القلوب لم تتوقف على ضخِ ساقي الجسد، بل تتعدى لتسقي الروح ببذور من الكلمات، بعضها نقي بنقاء طفل عيناه ماتزال مغلّقة عن نور الحياة، وبعضها مُغَلّفة بصفائحٍ مطلية ببياضٍ كاذب وتحمل في طياتها سوادا ماضياً تَعْكسه على حاضر غيرها حتى لاتبقى هي الوحيدة المتجرعة من كأس الغد، تلك البذور منها ماينمو ليكون شجرة تحمل طيب المشاعر، ومنها من يستغل نمو تلك الشجيرات ليَذرها احطاباً لاتستطيع أن تعود كما كانت.
قلوبٌ تتهاوى في بحار الحب الكاذب وأخرى في وديان الخداع ، والفارق بين هذه وتلك كلمة (الزواج) الذي يَطْلُقُها مَن يقودُ الى الوادي حتى تقع فريسته ضحية رغباته،
نبضاتٌ تتسارع عند حديثه، ذلك الحديث المُشَوّق الذي تتوطن اليه الروح ، وتنشد له الافكار، وتتوقف عنده العين حتى لاترى غيره،
هذا هو حال فتاة تعلقت بوهم الحب.
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :( جُبِلَتِ القُلُوبُ على حُبِّ مَنْ أحسَنَ إليها )،
الكلمة الرقيقة والاحسان والتعامل اللطيف هو السيف القاطع الذي يغير مسار النبضات ويوقفها في مَحِلِ الاسر لذلك المُحْسِن، لاتخفى هذه الامور عن اولئك الذين اختاروا أن يتلاعبوا بأنْفَسِ الجوارح، ذلك الذي عفرته لاتزول الا بوقوفه، انه( القلب).
ويكتفي أن أقول هذه الكلمة حتى تغني عن كثير من الكلمات (المشاعر، الاحاسيس، الحب، العشق، الهيام،...) هو يعتبر مركزها والمُصَدِر لها.
نعم اختار قلبها ليوقعه اسيرا بين راحتيه، لا لشيء لانه رأى فيها أمراً يشبه ماضيه، اختار كسرها حتى ينتقم لِنُدبِه من ذلك الماضي الذي عاشه، حاول ان يأتي لها من كل الابواب، لم يترك باباً إلا طرقه، باب المشاعر المكسورة سرد لها ماضيه المنكسر وأخبرها بأنه يحتاج من يُرممه -تلك الكذبة التي تتوارد في كل علاقة وهم - ثم سَطّرَ مواهبه التي لاتخلو من الغلو، وراح يبرز عضلات الكلمات الرقيقة والعبارات المرهفة.
أما تلك الفتاة فترتعد قدماها عند وصول رسالة منه، تهجرها الكلمات، تقف عاجزة امام كلماته المعسولة، تتسابق نبضاتها لتَرد على جُمَلهِ المزغرفة،
بدأ يسألها عن ادق ملامحها وتقاسيمها، وبدأ ينفث كلمات الغزل المبطنة بالسموم
وهي تُجيبُ بعفوية محضة، وهو يستغل اجابتها ليُهيمن على نقطة الضعف لديها، حتى تكون فريسة سهلة.
تلك الفتاة تعيش في قمم لحظات السعادة،
ولاتعلم أن في الجانب الاخر لتلك القمة هناك منحدر ينتهي بوادٍ نائي.
ضَحِكَ على سذاجتها أمام أصدقائه وشَهّرَ بها،
وكيف هو اسقطها في وَكره، احيانا كان يشعر بالاسف حيال مشاعرها تلك، لكن يعود ليحقد على كلّ قلب حافظ على نقائه من الانكسار.
لم تكترث تلك الفتاة لِمنع اهلها من انشاء صفحة( فيس بوك) لصِغَرِ سِنّها، وقامت بإنشائها خلسة لتكون كفتيات عصرها،
حتى أدْمَتْ ذلك القلب بدمائه، بعلاقةٍ اجتاحت كلّ تقاسيم ذلك الكُمّثري الذي أفرط بنبضاته في عالم الوهم.
إتفق ذلك الفتى مع أصدقائه حتى يُريهم تلك الحسناء ربيعية العمر،
وكذلك يُرسلْ لها صورته، أقنعها بكلامه الذي يذوب بسرعة في خفقانها بأن يرسلان الصور معا،ً
ترددت الفتاة في أرسالها لكن ذوبان تلك الكلمات في دواخلها وأمتزاجها مع خفقانِها، فرض عليها جنون الحب أن تنصاع لرغباته،
أرسلت الصورة..
انتظر هو واصدقاؤه تلك اللحظة، وبعد مزيج من الكلمات المرهفة والاقسم الكاذب، بدأت الصورة بالتحميل، وقام هو أيضا بإرسال صورته وماهي إلا ثوان حتى وصلت.
أغلق (شاشة اللابتوب) بسرعة وهو مرتبك، لم يعلم ماذا يقول، سالت دمعاته في قلبه، خرج بسرعة من الغرفة، وشجون الاسف تعتريه،
تبعهُ أحد أصدقائه ليعلم أنها...
أرسلت الصورة وهي بين وجل وفرح تتقافز نبضات قلبها، أخذها الفضول لرؤيته وكذلك خوفها بأن لايُعجَب بها، بدأت صورته بالتحميل ثوان ووصلت تلك الصورة لتعلم إنه...
أجاب صديقه بإنفعال:
أنها ابنه أخي، لقد كسرتُ قلب إبنه اخي، ماذا أخبر أصدقائي ماذا سأقول لهم، كيف سأهنأ براحة البال وقلب صغيرتي مكسور
كيف تجرأت، اااه كيف لم أنتبه.
وصلتْ لها الصورة، اضطربتْ، وقفت عاجزة ازدرئت ريقها من هول الصدمة ، ياربااااااه ، انه عمي، ماذا أفعل، هذا جزائي لاني لم أسمع كلام أهلي كيف الان اذا عرفوا بذلك..
و بقيت على هاوية الخوف تتأرجح بكوابيسها السوداء،
و أما هو ف أصبح كجثة هامدة ألتهمته الصدمة و الذعر ولم يعلم بان كما تدين تدان.
اضافةتعليق
التعليقات