الوقت، هو ذلك الشيء الغير مادي المهم الذي نتعامل معه بشكل يومي والذي اذا ماقطعته قطعك، وماقد يثير الملاحظة بأن في القرن الحادي والعشرين أصبح التعامل مع الوقت وإدارة المواعيد سهل جدا عن طريق الساعات الحديثة والإلكترونية منها، ولكن إذا عدنا قليلا الى تاريخ اختراع الساعة لوجدنا بأن اولى الاكتشافات تعود الى الاختراعات البسيطة المتمثلة بالساعات الشمسية، والساعات المائية (clepsydra) التي يعود تاريخ إختراعها الى قبل 1500 ب.م. في دولة مصر العظيمة، والذي كانت تقوم بقياس الوقت عن طريق تنظيم تدفق سائل معين الى داخل جرة او خارجها بحسب نوع الجريان.
كما ان للساعة المائية اصول اخرى تم رصدها في بلاد الهند وكانت رائجة الإستخدام في المعابد الهندية والذي اطلق عليها اسم كاتيكا يانترا (Ghatika_yantra) والتي تعمل عن طريق تدفق المياه من اناء كبير للماء إلى وعاء نصف كروي مثقوب من المنتصف، مصنوع من النحاس او من ثمرة جوز الهند فينتقل الماء الى داخلها بصورة تدريجية حتى يصل الى نقطة معينة وتغمر الوعاء النصف الكروي وينصدم بالإناء ويحدث صوت يشبة (تاب تاب) لينبه الناس بإعادة الإناء الى المنتصف وتفريغه ليعود عمله ويسجل توقيت جديد ليتم من خلاله قياس الوقت مرة أخرى.
لقد كانت إختراعات الساعة محدودة المستوى بين المائية والشمسية الى أن جاء المخترع المسلم الذي يدعى (جزري) والذي يعتبر من أحد أعظم المهندسين والميكانيكين والمخترعين في التاريخ، من اهالي ديار بكر في جنوب شرق تركيا مؤلف "كتاب في معرفة الحيل الهندسية" والذي جعل لإختراع الساعة مصير اخر يختلف عن الاختراعات التي سبقته.
ولأن الوقت كان من الامور المهمة جدا لدى المسلمين ومن اولوياتهم في ذلك الوقت للتجلي بأبهى العبادات والأعمال النافعة، وتحديد مواقيت الصلاة واداء مناسك الحج، طلب إبن الملك "صلاح الدين" من المبتكر الجزري إختراع ساعة متقدمة ومتطورة تختلف عن نظيراتها السابقة، ليقوم بعدها المخترع الجزري بإبتكار "ساعة الفيل"، والتي تتكون من هودج يستقر فوق الفيل وطائر وثعبان وثلاث رجال آليين يتحركون بشكل تلقائي، وكل حيوان أسطورة مقترنة به: الفيل رمزاً للملكية و العنقاء رمزاً لتجدد الحياة و التنين إلى القوة.
وتعتمد آلية التوقيت في الساعة على دلو مملوء بالماء داخل الفيل، بداخله وعاء يطفو على سطح الماء و به فتحة صغيرة من الوسط. يحتاج الوعاء الى نصف ساعة ليمتلأ عبر هذه الفتحة، أثناء التعبئة يسحب الوعاء معه خيط متصل بالبرج أعلى الفيل على مبدأ “السي سو” و هذا يؤدي الى افلات كرة تسقط في فم الافعى مما يجعل الافعى تنحني للامام ساحبة معها الوعاء المغمور بالماء داخل الفيل عن طريق خيوط في نفس الوقت و عن طريق مجموعة من الخيوط أحد الشخصيات في البيت تحرك يدها اليمنى أو اليسرى ثم يقوم سائق الفيل بقرع الطبل و هذه العملية كاملة تحتاج الى نصف ساعة من الوقت قبل أن تعود الأفعى للخلف.
اضافةتعليق
التعليقات