يستعد المسلمون في كل عام لأداء فريضة الصيام وكونها ركن من اركان الاسلام يلتزم كل مسلم بتأدية هذه الفريضة على اكمل وجه، فيمتنع الفرد المؤمن ليس فقط عن الطعام والشراب بل يتوجب عليه الامتناع عن كل الامور والسلوكيات السيئة التي يمارسها في سائر الشهور والايام وأشهرها الكذب والتنمر والغيبة والنميمة وسوء الظن بالآخرين، وما اليه من قطع صلة الرحم والعلاقات والاواصر فيما بينه وبين المحيطين به، والتهاون في هجر القرآن الكريم و تأدية الصلاة في ميقاتها وارتكاب المعاصي والآثام وغيرها الكثير..
فقد طَّل شهر رمضان من عند الكريم جَل عُلاه ليُذكر المذنبين بسوء اعمالهم ويَمنحهم فرصة للاصلاح والتوبة، فإن للصيام تأثير بالغ في نفس الانسان المؤمن كما قال أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام (من صام صامت جوارحه) وصيام الجوارح يعني كبح الرغبات وتهذيب النفس وترويضها واعادتها الى طريق الصواب، فما ان التزم الفرد بأداء فريضة الصيام بكل ما لديه من عزيمة وارادة، فأنه سيُدرك ما ارتكب من ذنوب ومعاصي وتقصير بحق ربه ونفسه والآخرين، فتجده يبدأ بالتكفير عن ذنوبه وطلب المسامحة واصلاح كل ما عمل على إفساده، لعِلمه بالفضل الكبير لهذا الشهر المُبارك وما له من شأن عظيم عند الله وعباده، قال تعالى {شهًر رمٌضآن آلّذٍيِ آنزُلّ فُيِهً آلّقرآن هًدى لّلّنآس وبيِنآتٍ مٌن آلّهًدى وآلّفُرقآن} سورة البقرة آية (١٨٥).
مما جعل من هذا الشهر الفضيل فرصة مُنتظرة تُسهل للعبد التوبة والحصول على المغفرة وبالتالي الرضا عن النفس وهذا أمر بالغ الاهمية، ما ان يُرضي الانسان ربه حتى يَرضى عن نفسِه وان في ذلك لعيشة رغدا ..
ولكن المؤسف في الأمر قد تجد هناك الكثير ممن ينظر الى اعمال شهر رمضان نظرة عكسية، ويرى نفسه مُقيّداً ومُجبر على الالتزام والاستنكاف عن امور قد اعتاد فعلها ما دام صائماً، وبانتهاء شهر رمضان يتنتهي معه ميثاقه ويعود حُراً تواقا الى ما كان عليه وربما اكثر!! وبقناعة تامة يُودع هذا الشهر العظيم ويتركه معلقاً حتى العام القادم على أمل ان يعود الى تلك المحطة من الايام ومن ثم يغادرها وهكذا..
غير مُدرك لحقيقة الامر وهي بما انه استطاع التخلي والتمنع عن رغباته وملذاته فأنه بذلك قد كَسر القيود وتحرر من سلطان النفس الامارة بالسوء وليس العكس .
ان شهر رمضان فرصة عظيمة قد لا تحصل عليها مرة اخرى فأنت لا تعرف موعد رحيلك، وفي هذا الشهر الفضيل وبالتحديد ستتعرف على نفسك ك (انسان) مخلوق اختاره الله عز و جل، يترفع بمستواه عن سائر المخلوقات بما يحمله من عقل متكامل وشعور واحساس وادراك، مُلم بما يدور من حوله في هذه الحياة الدنيا، وجوده فيها لسبب معلوم وجزاء محتوم ليوم موعود، فإما صلاح وفلاح وثواب، وإما فساد وخسارة وعقاب..
فانظر ماذا تختار؟
اذن لا بد لك من الطاعة، فبما انك تتمتع بالقوة والقدرة على ردع عَينُك وقَلبُك ولِسانَك ويَدك عن فعل السيئات واجتناب المحرمات في هذه الايام القليلة من هذا الشهر الفضيل فلماذا لا تواضب على ذلك؟!
قد انعم الله سبحانه علينا بشهر رمضان المبارك نعمة فاقت كل النعم، ثلاثون يوما تصل فيها الى قمة الشعور بالسعادة والهدوء والسكينة والرحمة والرأفة تجاه كل ما ترى وتسمع، يتطهر قلبك وتطيب نفسك عن الدنيا وبهرجتها، ان فيه رحمة الله التي احاطت بك لتجعل منك انسان مستطاب، اغتنم الفرصة وحرر نفسك الى الابد .
اضافةتعليق
التعليقات