أصبحت عمليات التجميل من أكثر العمليات السائدة في عصرنا هذا حيث الكثير من النساء وكذلك بعض الرجال بدوا اهتمامهم الكبير بالشكل حتى أصبح عند البعض مرض وهوس التجميل حيث تفشت الظاهرة في المجتمعات المختلفة، وهو اضطراب سلوكي يجعل الشخص يرغب في تغيير مظهره باستمرار، من خلال الخضوع لجراحة تجميلية قد يتسبب في إنفاق شخص ما للكثير من ماله على عمليات التجميل، وكلها لا تجعله في النهاية أكثر سعادة. وأدت إلى إقبال كبير على إجراء العلاجات والجراحات التجميلية، فقد رصد تقرير دولي عدد عمليات التجميل التي أُجريت في جميع أنحاء العالم، إذ بلغ نحو 11.36 مليون عملية خلال عام 2019، وهذا الرقم في تزايد مستمر.
حيث لايمكن إنكار الدور المميز الذي قدمته معظم الجراحات التجميلية نحو إنهاء عُقد الحروق والجروح، وبعض الإصابات الشائعة التي سبق وأن تسببت بتغيير واضح في الشكل العام للإنسان سواء أكان ذكر أم أنثى، لكن في الوقت نفسه تجاوز المنظور الحالي تلك الأمور فأصبحت الجراحات التجميلية تتعدى كونها مدعاة طبية بل أصبحت هوس يعرف بــ "النيولوك".
حيث قالت الطالبة يارا خليفة/ ٢٠ سنة بشأن عمليات التجميل : رأيي محايد في حالة واحدة فيما يخص عمليات التجميل، وربما أميل لأن أكون ضدها. أعتقد بأن من يحتاج لعمليات التجميل هم من لديهم تشوهات خلقية وتستدعي التجميل. لا أن يلهث الناس خلف عمليات التجميل باعتبارها الوسيلة للارتقاء لمقاييس الجمال المتزعزعة والوقتية، والتِّي تعتمد في غالب الأحيان على المبالغة، واللاواقعية، فالكثير ممن أجروا عمليات التجميل أصبحوا كالنُسخ ولا يشبهون أنفسهم أبدًا.
اعتراضي الصريح هو أن على الجميع تقبل نفسه كما هو، وإيجاد ما يميز ملامحه الجميلة_بالتأكيد_ فالله خلقنا في أحسن صورة، ولا داعي للعبث بخلقتنا، ومن السيئ أن تصبح عمليات التجميل هوسًا يُمحي بصمة ملامحنا. ومن أسباب الوصول إلى هوس التجميل لدى بعض الناس هي عدم الثقة بالنفس، مراقبة المشاهير، التنمر، فبالتالي يزيد الإقبال على عمليات التجميل، لأن المتنمر عليه يظن أن بعد عمليات التجميل سيحوز على رضا المتنمرين وسيتوقفون عن التنمر!، والمقارنات.
وكما أني أرى بأن المرأة ليست مضطرة نهائيًا لإرضاء زوجها إذا أمرها بالإخضاع إلى عمليات التجميل للوصول إلى الكمال، التِّي ربما أساسًا لا تتوافق مع أفكار ومبادئ الزوجة، لكن هاجسها بأن تكون جميلة دائمًا في نظره يدفعها لعمليات التجميل.
ومن وجهة نظري على المرأة أن تكون واثقة من نفسها وأن ترفض رفضًا شديد اللهجة؛ كل مقارنة بالممثلات والعارضات والمشاهير عامة، فكل امرأة لها رونقها الخاص، وجمالها الخاص، ومميزاتها التِّي تميزها جماليًا عن غيرها، من الظلم أصلًا أن تكون نسخة منهم لتكون جميلة في نظر زوجها. وعلى المرأة أن ترفض أيضًا أن توضع ضمن هذهِ المعايير والمقاييس الجمالية الزائفة والوقتية.
من جانبها قالت إيمان حاجي/ ٢٠ سنة: كنتيجة لظهور وانتشار عمليات التجميل أصبحت أغلب النساء بل وحتى الرجال مهتمون بتحقيق الكمال في المظهر العام ولعل أهم الأسباب في انتشار عمليات التجميل حاليًا التشبه بمظهر أحد الفنانين أو السعي لمواكبة معايير الجمال في هذا العصر التي قد ظهرت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويصر البعض على التغاضي عن خطورة أعراض بعض العمليات بل وحتى الصبر على الأعراض الذي قد تكون مزعجه فقط للحصول على المظهر المثالي ولكن هذا لا يعني عدم ضرورة الجراحات التجميلية الترميمية وهي الجراحات المخصصة لعلاج عيوب الوجه والجسم الناتجة عن التشوهات الخلقية، والصدمات، والحروق، والمرض، وتهدف لتصحيح أجزاء الجسم غير الطبيعية، لاستعادة وظيفتها ومظهرها الجمالي.
وأكد أطباء أن هناك حالات تعاني قلقاً مرضياً ومتواصلاً وتخضع لإجراءات وعمليات متواصلة لحل مشكلات وهمية، من أسبابها التشبه بالمشاهير، ويعد التقليد الأعمى والرغبة القوية في تغيير المظهر الخارجي ليتوافق مع اتجاهات الموضة، من أهم أسباب الهوس بعمليات التجميل الشائعة في مجتمعاتنا.
وأكدوا أن الإعلانات وكثرة البرامج التي تروج للتجميل تلعب دوراً رئيسياً في تحديد معايير الجمال العالمية، وأوضحوا أن مضاعفات هوس التجميل والإدمان على الإجراءات التجميلية تؤدي إلى الدخول في حلقة مفرغة للبحث عن الكمال، مع ما تترتب عليه من مضاعفات نفسية وجسدية. وأشاروا إلى أن إجراء «البوتكس» للتخلص من تجاعيد الوجه الأكثر طلباً، وكذلك «الفيلر»، ونحت الجسم، وتجميل الأنف، وشد الوجه والأجفان.
كما أكدت الدكتورة هزار العلي، أخصائية جلدية في مركز «كوسموميد» للتجميل، أن الإجراءات التجميلية منتشرة ورائجة حالياً، وهي مجرد رغبة في الاهتمام بالمظهر الخارجي للمرأة والرجل، على السواء، ولكن هناك حالات تعاني قلقاً مرضياً من صورة الجسد، فقد يتردد هؤلاء على أطباء التجميل بشكل متكرر ودوري، ويخضعون لإجراءات وعمليات متواصلة لحل مشكلات وهمية، أسبابها التشبه بالمشاهير، حيث يلجأ الكثير من الأفراد اليوم لعمليات التجميل تشبّهاً ببعض المشاهير، ويعد التقليد الأعمى والرغبة القوية في تغيير المظهر الخارجي، ليتوافق مع اتجاهات الموضة، من أهم أسباب الهوس بعمليات التجميل الشائعة في مجتمعاتنا.
المتابعة الدوريّة للطبيب
وأكدت أن الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على التجميل كبيرة، حيث يجري بعضهم عمليات تجميلية من دون التقّصي عن سُمعة المستشفى، وتجهيزاته، والفريق الطبي الخاص به، ما يؤدي لمضاعفات ونتائج غير مرغوبة، ومن الضروري استغراق الوقت الكافي للشفاء التام، مع المتابعة الدوريّة للطبيب المُعالج والاتصال به فور حدوث أي مضاعفات، أو آثار جانبية، واللجوء لإجراء تجميلي حديث من دون معرفة فوائده، لذلك يجب الانتظار لاعتماد الإجراء ولمس فوائده بالأبحاث المثبتة علمياً، والقيام بعمليات جراحية غير ضرورية ولا تؤدي إلى تغير واضح بهدف إرضاء الذات والتشبه بآخرين، وهنا يجب الاستماع لنصيحة الطبيب المختص الذي لديه خبرة طويلة في المجال.
وهناك بعض المرضى يبحثون عن الرخيص، وحينما يستخدمون المنتج الرخيص فإن ذلك سيترك آثاراً سلبية، ومن يحافظ على سمعته واسم العيادة، أو المشفى لن يستخدم أي منتج رديء، وسيحرص على اختيار المنتج الذي يتمتع بجودة عالية.
ادمان عمليات التجميل
كما هو الحال مع أي إدمان فإن إدمان عمليات التجميل يبدأ بتجربة أولية إيجابية، عندما يشعر شخص ما يُعاني انعدام الأمان بشعور أفضل بشأن مظهره بعد العملية الأولى، فقد يُقرر أنه يجب عليه أن يبدأ عملية تجميل أخرى لتصحيح عيب آخر وهكذا، حتى تصبح عمليات التجميل هي الحل للتصور السلبي للذات، حتى أن بعض مدمنو الجراحات التجميلية يُحاولون تغيير أنفسهم ليبدوا مثل أي شخص آخر، وخاصةً من المشاهير الذين يحبونهم. في النهاية يبدأ الشخص في هيكلة حياته حول عمليات التجميل القادمة والاعتماد عليها كمصدر لتقدير ذاته، وعندما يصل الشخص إلى هذه النقطة يُصاب بالإدمان ويُسمى”هوس عمليات التجميل”، ولن يكون قادرًا على التوقف عن إجراء العمليات.
ما هو علاج إدمان أو هوس عمليات التجميل؟
- يندرج هذا الإدمان ضمن فئة الإدمان المعروفة بالإدمان السلوكي، وعلى العكس من إدمان المواد الكيميائية يعاني مدمنو عمليات التجميل هوس عقلي بتغيير وجوههم وجسمهم، غاليًا ينبع من إحساسهم بعدم الأمان والرغبة في الظهور بطريقة معينة تتناسب مع فكرتهم، أو فكرة المجتمع عن الجمال وفي أغلب الأحيان لا يُدركون أنهم يُعانون الإدمان، لذلك لا يطلبون مساعدة مختصة.
- لا توجد قوانين تمنع الشخص من الخضوع لعمليات التجميل عددًا كبيرًا من المرات، وإذا كان المريض لديه المال اللازم لدفع تكاليف الجراحة فسوف يُنفذها له الأطباء، على الرغم من وجود بعض اللوائح حول عدد الإجراءات التي يتخذها الشخص في جلسة واحدة، إلا أنه لا يوجد حد فعلي للعدد الذي يمكن أن يحصل عليه الشخص في حياته، وهكذا يستمر مدمنو عمليات التجميل في هوسهم دون رادع.
- في مجتمعنا اليوم مفهوم الجمال منحرف للغاية ويعتقد الكثير من الناس أنه لن يُقبلوا إلا إذا كانت لديهم نفس ميزات الجمال في نجوم السينما والتليفزيون، ولكن ما لا يُدركونه أنه لا يوجد ما يُسمى الجسم المثالي أو الوجه المثالي، ولكن الرسائل التي يُطلقها المجتمع عن الجمال تُعمق مشاعر عدم الأمان لدى بعض الأشخاص، إذ أنه من السهل الاعتقاد أن ذواتنا ليست جميلة بما يكفي أو نحيفة أكثر من اللازم وفقًا لمعايير الجمال، طبعًا لا حرج في محاولة جعل أنفسنا حسني المظهر ولكن يجب الانتباه حتى لا يتطور هذا الهوس.
- علاج هوس عمليات التجميل ليس متقدمًا مقارنة بعلاجات إدمان المخدرات والكحول، بسبب قلة الاهتمام بهذا النوع من الهوس؛ مما يعني أن العلاجات تتضمن عادةً مناهج عامة.
- يُعد العلاج النفسي السلوكي المعرفي والاستشارة مفيدة في علاج هذه الحالات، وبالنسبة لمعظم الناس إن مفتاح التغلب على التشوه الجسدي، وإدمان التجميل هو رؤية أنفسهم بطريقة أكثر واقعية وعليه فإن عمليات التجميل ليست لعنة ولكن إذا استهلكت وقتك وجهدك فقد حان الوقت لطلب المساعدة.
ختامًا يُمكن بسهولة التغلب على هوس عمليات التجميل من خلال تعلم الشخص كيفية الشعور بالرضا عن نفسه، وقبول هويته والفخر بما هو قادر على إنجازه وتذكر دائمًا أن جمال الشكل يتلاشى ولكن الحقيقة لا تختفي أبدًا.
اضافةتعليق
التعليقات