أوقدت الشموع بعد أن سمعت صوت انفجار التيار الكهربائي لأكمل قراءة الكتاب الذي استعرتهُ من صديق بعد أن وعدته بإرجاعه بعد ٣ أيام..
تناثرت الأوراق حولي قبل أن أوقد الشموع بحثا عن قلم لأدون به المفردات المميزة كما أفعل كعادتي..
يُخيفني الظلام إذ إنه يذكرني بالموت، وخوفي المفرط من الموت يثير لدي تساؤلات كثيرة.. كيف ومتى سأموت، وماذا سأرى بعده؟ ولماذا، والكثير منها والتي تبدر بذهني دوما..
وضعت الكتاب جانبا وخرجت في باحة المنزل علي أُبعد الخوف عني قليلاً، الأريكة الموضوعة هناك مليئة بالغبار من بقايا عاصفة صباح اليوم، جلست عليها لأتأمل النجوم..
سلم خشبي أعلاهُ ظلام وتحته أرى نورا منبثقا من زاوية صغيرة ضيقة لكنه مريح، لم أستطع عد درجاته لكنها لم تتجاوز ال١٠ ، مددتُ رأسي لأرى موقع النور وإذا بي أرى حياة أخرى، جمال الطبيعة الساحر.. شجر رمان.. والبرتقال.. الافكادو والعنب كل على جنب مليئة بالثمار ونور يحيط المكان دون اضاءة؟!
حبيبتي، أجل إنها هناك تلك التي فارقتني منذُ خمس عشر عاماً، لدي الكثير لأحدثها عنه، ناديتها بأعلى صوتي وكأنها لم تسمعني بتاتاً.. هذا ماجعلني أقترب أكثر..
وَلدي الذي لم يهنأ بحياته بعد حتى سرقهُ الموت مني ينظر إلي أيضا، أشعر بأنه يريد أن يحدثني لكنه لا يستطيع كما حبيبتي ولا أعرف ما السبب..
حاولت أن أسمع صوته فبادرتُ أنا بالحديث قائلا: هلا أتيت معي إلى بيتي الصغير إنهُ بسيط لكنه مريح، عانيتُ كثيراً حتى ملكته تعال وحطم وحدتي، أنر حياتي الجرداء.. تعال واروي تصحري قبل عوان العمر، املأ هذا الفراغ الدميم فالمسافات تتضاعف والمطارات تتناءى وأنا أتفتت.
أخرج صباح كل يوم لحرث الأرض بمبلغ زهيد وأعود إلى عزلتي، هدوئي المفرط الذي تركته بعد رحيلك ورحيل أمك بعد عدة أشهر..
أعود إلى الأبخرة المتصاعدة من قهوتي، كتبي المكومة عند وسادتي المبعثرة بطريقة لم يعد معها متسعا لرأسي حين أنام، أصبحت ممهورا بالألم يا ولدي، الخوف يحتدمُ بداخلي مثل مرضٍ لا أقوى على التحكم به..
لم أشعر إلا على هشيم النار ورذاذ دمع حار اكتسح وجهي وكما تبتلع البحار الحصى ابتلعتُ ريقي وأنا أقف بين نار الحاضر ورماد الماضي وخلف متاريسه وشطآنه ثمة عوالم ودُنا ولحظات لن تعود، لم يبق في ذهني سؤال عدا: (ماذا سأقول لصاحبي عن الكتاب الذي استعرته)..
اضافةتعليق
التعليقات