• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

مِدادٌ من دَمي

زينب علي عمران / السبت 06 تموز 2019 / منوعات / 1824
شارك الموضوع :

حروف مقيدةٌ بأسطرٍ تنتظرُ حريتَها، تشتاقُ لبريقِ عينيهِ حينَ يطالِعُها بعدَ غيابْ، يودِّعُها بينَ الفَينةِ والأخرى على أمَلِ وِصالِها منْ

حروف مقيدةٌ بأسطرٍ تنتظرُ حريتَها، تشتاقُ لبريقِ عينيهِ حينَ يطالِعُها بعدَ غيابْ، يودِّعُها بينَ الفَينةِ والأخرى على أمَلِ وِصالِها منْ جَديدٍ، فهي تعلمُ أنهُ يُعتِّق في قَلْبِهِ عِشْقَين، منذ أنْ ترنَّمَتْ أسماعَهُ بالتكبيرةِ الأولى، ومنذُ انْ خَطَّتْ أنامِلُهُ الصغيرةُ بالطباشيرْ (دارْ ودور)، ودَّعْتهُ وتعويذةُ السلامةِ تهمسُها في قلبهِ، رحلَ وعيناهُ ترمُقُ حُلُماً بعيداً، لعلَّهُ يتحققُ يوماً ما، أمَّا الآنَ فحلُمُ الأمانِ هو الهدفُ المنشودُ، لتحقيقِهِ في أرض آشورْ، بعدَ أنِ استغاثتْ حضارَتُها من قوارضَ عاثتْ فيها خراباً.

جلس هناكَ خلفَ الساترِ، تحتَ إسدالِ ليلٍ ازدادَ بُهمةً، بسطَ سطوتَهُ على الوجودِ بصمتٍ ذبيحٍ، وسكونٍ غريبٍ يَعُمُّ الأرجاءَ، والأنفاسُ حبيسةُ الصدورِ، كأنهُ الهدوءُ الذي يسبقُ العاصفةَ، تمزَّقَ الصمتُ بأزيزِ الرَّصاص، واحترقَ الظلامُ بالنيرانِ؛ فالعدوُّ بشراسةِ ضَبْعٍ جائعٍ.

لم يردَعْهُ هذا المنظرُ اللاهبُ، ولم يخدِشْهُ الخوفُ قيدَ أنْمُلَةٍ، فوقفَ هو ومنْ معهُ بقلبِ أسدٍ وثباتِ طَودٍ، والقتالُ على اشُدِّهِ، انقطعت حيلتُهُ؛ بعدَ انفلاق قذيفة سقطتْ بينهم، هوى على أثرها فوقَ الثرى، وتناثرَ حلُمُ الطفولةِ، كبلورةٍ هوتْ من شاهقٍ، ارتجفتِ الحروفُ في طياتِ كتُبِهِ؛ فالجُرحُ غائرٌ والنزفُ غزيرٌ، لاحَ في مخيلَتِهِ عِتابُها الموجعُ: "أين الوِصالُ يا حبيبُ؟" ولسانُ حالِهِ يُجيب:" إنهُ الوَداعُ الأخيرُ، امتلأتْ مِحبرةُ قَلَمي بدَمي، وانكسرتِ السُّطورُ في دفاتري".

صورٌ توالتْ أمامَ ناظِريهِ بسرعةٍ خاطفةٍ كشريطٍ سينمائي، حاولَ إيقافَها ليحتفظَ ولو بابتسامةِ والدَتِهِ، لكنْ دونَ جَدوى، فعدوُّهُ قريبٌ يَهُمُّ بنْهشِ لَحْمه، لم يستطعْ إمساكَ سلاحِهِ المَرْمي بجانبهِ الأيمن؛ فكفُه بُترت بشظايا الانفجار، اغمضَ عينيه ليسَ توجّساً؛ إنما ليرحلَ إلى سِحْرِ مَلكوتِ عشقِهِ ولسانُهُ يلهَجُ باسمِ محبوبِهِ مولاهُ (عليّ) يستمدُ منهُ الصبرَ، فهو لمنْ والاهُ الكهفُ الحصينُ.

فبينا هو كذلك، وإذا بالعدوِ يُصرع، إِثر إطلاقاتِ المجاهدينَ زملائِه وهمْ يهتِفون: "تماسكْ ايها البطلُ لا تستسلمْ ستكونُ بخير". 

ترددتْ أصواتُهم في حجُراتِ أذْنيهِ، يسمَعُهَا كأطيافٍ برزَخيةٍ، أسرَعُوا بهِ الى المشفى العسكري وزهرةُ عمْرهِ توشِكُ على الذبولِ، أطرقَ سمعَهُ صوتٌ حزينٌ مختنقٌ بلوعةِ الفِراقِ وهو يُلقِّنُه الشهادةَ، فَعلِمَ أنهُ الى سفرِ الخُلودِ راحلٌ، مرتْ هنيئةٌ منْ الزمَن، بطيئةٍ في قامُوسِ جِراحِه، يُحَدّقُ بمنِ التفَّ حولَه يبكونَ فقدَهُ، ودموعُهم تنهمرُ على وجههِ كماءٍ زُلالٍ يَروي ظمأ شفاهِهِ الممزَّقَةِ الذابلة، يشيرُ لهم أنهُ بخير، لكنْ دُونَ جَدوى؛ فالمسافةُ أصبَحَتْ شاسِعةً بينَهم، حَملُوهُ وأجزاءُ جسمِهِ المقطوعةُ تنعاهُ بوَجَعٍ، آزرَتْهُ الريحُ وتخلتْ عَنْ حرَكَتِها فَلَمْ تُسمعْ لها نأمةُ، كأنها لا توَدُّ إسقاطَ آخِرِ ورقةٍ مُعلقةٍ في شجرةِ حياتِه، ينظرُ لاصفرارِ لونِها، يحاولُ الاحتفاظَ بشهيقِهِ الأخير؛ ليحيطها بدفء كفهِ الذي بدأَ يَزْرَقُّ، ارتفعتْ روحُهُ كنَسْمةٍ هادئةٍ، اغرورقتْ عيناهُ بالدموع فرحاً حينَ رأى مَنْ عَشقَتْهُ روحُهُ، واقفاً أمامهُ بنورٍ ساطعٍ، يحاولُ أنْ يُمسِكَه منْ ذراعِهِ المقطوعةِ، يستنهضُهُ بعزمٍ وقوةٍ وثباتٍ، فاستقامَ واقفاً رُغْمَ أوجاعِه، وفي الجانبِ الآخَرِ موكبُ زِفافِ استشهادِه تطوفُهُ فراشاتٌ ملونةٌ كأنها تُشَيّعُ أريجَه، ورفاقُهُ يرمُقونَ جسَدَهُ المغلفَ بشبحِ الموتِ، وحزْنُهم كخنجَرٍ يطعَنُ قلوبَهم، ليهتفَ احدُهم فجأةً وبذهول: "توقَّفوا، لقد تحركَ! ما زالَ حياً!".

اعادوُه بسرعةٍ إلى المشفى، صَعَقَهُ الطبيبُ مراتٍ عدةً؛ في محاولةٍ لإنعاشهِ مرةً أخرى، خَفَقَ قَلبهُ بنبضاتٍ تتحدى المعقولَ! لقد عادتْ لهُ الحياةُ بمعجزة! ارتجفَ رِمْشُهُ بشكلٍ مُتسارعٍ، عادَ منْ غيبوبةِ الموتِ المؤقتْ! عادَ وفي كفهِ الايسرِ يحملُ زهرةَ ياسمينٍ بيضاءَ، ورصاصةً مُهَلّلَةً بالنصر،ِ فتحَ عينَيهِ بنصفِ إغماضَةٍ، وبانَ لمَعانُ انعكاسِ الضوءِ فيهِما كإشراقةِ فَجْرٍ جديدٍ، معَ أولِ نَفَسٍ لاطفَ رِئتيهِ، وابتسامةُ ثغرهِ تقول: "سأعودُ لعناقِ سلاحي، ولقراطيسَ علاها غُبارُ فِراقي، سأعودُ لأدوِّنَ فوقَ صفحاتِها بمدادٍ منْ دمي، أهزوجةَ ولائي السرمديِّ، اردِدُها لآخِرِ رَمَقٍ في أنفاسي:

(الچف والساگ الـطاحن فدوة يروحن لأجل حسين).

العراق
الشهيد
قصة
مفاهيم
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    العلاج الطبيعي للأطفال

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    دراسة جديدة تكشف فوائد مذهلة للبطيخ الأحمر

    حين يُصافح الحقُّ يدَ الظلم: مداهنة لا تُغتفر

    مقومات التزكية عند الإمام الباقر

    الإمام محمد الباقر: منارة العلم التي أطفأها الظلم

    آخر القراءات

    الامام الشيرازي: عندما تتحدث الحقيقة

    النشر : الخميس 05 آيار 2022
    اخر قراءة : منذ ثانية

    ما سبب إدماننا على تقييمات منصات التواصل الاجتماعي الصامتة؟

    النشر : الأحد 08 كانون الأول 2024
    اخر قراءة : منذ 19 ثانية

    سؤال وجواب قرأني حول لفظتي: (امرأة) و(زوج)

    النشر : الخميس 17 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    كيفية تجاوز الضغوط والمضي قدما

    النشر : الأحد 25 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ 24 ثانية

    سبع الدجيل.. مسهّل الشدّات وباب للحوائج

    النشر : الثلاثاء 28 آذار 2017
    اخر قراءة : منذ 40 ثانية

    كيف يمكن لمريض القلب الصيام بشكل آمن؟

    النشر : الخميس 22 نيسان 2021
    اخر قراءة : منذ 50 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3171 مشاهدات

    الإمام محمد الباقر: منارة العلم التي أطفأها الظلم

    • 626 مشاهدات

    حين يُصافح الحقُّ يدَ الظلم: مداهنة لا تُغتفر

    • 574 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 513 مشاهدات

    الشهيد الرضا الشيرازي.. تجلّيات فكر وسنويّة رحيل

    • 407 مشاهدات

    عقل المستقبل

    • 353 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3862 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3171 مشاهدات

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    • 995 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 927 مشاهدات

    الإمام محمد الباقر: منارة العلم التي أطفأها الظلم

    • 626 مشاهدات

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    • 584 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    العلاج الطبيعي للأطفال
    • الخميس 05 حزيران 2025
    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟
    • الخميس 05 حزيران 2025
    دراسة جديدة تكشف فوائد مذهلة للبطيخ الأحمر
    • الخميس 05 حزيران 2025
    حين يُصافح الحقُّ يدَ الظلم: مداهنة لا تُغتفر
    • الأربعاء 04 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة