الفانيلّا… ليست بذاك الوضوح كما قد نظن.
منذُ أن تمّ اكتشاف الفانيلا في القرن الخامس عشر من قبل قبائل التوتاناك الذين سكنوا جبال المكسيك فإن المستفيد الوحيد والأكبر من هذا الكنز العطري المُبهر ما هو إلا براعمُنا الذوقية التي تستمتع أقصى استمتاعٍ بهذه النكهة المميزةِ اللذيذة.
ليومنا هذا ماتزال الفانيلا هي النكهة التي تتربع على عرش النكهات الأكثر استهلاكاً من بينِ أغلب النكهات الشعبية رغم تعددها وتنوعها. يمكنك أن تستلذ بطعمِ هذا المذاق في أغلب المخبوزات المنزلية البسيطة وحتى الفاخرة الغالية الثمن. وتدخل كذلك في صناعة الآيس كريم وحتى في بعض أنواع الأدوية لجعلها مستساغة وأكثر قبولاً.
ولكونِ عبيرِ الفانيلا لطيفٌ للغاية والأكثر تفضيلا من بين الغالبية لذا تجدها في أغلب أنواع العطور الباهظة الثمن إلى معطراتِ الجو بأنواعها.
لكن اسمح لي هنا أن أقول أنّ الفانيلا النقية الطبيعية لا تكفي لكل هذه الاستخدامات المتنوعة… وهنا يأتي دور نكهة الفانيلا المصنعّة.
من أين تأتي نكهةُ الفانيلا إذاً؟
هنالك ما يقدرُ ب 19841 طنٍ من الفانيلا يتم انتاجها في السنةِ الواحدة فقط، 85% منها ليست إلا فانيلين تم انشاؤه من مادةٍ بتروكيمياويةٍ تدعى غايا كول.
وحتى إن أقل من 1% من الفانيلا التي يتم استهلاكها في هذا العالم هي فانيلا نقية تأتي من بساتينِ الفاكهة.
حسنا إذاً، قد تتساءل الآن ما الذي تأكله إذاً في كل تلك الأطعمة ذات نكهة الفانيلا؟
لبيانِ ذلك نحتاج أن نبدأ بسرد تاريخ الفانيلا بشكل بسيط.
في القرن الخامس عشر و حين اكتشف التوتاناك المكسيكيون نبتة الفانيلا، اعتقدوا أن هذه النبتة لم تنبت إلا بعد أن انسكبت دماء الإله وعشيقها الممنوع على الأرض.
وهم أول من زرع وحصد الفانيلا إلا أن الأمر لم يستغرق الكثير لتنتشر هذه النبتة في أركان العالم.
بدأ انتشارها بالتحديد عندما تم غزو التوتاناك من قبل الإسبان والأزتيك عام 1521 واستولوا على نكهة الفانيلا ومزجوها بالشوكولا بذريعة أنها مثيرة ومحفزة للدوافع الجسدية الشهوانية.
ولايزال هناك طلب كبير على هذه النكهة حيثُ إن زهرتها الأصلية مازالت تزرع بكمياتٍ كبيرة في أرجاء متعددة من العالم لكن مازالت هناك فجوة كبيرة بين الانتاج والطلب المتزايد عليها.
من أين تأتي نكهة الفانيلا؟
يتم حصاد قرون الفانيلا التي تحتوي على حبوب الفانيلا النقيةِ النكهة من زهرة أوركيد الفانيلا .
من الأماكن التي تزرع فيها هذه الزهرة هي جزيرة مدغشقر إلا أن سلسلة الأعاصير التي حدثت في العام 2018 تسببت بارتفاع هائل في أسعارها حيث إنها وصلت إلى 600 دولار للكيلو الواحد وليومنا هذا فإن معدل سعرها هو 300 دولار وبالمقارنة فإن الزعفران الذي يعتبر من أغلى أنواع التوابل في العالم يبدأ سعره من 550 دولار للرطل (0.45 كغم).
نأتي الآن للسؤال الأهم، ما هي المكونات الرئيسية التي تدخل في صناعة الفانيلا المقلدة المنتشرة في الأسواق حول العالم والتي نستهلكها في كثير من استخداماتنا اليومية؟
يتم صنعها بالتحديد عن طريق نقع حبوب الفانيلا النقية في خليط من الكحول الأثيلي والماء.
في العام 1858 قام العالم الكيميائي الفرنسي نيكولاس جوبلي ببلورة مستخلص الفانيلا الطبيعي النقي واستخلاص واكتشاف الفانيلين وهو أحد المركبات التي تعطي الفانيلا نكهة الفانيلا الخاصة بها.
وفي العام 1874 قام العلماء بإعادة انشاء الفانيلين دون الحاجة إلى استخدام حبوب الفانيلا وذلك باستخدام أحد مكونات لحاء الصنوبر، وهكذا ظهر عنصر الفانيلا الصناعي وهو ينتج بكميات هائلة جدا دون الحاجة إلى الفانيلا النقية بتاتا.
الآن يتم إنتاج نكهة الفانيلا الاصطناعية أو المقلدة من المركبات الكيمائية الموجودة في زيت القرنفل أو الجنين الموجود في النباتات أو روث البقر ولب الخشب كذلك.
في الوقت الحالي 15% من منكهات الفانيلا مصنوعة من الجنين في حين85% منها مصنوعة من البتروكيماويات، الآن عند شُربك اللاتيه بنكهة الفانيلا ستعرف أن هذه النكهة ليست إلا موادا مصنعة على أنها فانيلا لتستمتع أنت بتلك النكهة الباهظة الثمن بمبلغ زهيد بسيط.
تمت الترجمة بتصرف من المقال التالي https://recipes.howstuffworks.com/food-facts/where-does-vanilla-flavoring-come-from.htm
اضافةتعليق
التعليقات