، فإن هناك ما يدل على تمايز بينهما، إذ يبدو أن الخجل أكثر ارتباطا والتصاقا بإحساس الفرد بعدم الملاءمة الشخصية.
ويبدو أن للارتباك مظهره الخارجي الانفعالي المميز والذي يتضمن علامات خارجية مختلفة تماما عن تلك التي توجد لدى الفرد الذي يعاني من القلق. وثمة خلاف بين الباحثين حول ما إذا كان الارتباك انفعالا قائما بذاته، أم أنه ببساطة مجرد شكل من القلق يحدث للفرد في المواقف الاجتماعية.
فإذا كان متمايزا وقائما بذاته فإن ذلك يثير عددا من الأسئلة عن طبيعة الخجل أهمها:-
هل الخجل ينتمي إلى الارتباك أم ينتمي إلى القلق؟
إن بعض الباحثين يقول بوجود شكلين للخجل وبوجود مصدرين وكذلك بوجود شكلين من الارتباك وعادة، فإن إحدى سمتي الخجل والارتباك تكون أكثر ارتباطا والتصاقا بالشعور بالذات وتقدير الفرد وتصوره لقدراته ومهاراته الخاصة، في حين تكون الأخرى أكثر ارتباطا والتصاقا بتصورات الفرد حول كيفية إدراك الآخرين وتقييمهم له ولانزال في حاجة إلى مزيد من البحث بخصوص تلك الثنائية، وهذا الازدواج بين المفهومين.
أما عن احمرار الوجه، فهو لايزال لغزا محيرا فعلى المستوى الفسيولوجي يبدو أنه يتضمن نشاطا لكل من قسمي الجهاز العصبي المستقل (الجهاز العصبي السمبثاوي، والجهاز العصبي الباراسمبثاوي) ولا يمكن للفرد أن يتحكم في احمرار وجهه ويؤدي وعي الفرد وإدراكه أن وجهه قد احمر إلى زيادة شدة هذا الاحمرار وزيادة مدة بقائه.
واحمرار وجه الفرد يجعله منكشفاً جليا للآخرين في مواقف اجتماعية لا يكون فيها راغبا في أن يكون محور انتباه الآخرين، ويتفق معظم الباحثين على أن احمرار الوجه هو إحدى العلامات الأساسية للارتباك، ولكنه ربما لا يظهر في كل المواقف المربكة.
وكذلك فربما يكون علامة لكل من الخجل والخزي وإن كان البعض يرى أنه لا يحدث عند الشعور بالخزي ويقدم دلائل تجريبية على هذا ومع ذلك، هناك العديد من أشكال الصور الاجتماعية غير المرغوب فيها، وهناك مدى واسع من الظروف والملابسات التي تؤدي كلها إلى عدم شعور الفرد بالراحة وتسبب له شعورا بأن صورته لدى الآخرين تبدو سيئة. وبالتالي نحن في حاجة إلى مزيد من البحث، لمعرفة إلى أي مدى يؤدي هذا التباين في الظروف والصور إلى حالات معرفية مختلفة، أو إلى مظاهر خارجية انفعالية مختلفة ومتمايزة.
اضافةتعليق
التعليقات