تنوعت صناعة اليد الروبوتية فمن اليد التي تقرأ إشارات المخ وتمكن مبتوري الأطراف من الكتابة، تساعد الأطباء بتشخيص الأمراض وعلاج المرضى بشكل أكثر دقة، باستخدام أشباه الموصلات المطاطية مع قدرة عالية على الحركة، وتُستخدم الأيدي الروبوتية حاليًا في مجالات متعددة تشمل الصناعة والعمليات الجراحية والأعمال الخطرة، فهي مثلًا تستخدم في المحطات النووية، وفي تجميع أجهزة الحاسوب، إذ يتطلب تجميع الرقاقات الإلكترونية دقة كانت في السابق حكرًا على الأيدي البشرية.
أما الآن وبفضل إدخال الأيدي الروبوتية إلى خطوط التجميع، ارتفعت الإنتاجية كثيرًا وتراجع تعرّض العمال لمخاطر العمل، وهكذا تترى صناعة الأيادي الالكترونية ومنها (شادو) اليد الروبوتية والتي تشبه اليد البشرية بالحجم والشكل والقدرات الحركية، طورها باحثو مجموعة «دبليو إم جي» التابعة لجامعة وارويك الإنجليزية، باستخدام خوارزميات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي فمنحتها القدرة على تعلم كيفية التعامل مع الأشياء.
وفي بحثٍ بعنوان «التغلب على تحديات التعامل بمهارة مع الأشياء من خلال التعلم المعزز وتحسين المسار» طور الباحثان، البروفيسور جيوفاني مونتانا، والدكتور هنري تشارلزوورث من مجموعة «دبليو إم جي»، خوارزميات ذكاء اصطناعي جديدة لتعلم كيفية تنسيق حركات الأصابع وإمساك الأشياء.
وباستخدام محاكاة واقعية لليد «شادو» الروبوتية، تمكن الباحثان من جعل يدين روبوتيتين تتبادلان الأشياء، فترمي إحداهما شيئًا وتلتقطه الأخرى، وتمكنا أيضًا من جعل اليد الروبوتية تقلّب قلمًا بين أصابعها. ولا تتوقف مهمة الخوارزمية المطورة عند هذا الحد، بل تتعلم أي مهمة قابلة للمحاكة. وصُممت عمليات المحاكاة ثلاثية الأبعاد هذه باستخدام محرك الرسوميات متعدد نقاط الاتصال «موجوكو» الذي طورته جامعة واشنطن.
واعتمد الباحثان على خوارزميتين، تُنتج أولاهما (وهي خوارزمية التخطيط) نماذج أولية لكيفية تأدية اليد لمهام معينة، ثم تستخدمها الخوارزمية الثانية (وهي خوارزمية التعلم المعزز) التي تتقن مهارات الإمساك بالأشياء والتلاعب بها.
وبهذه الطريقة، تمكّن الباحثان من الحصول على أداء أفضل بكثير مقارنةً بالطرائق الحالية المتبعة. وقدم الباحثان نظم المحاكاة هذه للباحثين المهتمين باستخدامها.
وبعد نجاح الخوارزميتين في عمليات المحاكاة، يواصل فريق البروفيسور مونتانا عمله مع الروبوت شادو لاختبار منهجية الذكاء الاصطناعي تلك على الروبوتات الحقيقية، والتطبيقات المستقبلية لذلك.
وفي بحث آخر بعنوان «بلان-جان: التخطيط المستند إلى النماذج وأهدافه المتعددة» والذي سيُقدّم في مؤتمر نيور آي بي إس 2021، طور باحثو مجموعة «دبليو إم جي» أيضًا أسلوبًا عامًا مبتكرًا للذكاء الاصطناعي يمكّن الروبوتات من تعلم مهام معينة كالإمساك بالأشياء وتحريكها، ما سيحسّن أداء اليد الروبوتية وتطبيقاتها المستقبلية.
وعلق البروفيسور جيوفاني مونتانا قائلًا (يعتمد مستقبل الرقمنة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي ذاتية التعلم، ويمثل تطوير تلك الخوارزميات بشكل يمكّن يد الروبوت شادو من العمل كاليد البشرية بصورة مستقلة ودون تدخل إنساني، خطوةً مهمةً نحو الأمام. وقد تُستخدم مستقبلًا تلك الأيدي الروبوتية ذاتية الحركة في إجراء العمليات الجراحية، وتحسين إنتاجية خطوط التصنيع، والعمل عوضًا عن البشر في المهن الخطرة كالتخلص من القنابل).
وأضاف (سنركز في عملنا مستقبلًا على جعل الروبوتات تدرك البيئة المحيطة بكل تفاصيلها كما يفعل البشر، ليس من خلال خوارزميات الرؤية المحوسبة فحسب، ولكن أيضًا من خلال حساسات تلتقط درجة الحرارة وتقيس شدة القوى والاهتزازات، فتمكّن الروبوت من تعلّم ما يجب فعله حين يشعر بتلك الأحاسيس.
وعلق ريتش ووكر، المدير العام لشركة شادو للروبوتات في لندن، بقوله بدأنا رحلة تطوير الأيدي الروبوتية الماهرة منذ 20 عامًا، ونرى الآن باحثين كجيوفاني يعِدون بتحقيق ذلك من خلال تطوير خوارزميات ذكية بما يكفي للتحكم بيد الروبوت، فهل نرى قريبًا روبوتات تتفوق بأدائها على البشر؟.
اضافةتعليق
التعليقات