سمحت هيئة الغذاء والدواء الأميركية مؤخرا بمنح جرعة لقاح إضافية من لقاحي فايزر أو موديرنا لذوي المناعة الضعيفة لحمايتهم بشكل أفضل من فيروس كورونا.
وقالت مفوضية إدارة الغذاء والدواء بالوكالة جانيت وودكوك في بيان إن "البلاد دخلت موجة أخرى من جائحة كوفيد-19 وإدارة الغذاء والدواء تدرك أن الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بأمراض خطيرة".
وأوضح البيان أن الجرعة الثالثة مخصصة للذين خضعوا لعمليات زراعة أعضاء صلبة أو الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب السرطان أو أمراض أخرى.
وأضافت وودكوك، أن "الآخرين الذين استكملوا برنامج تطعيمهم يتمتعون بالمناعة اللازمة ولا يحتاجون إلى جرعة إضافية من لقاح كورونا حتى الآن".
من جهته قال أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية بالولايات المتحدة، أنه: "في الوقت الراهن، لن نقدم الجرعات المعززة، إلا لمن يعانون من نقص المناعة. لكن بالطبع، سيكون هناك وقت يتعين علينا فيه الحصول على جرعات معززة للجميع لأنه لا يوجد لقاح، على الأقل ليس ضمن هذه الفئة، يضمن حماية دائمة".
شكوك بفعالية نظام الجرعتين
ومع ذلك، ووفقا لشبكة "سي إن إن"، فإنه من المتوقع أن تضع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استراتيجية معززة لجميع الأميركيين الذين جرى تطعيمهم في سبتمبر، ستشمل بداية الفئات الأكثر ضعفا.
ولكن بعض الباحثين ومسؤولي الصحة يشكون في أن الأجسام المضادة ضد الفيروس التاجي التي يتم إنتاجها من خلال اللقاحات قد تتضاءل بمرور الوقت - ربما بعد عام أو أكثر - وقد لا تحمي أيضًا من متغيرات فيروس كورونا التي يمكن أن تظهر.
وفي يوليو، قالت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان إنها لاحظت انخفاض فعالية لقاح فايزر من أكثر من 90 بالمئة إلى حوالى 64 بالمئة مع انتشار بعض السلالات الجديدة، وهذا يعني هذا أن الشخص الذي تم تطعيمه سيحتاج إلى جرعة معززة من اللقاح للبقاء محميًا من سلالة الفيروس التاجي الأصلية والمتحورات الناشئة حديثًا، بما في ذلك متحور دلتا، بطريقة مشابهة لكيفية التوصية باستخدام لقاح معزز ضد مرض التيتانوس (الكزاز) كل بضعة أعوام، أو لقاحات الإنفلونزا المختلفة كل سنة.
في حين أن الجرعات المعززة النموذجية تستخدم نفس صيغة اللقاح التي حصل عليها شخص سابقًا لتذكير الجهاز المناعي بالمناعة ضد مسببات الأمراض، فإن أي معززات مستقبلية للقاح يمكن أن تستخدم صيغ لقاح معدلة، وفقا لما قال ويليام موس، الأستاذ والمدير التنفيذي للمركز الدولي لإتاحة اللقاحات في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة.
وكانت شركتا فايزر وبوينتك أكدتا في بيان أنه في حين أن الجرعة الثالثة من لقاح فيروس كورونا لديها "القدرة على الحفاظ على أعلى مستويات الفعالية الوقائية ضد جميع المتغيرات التي تم اختبارها حاليًا بما في ذلك دلتا، فإن يجب اليقظة ومتابعة النتائج".
متابعة عن كثب
من جانبه، أوضح الجراح العام، فيفيك مورثي، في حديث لشبكة "سي إن إن" أن الجرعات المعززة ليست مطلوبة حاليًا لجميع السكان في الولايات المتحدة، لافتا إلى أن هيئة الغذاء والدواء الإدارة تتحقق من البيانات يوميًا وأنها ستكون جاهزة لأي تغيير بشأن تلك التوصيات.
وأشار مورثي إلى أن الخبراء يحاولون معرفة فيما إذا كان هناك رابط بين أي انخفاض في فعالية اللقاحات والزيادة الكبيرة في الإصابات بفيروس كورونا التي تسبب الوفاة أو النقل إلى المستشفيات للعلاج"، لافتا إلى أن هيئة الدواء تبحث في بيانات من شركات الأدوية وأنظمة الرعاية الصحية الخاصة في دول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وكندا.
وأضاف: "إننا نتابع تلك البيانات عن كثب وبشكل منتظم للغاية، وإذا اكتشفنا ضرورة التوصية بمنح الجرعة الثالثة لفئات أخرى فسوف نوصي بذلك". حسب الحرة
فجوة اللقاح عربيا، اليمن الأسوأ والسعودية الأعلى
لا تخفي الإحصاءات الدولية اتساع الهوة التي تفصل بين الفقراء والأغنياء عندما يتعلق الأمر باللقاح المضاد لفيروس كورونا.
فمن بين 18.7 مليار جرعة لقاح أنتجتها معامل العالم حتى الآن، ذهبت 270.7 مليون جرعة فقط للدول ذات الدخل المنخفض، بينما أكثر من 80% من هذه اللقاحات ذهبت للدول الغنية والمتوسطة الدخل من الشريحة العليا.
ووسط هذا التباين الجلي، تنقسم الآراء بشأن الجرعة الثالثة أو المعززة، التي بدأت دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسرائيل والأردن وسنغافورة والصين وروسيا، في تقديمها لمواطنيها الذين يحتاجون إليها لأسباب صحية ولتطعيمهم ضد المتحورات الجديدة من فيروس كورونا.
و لا يتوقف الأمر فقط عند القيمة الطبية والصحية لجرعة ثالثة من اللقاح، لكنه يمتد إلى التقييم الأخلاقي حين يتلقي مواطنون في دول غنية ثلاث جرعات في حين لايزال مئات الملايين في الدول الأكثر فقرا لم يتلقوا جرعة واحدة من اللقاح.
وبحسب الأمم المتحدة تم استهلاك حوالي 5.7 مليار جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم حتى الآن، لكن معظمها استخدم في الدول الغنية.
وبناء عليه تشهد حصة كل فرد من المتاح من اللقاحات هوة كبيرة. ففي البلدان الفقيرة حصل كل 100 شخص على 1.5 جرعة من اللقاح، أما في البلدان الغنية فحصل كل 100 شخص على 100 جرعة من اللقاح.
فجوة واسعة
وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن الفجوة في الحصول على اللقاحات بين الأغنياء والفقراء، تسببت في عدم تحقيق تسع بلدان هدف المنظمة بتطعيم 10% من سكانها على الأقل خلال شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.
ويقول أيفان هوتين مسؤول برنامج الأمراض المعدية في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط لبي بي سي "رغم أن مشكلة عدم توافر اللقاحات للدول الأقل دخلا بدأت قبل البدء في منح الجرعة الثالثة في بعض الدول، إلا أن هذه الجرعة المعززة تقلل من حجم المتاح من اللقاحات التي يمكن توجيهها للدول الأكثر احتياجا في أفريقيا والشرق الأوسط".
ويتابع "هوتين" أن هذه الجرعة ستؤدى إلى تفاقم عدم العدالة في توزيع اللقاحات. لكن مشكلة عدم توافر اللقاحات في رأيه لها جوانب أخرى ، منها ضعف آليات شحن وتخزين هذه اللقاحات في الدول الأقل دخلا وهو ما يحاول برنامج "كوفاكس" التغلب عليه.
و"كوفاكس" هو مبادرة تابعة لمنظمة الصحة العالمية تهدف إلى تسريع تطوير وتصنيع لقاحات مضادة لفيروس كورونا، كذلك ضمان إمكانية الحصول المنصف والمتكافئ على اللقاحات في جميع أنحاء العالم.
وقد خلقت الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تفاوتا واسعا في إمكانية الحصول على اللقاح حتى بين الدول العربية وبعضها البعض. فبحسب احصاءات جامعة جونز هوبكنز، تعد اليمن الاسوأ عربيا من ناحية عدد الملقحين بين السكان وهو 1.06 جرعة لكل 100 شخص أما السعودية فهي الأعلى عربيا 112.37 جرعة لكل 100 شخص.
وتحول هذه الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، دون تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية بإعطاء نحو 40% من البشر حول العالم اللقاح بنهاية هذا العام، و70% بحلول منتصف العام المقبل لوقف انتشار الفيروس وحماية الجميع من تفاقم الجائحة.
ضرورة ملحة
تدافع الدول الأكثر دخلا عن قرارها باعتبار هذه الجرعة من اللقاح جرعة تنشيطية ومعززة، وتقدم حماية إضافية لكبار السن والأشخاص المحتاجين إلى الرعاية ومن يعانون من أمراض مزمنة وأمراض نقص المناعة ومرضى السرطان.
لكن بعض الدول كالولايات المتحدة وإسرائيل قررت منح هذه الجرعات التعزيزية لجميع المواطنين، طالما أنه قد مرت خمسة أشهر على الأقل منذ حصولهم على الجرعة الثانية من اللقاح. وهو ما يعني استهاك كميات أضخم بكثير من اللقاح لصالح مواطنين محصنين من قبل بجرعتين منه.
وبحسب تبريرات هذه الدول، يتراجع تأثير اللقاح على نحو ملحوظ بعد مرور 6 أشهر على الأقل على أخذ آخر جرعة ، الأمر الذى يجعل منح هذه الجرعة أمرا لا بد منه.
ووجدت إحدى الدراسات في المملكة المتحدة أن جرعتين من لقاح فايزر/بيونتيك كانتا فعالتين بنسبة 88 في المئة بعد شهر واحد، مقارنة بنسبة 74 في المئة بعد خمسة أو ستة أشهر. وفي الوقت نفسه، انخفضت فعالية لقاح أوكسفورد - استرازينيكا من 77 في المئة إلى 67 في المئة.
في المقابل أكد مسؤول منظمة الصحة العالمية لبي بي سي، أن التجارب التي تم أجراؤها على البشر بعد تعاطي هذه الجرعة من اللقاح لم تثبت أي فعالية أو حماية إضافية لأصحابها في مواجهة الفيروس الأمر الذى يجعل منها مجرد إهدار لما هو متوافر من اللقاحات المحدودة الكمية بالأساس.
وبحسب مقال رأي نشرته دورية "ذا لا نسيت" الطبية البريطانية الشهيرة في 13 سبتمبر/ ايلول الجاري، لم يتم التوصل لأى دليل طبي للحاجة لمنح جرعة ثالثة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا لكل المواطنين بهدف تعزيز مناعتهم ضد الإصابة بالفيروس.
كتب المقال عدد من علماء اللقاحات من مختلف أنحاء العالم واثنان من المدراء المتقاعدين من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية - إف دى أيه.
وبحسب المقال "حتى في حالة ظهور أدلة على أن الجرعة الثالثة من اللقاح يمكن أن تقلل خطر التوعك الصحي الشديد بعد الإصابة بالفيروس، فإن مخزون اللقاحات المتاح حاليا يمكن أن يحمي مزيدا من الأرواح إذا تم توجيهه لمن لم يحصلوا على أي جرعة من اللقاح حتى الآن".
المشكلة أكبر من الجرعة الثالثة
وتقول سارة جيبلرت مطورة لقاح أكسفورد- استرازينيكا لبي بي سي، إن حل مشكلة الندرة في اللقاحات لا يرتبط بوقف منح الجرعة الثالثة من الققاح من عدمه، فالحل يكمن في "إنتاج مزيد من جرعات اللقاحات ، فضلا عن الترخيص لإنتاج مزيد من اللقاحات، وهو ما بدأ بالفعل لإتاحة المزيد من اللقاحات لتوجيهها للدول الأكثر احتياجات تحديدا في أفريقيا وغيرها من الدول الأكثر فقرا، ففي الكثير من الدول حصل أقل من 2 % من السكان على اللقاح حتى الآن".
ويخشي علماء من أن هذه الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة في مسألة التلقيح يمكن أن تؤثر بالسلب على قدرة الكوكب بالكامل على السيطرة على فيروس كورونا لأنه سيبقى غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاح مصدر لإعادة نشر الفيروس من جديد. حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات