يعود تاريخ استخدام الانسان للعملات إلى وقت بعيد جدًا، يربو على 40,000 عام اعتمادًا على السجلات الأثرية، بدءاً من العصر الحجري القديم الأعلى، عندما بدأت مجموعات من الصيادين بالتجارة للحصول على أفضل الأسلحة والمعدات، وبدايةً كانت تقع بين طرفين يعقدان الصفقات مباشرةً من أجل أشياء مرغوبة.
جاء استخدام المال بعد ذلك بفترة وجيزة، تطور شكل المال على مر العصور بدءًا من المواد الطبيعية إلى العملات المعدنية، إلى العملات الورقية حتى العملات المشفرة، استخدم البشر العملات منذ وقت طويل وسيلةً للتبادل وطرقًا للدفع ومعيارًا للقيمة ومخزنًا للثروة ووحدة حساب.
يقول بروفيسور الأنثروبولوجيا تشابوروكا كوسيمبا: "بصفتي أنثروبولوجيًا اكتشف العديد من العملات القديمة، فإنني مهتم بكيفية تطور مسار التبادل المالي عبر التاريخ، وما بوسع تلك الاكتشافات الأثرية أن تُخبرنا عن نوع التجارة بين المجموعات المتباعدة".
لماذا نحن بحاجة إلى العملات؟
توجد العديد من النظريات حول نشوء العملات. للمال استخدامات متعددة، فهو يُسهل التبادل لأنه مقياس للقيمة، ويساعد على جمع المجتمعات المختلفة معًا بواسطة تبادل الهدايا، ويديم التسلسل الهرمي الاجتماعي، وأخيرًا هو وسيلة الدولة لبسط نفوذها. من الصعب تحديد تاريخ عمليات التبادل بالعملات، لكن الأدلة تشير إلى أنها بدأت عند بداية تبادل الهدايا وسداد الديون.
صارت المواد التي يصعب إيجادها في الطبيعة، التي يمكن التحكم في تداولها بكفاءة وحدات ذات قيمة للمداولة والتجارة.
ومن تلك المواد الأصداف، مثل التي تداولها سكان الأمريكتين على نطاق واسع، والأصداف التي استُخدمت في أفريقيا وأوروبا وآسيا وأستراليا، وكذلك استُخدم النحاس والحديد والعنبر والخرز والذهب والفضة وسبائك الرصاص عملةً، حتى أن الناس استخدموا الحيوانات الحية مثل الأبقار -حتى وقت قريب نسبيًا- شكلًا من أشكال العملة.
ظهر أول شكل معروف للعملة في بلاد ما بين النهرين منذ نحو 5000 عام وكان يطلق عليه تسمية (شيكل). أما أقدم دار لسك العملة، فتوجد في آسيا الصغرى، ويعود تاريخها إلى (650 – 600) قبل الميلاد، إذ استخدمت الطبقات العليا في ليديا وإيونيا عملات فضية وذهبية مختومة وسيلةً لتمويل الجيوش.
يشير اكتشاف أعداد كبيرة من العملات المعدنية المسبوكة من الرصاص والنحاس والفضة والذهب في جميع أنحاء العالم -خاصةً في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا- إلى أن العملات المعدنية هي الوسيلة التي امتازت بها حقبة الألفية الأولى قبل الميلاد. أما تداول العملات المعدنية الرومانية والإسلامية والهندية والصينية فيشير إلى التجارة ما قبل الحديثة (1250 – 1450 ميلادي).
إلى حد بعيد، يعود السر في نجاح العملات المعدنية إلى سهولة النقل والمتانة والقيمة المتأصلة فيها. إضافةً إلى ذلك، فإن عمليات معالجة العملة من التعدين والصهر والسك تعطي فرصة للقادة السياسيين للتحكم في إنتاج العملات وتداولها واستخدامها. نجحت أشكال أخرى من الثروة والمال في خدمة المجتمعات الرعوية مثل الأبقار، لكن لم يكن من السهل نقلها، وبالطبع كانت عرضة للكوارث البيئية.
المال وسيلةً لمعرفة طرق التجارة:
مثلًا، الأمريكيون الذين عاشوا في الفترة التكوينية المبكرة التي يرجع تاريخها إلى (1450- 500) قبل الميلاد، استخدموا حجر السبج وصدفة عرق اللؤلؤ وخام الحديد ونوعين من الفخار عملةً للتجارة، في واحدة من أقدم الأمثلة على التجارة العالمية الناجحة. ربطت تجارة طريق الحرير البحري، بين عامي (700 – 1450) ميلاديًا، الأوروبيين والآسيويين والأفارقة في تجارة عالمية كانت نقطة تحولية وتأسيسية.
توضح مثل هذه الاكتشافات الأثرية اندماج إفريقيا في التفاعلات التجارية في المحيط الهندي.
في عصرنا الرقمي، فإن استخداماتها اليوم ستظل مألوفة لأسلافنا القدامى.
اضافةتعليق
التعليقات