من المهم أن نتقبل بأن راغبو السيطرة والاستغلال ينظرون إلى العالم بطريقة مختلفة عن الآخرين. ومن بعض النواحي الخطيرة، فإن نظرتهم إلى العالم تحدد سلوكهم الذي يساعد بدوره في نفس الوقت على تثبيت نظرتهم إلى العالم في المقام الأول.
فهؤلاء الأشخاص يرون العالم بشكل عام من خلال اللونين الأبيض والأسود فقط، فإما هذا وإما ذاك، وخصوصاً فيما يتعلق بالسيطرة والاستغلال. إن وجهة نظرهم هي أن الإنسان إما يتلاعب بالآخرين، وإما يتلاعب الآخرون به.
بعبارة أخرى، فهؤلاء الأشخاص يؤمنون أن هناك دورين فقط في العلاقات الإنسانية فإما أن يتلاعب بك الآخرون فتكون الضحية، وإما تكون أنت من يتلاعب بهم فتكون من وجهة نظرهم الشخص الذي يمتلك القوة والسيطرة. وهم لا يرون طريقة أخرى تحكم العلاقات الإنسانية، ولا يمكنهم تخيل الاشتراك في أنداد على سبيل المثال فمثل هذه العلاقة تتجاوز حدود فهمهم وإدراكهم.
علاقة بين إنهم ببساطة لا يمكنهم تخيل دورهم في علاقة يعتمد فيها الطرفان على بعضهما البعض بشكل متبادل، وتكون صناعة القرار فيها عملية متوازنة، وتتحقق فيها سيطرة مشتركة، ويعترف فيها كل طرف بحقوق الطرف الآخر في اتخاذ قرارات خطيرة تتعلق بحياته هم لا يستطيعون تخيل الثقة في شخص آخر بما يكفي لجعل مثل هذه العلاقة المشتركة المتوازنة أمراً ممكناً، ولا يرون أنفسهم في الأساس أهلاً لأن يثق بهم أحد وينتظر منهم احترام وحماية حقوق الطرفين.
ولأنهم يرون الحياة كلعبة توازنات تقريباً في كل الجوانب المهمة - وهي القوة والسيطرة والتفوق من وجهة نظرهم فإنهم يؤمنون بأنه دائماً سيكون هناك الفائز وهناك الخاسر.
علاقة تضم شخصين مثلاً، أحدهما يجب أن يفوز والآخر يجب أن يخسر ليست حسبة رياضية معقدة لا مجال لديهم لسيناريو فائز - فائز أو خاسر. ففي أي موقف ناجم عن العلاقة بين شخصين، يؤمن هذا الشخص بأنه إذا ما أعطى شيئاً ما إلى الطرف الآخر أو له بأن يطالب أو يحصل على شيء يمثل قيمة بالنسبة له - تصبح خاسرة بالنسبة له.
هذه النظرة بالطبع تؤدي إلى تولد التنافس والتباري والغيرة؛ وكلها مشاعر سامة تفسد وتلوث جودة علاقاته، المسألة تسمح والعنصر الثالث في نظرة راغبي السيطرة والاستغلال إلى العالم هو أنهم يرون أن الآخرين يوجدون فقط من أجل خدمة أو الوفاء باحتياجاتهم هم وهذا يؤدي إلى غياب التعاطف الآخرين والقدرة على الشعور بمشاعرهم وفي الحقيقة فهناك كثيرون من هؤلاء الأشخاص الذين يفتقرون إلى القدرة على التعاطف مع الآخرين وهم حرفياً لا يستطيعون استيعاب أن هناك طريقة أخرى للشعور أو التفكير أو الاحتياج بخلاف تلك التي تنبع من منظورهم.
والعنصر الرابع في نظرة هؤلاء الأشخاص إلى العالم، وهو وثيق الصلة بالعنصر الثالث هو الإحساس الكبير بالاستحقاق إن الشخص الذي يسعى إلى السيطرة على الآخرين واستغلالهم يعمل سواء بطريقة شعورية أو لاشعورية، من منطلق وجهة النظر التي مفادها أنه يستحق أن يتم الوفاء باحتياجاته وتحقيق أغراضه ومن المحتمل أنه يؤمن بصحة هذا الأمر بسبب طفولته السيئة أو غير ذلك من تجارب الحياة السلبية التي رأى من خلالها أن الآخرين أو الحياة بشكل عام قد قاموا بجرحه بطريقة ما ومنثم فالعالم مدين له في المقابل إن هدفه في الحياة يصبح الوصول إلى حالة التعادل والتأكد من أنه لن يتعرض مرة ثانية للغش أو سوء المعاملة أو التجريح أو الأذى أو الخداع أو أي شکل آخر من أشكال الإساءة.
إن الشخص الذي يعمل من منطلق هذا التوجه العقلي يؤمن أنه شخص متميز ومن ثم فهو يستحق خضوعاً متميزاً الآخرين، ويكون من الصعب عليه استيعاب فكرة انتهاك حقوق الآخرين وهذا لأنه لا يستطيع بالفعل أن يشعر أن لهم حقوقاً خاصة بهم و يستحق من وجهة نظره أن يُخضعوا حاجاتهم من أجل حاجاته هو.
اضافةتعليق
التعليقات