نحتفل سنويًا بيوم حقوق الإنسان في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر، إحياءً لذكرى اليوم الذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، علماً أن في الوقت الحالي باتت حقوق الانسان تُطبق وفق ما يتناسب مع المستعمر أو الدولة، وأقرب مثال على ذلك الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وغيرها من الأحداث العالمية التي تنافي حقوق الإنسان ومنها هو سلب كل متطلبات الحياة الكريمة نتيجة سوء التنظيم وسوء الإدارة والسياسة الحاكمة في البلاد خاصة.
ونحن الآن مقبلين على انتخابات مجلس المحافظة سواء في كربلاء أو بقية المحافظات بالتالي فإن اختيار الشريحة التي تمثلنا سياسياً بين أيدينا فعندما نطالب بالتغيير فالتغيير لن يأتي وأنت مقاطع أو ممتنع عن ممارسة واجبك الانتخابي فإذا كنت مقاطع ومقصر في أداء هذا الواجب فلا يجب عليك المطالبة بحقوقك ومتطلباتك للحياة الكريمة إضافة إلى مسألة (المجرب لا يجرب) التي باتت فتوى شريعة من المراجع الكبيرة لكنها فتوى مخفية تحت الطاولة لأنها لا تخدم الفئة الفاسدة، وفي هذا السياق جاءت رسالة الحقوق للإمام السجاد (عليه السلام) واضحة وصريحة في حق الرعية والراعي على حدٍ سواء فهل نحن قيد تطبيقها؟ وهو الحق الرابع عشر من الوصية بعنوان (حق الأئمة).
(فأما حق سائسك بالسلطان فإن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه ابتلي فيك، بما جعله الله له عليك وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة، وألا تماحكه نفسك وهلاكه، وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى ما يكفه عنك، ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعاز ولا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك، فعرضتها لمكروهة وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقاً أن تكون معيناً له على نفسك، وشريكاً له فيما أتى إليك، ولا قوة إلا بالله).
ونستنتج بعض النقاط الواضحة من هذا الحق الوارد في رسالة الحقوق:
أولاً: الإخلاص للسلطة الشرعية، وبذل المزيد من النصيحة لها حتى تتمكن من القيام بأداء واجباتها تجاه الرعية، من العمران، وإشاعة الأمن والرخاء، وتطوير البلاد في جميع مجالاتها، ومن الطبيعي أنه إذا شاع فيها القلق والاضطراب، وعمت فيها الفتن فإنها لا تتمكن من أداء مسؤولياتها وواجباتها.
ثانياً: عدم مخاصمة السلطة لأن المخاصمة تسبب الهلاك والدمار الشاملين.
ثالثاً: التلطف مع السلطة واحترامها بما لا يتنافى مع الدين.
رابعاً: عدم معاندة السلطة، وعدم الخروج على إرادتها لأن ذلك مما يسبب الأضرار البالغة للحكومة وللشعب.
وقد أكد أنك قد وضعت زمام الأمور بيده وقد ابتلي بترتيب أمورك وأمور غيرك كما أن السلطة فتنة كبيرة وكثير منهم ينغرون فيها فالجاه والمال والوجاهة الدنيوية مغرية جداً لكن أتساءل فيما لو اخترنا النزيهين وحاولنا جعل الدائرة الأولى صالحة ومفيدة كم سنحدث تغييراً على المستوى البعيد فالإصلاح الحقيقي يبدأ منك أنت تصلح نفسك وتختار الأفضل ممن يمثلك ثم تكبر الدائرة بالتوالي فمسألة الإخلاص التي تحدث بين الانسان ونفسه هي الدرجة الأولى بالإصلاح.
كما أنه لا يشترك أن يكون نص هذا الحق ينطبق فقط على الدائرة السياسية إنما ينطبق على كل مفاصل الحياة ابتداءً من كونك أب أو أم، مدير مدرسة أو مسؤول فرع في مؤسسة ما، معلم، قدوة حتى لو تكون قدوة لشخص واحد فإنك مسؤول أمام هذا الشخص وأمام الله أولاً في كل تصرفاتك وانفعالاتك وسلوكياتك.
حقيقة إن رسالة الحقوق هي ترتيب فعلي للفرد وللمؤسسات والدول كاملة وتعود نتائجها على الفرد فلو أصلح الفرد نفسهُ أُصلحت الأمة بمجملها.
اضافةتعليق
التعليقات