لم يحظ العراقيون، بهواء نقي غير ملوّث، منذ أكثر من عقدين لأسباب كثيرة، بدأت بالحروب والفوضى ولا تنتهي "بحرق النفايات” التي أصبحت ظاهرة تهدّد حياة الناس ووضعهم الصحي، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث يدفع العراق ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.
وبأرقام صادمة، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي، عن مساهمة المواطن بأكثر من 2 كيلو غرام يوميا من النفايات لتصل نسبة النفايات اليومية الى 23 مليون طن يوميا مسببة تلوثا كبيرا في الهواء.
وبلغ إجمالي كمية النفايات المرفوعة سنويًا في العراق في سنة 2023 حوالي 11 مليون طن، فيما يبلغ معدل المخلفات المتولدة من كل فرد في العراق 1.5 كغم يوميا، بحسب احصائيات وزارة التخطيط.
إذ قال الغراوي في بيان إن “العراق والبحرين حلا في المركزين الثاني والرابع على التوالي في قائمة أعلى دول العالم تلوثا لعام 2023 وفقاً لدراسة أعدتها شركة IQ Air السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء". من موقع بيس نيوز
وحل العراق ثانيا بـ80.1 ميكروغرام، وباكستان ثالثة بـ70.9 ميكروغرام، والبحرين بـ66.6 ميكروغرام وبنغلاديش بـ65.8 ميكروغرام. وتظهر الدراسة ارتفاع معدلات التلوث في العراق بنحو الضعف خلال عام واحد، من 49.7 في عام 2021_2022 وفي عام 2020 _2021 كان العراق عاشرا في قائمة أعلى الدول تلوثا بـ39.6 ميكروغرام.
وبحسب تقرير الشركة، بلغ معدل تركيز الجزيئات الملوثة 43.8 ميكروغرام لكل متر مربع بالنسبة للعراق، فيما بلغ معدل تركيز الجزيئات الملوثة في الإمارات 43 ميكروغرام لكل متر مربع، ووفقا للتقرير، تفتخر أيسلندا بأن لديها أنظف هواء في العالم، من بين 100 دولة تم إدراجها بالجدول حيث يبلغ تركيز PM2.5 3.4 ميكروجرام لكل متر مكعب.
وقال الغراوي، حسب البيان، أن أسباب تلوث الهواء في العراق عديدة أهمها كمية النفايات اليومية البالغة أكثر من 23 مليون طن يوميا وإلى انتشار محارق النفايات قرب المدن وعدم وجود الطمر الصحي البيئي وعمليات استخراج النفط وحرق الغاز، بالإضافة إلى انتشار المعامل وسط وقرب المدن مثل معامل الطابوق والاسمنت ومحارق المستشفيات.
وطالب، الحكومة ووزارتها المعنية والمحافظات بتخصيص موازنات طارئة لإنشاء مشاريع لتدوير النفايات وفرزها كما طالب الحكومة باعتبار 30 ايار من كل عام اليوم العراقي لصفر من النفايات الذي أقرته اليونسكو كيوم عالمي في عام 2024 كما طالب باتخاذ كافة الإجراءات لمعالجة نسب التلوث الكبيرة في الهواء باطلاع مشروع الغابات الخضراء وزراعة الصحراء ومعالجة حرق الغاز المصاحب للحقول وتقليل نسبة الاحتباس الحراري في العراق. من موقع NRT
تعاني محافظات العراق من تخصيص مساحات واسعة في معظم مناطقها لرمي النفايات، فيعمد سكان كثيرون إلى حرقها للتخلّص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، الأمر الذي يتسبّب في تصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، وبالتالي في اختناقات بين السكان. وقد دفع ذلك كثيرين منهم إلى تقديم شكاوى أمام وزارة البيئة للمطالبة بتخليصهم من المكبّات الملوِّثة.
وأفاد مدير عام الشؤون الفنية في وزارة البيئة، عيسى الفياض، بأن أكثر من كيلوغرامَين من النفايات هو المعدّل اليومي لكلّ فرد عراقي، ليصل المجموع في عموم العراق إلى نحو 20 مليون طن يومياً، مشيراً إلى أن الوزارة بصدد "مفاتحة أمانة بغداد والبلديات لإطلاق مشروع صفر نفايات، للإفادة بإعادة تدوير تلك النفايات".
وأوضح الفياض، في تصريح أمام الصحافيين في مقرّ الوزارة، اليوم الأربعاء، أن هذا المشروع يحتاج إلى وقت لتنفيذه، بالتالي هو بعيد المدى، لكنه سوف يحقّق نتائج إيجابية. أضاف أن "الوزارة تسعى إلى تطبيقه في المجمعات السكينة لإنهاء عمليات الطمر"، مبيناً أن "العاصمة بغداد تطمر في الوقت الحالي قرابة 10 آلاف طن يومياً من النفايات".
وفي مارس/آذار من عام 2022، أعلنت وزارة البيئة العراقية أنها اقتربت من الانتهاء من إعداد مشروع قانون خاص بإدارة النفايات، في محاولة لمعالجة التلكّؤ الحاصل في مجال الطمر الصحي، مذ احتل الأميركيون العراق في عام 2003، علماً أن ذلك تسبّب في مشكلات بيئية، من دون أن تنجز الوزارة أيّ شيء في هذا الإطار.
من جهته، قال الخبير البيئي ماجد السلامي إنّ "المكبّات ومواقع الطمر تتسبّب في تلوّث بيئي خطر، وقد سُجّلت مئات من حالات الاختناق بين السكان في العام الماضي، بعدما اضطر هؤلاء إلى إحراقها، وأوضح أنّ "الأهالي تقدّموا بمئات الشكاوى إلى وزارة البيئة، فيما يطالبون بإيجاد حلّ لتلك المكبّات، إلا أنّهم لم يصلوا إلى أيّ حلول، الأمر الذي يضطرهم إلى حرق النفايات في تلك المكبّات"، من موقع العربية الجديد
استثمار النفايات.. يدعو مختصون إلى ضرورة استثمار تدوير النفايات كونها تعطي قيمة اقتصادية، من خلال إقامة مشروعات تستثمر النفايات وتعمل على تدويرها صناعياً في إنتاج العديد من المنتجات، ومن أهمها السماد العضوي بالنسبة للنفايات المنزلية، وصفائح الألمنيوم والحديد، بالإضافة إلى الأكياس وعلب الحفظ والمواد المطاطية.
وتكمن الأهمية الاقتصادية لتدوير النفايات بحسب الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عيد "في توفير اليد العاملة وفتح مجال التشغيل، فضلاً عن إتاحة فرص الاكتفاء الذاتي للعديد من المواد، وإمكانية تصديرها حفاظاً على العملة الصعبة التي تخرج من البلاد باتجاه إيران وتركيا والصين لاستيراد بضائع وسلع يمكن صناعتها محلياً من خلال تدوير النفايات".
ويوضح عيد لوكالة شفق نيوز، أن "الإنتاج المحلي من المخلفات وعملية التدوير يتيح الفرص البديلة في توجيه الإنتاج للتصدير أو للسوق المحلي مما يعطي معدل عائد مالي داخلي أعلى وأكفأ اقتصادياً".
مشروع تدوير النفايات
تدرس أمانة بغداد إدارة النفايات ومعالجتها عبر طرق فعّالة لإنتاج الطاقة الكهربائية أو غاز الميثان أو فرزها وبيعها لإعادة تدويرها من جديد، وفق المدير العام لدائرة العلاقات والإعلام في أمانة بغداد محمد الربيعي.
ويوضح الربيعي لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع تدوير النفايات استثماري، وتم تشكيل لجنة من قبل رئيس مجلس الوزراء تتضمن أمين بغداد، ووزارتي البيئة والكهرباء، والهيئة الوطنية للاستثمار، وهيئة المستشارين في مجلس الوزراء".
ويضيف، أن "هذه اللجنة تضمنت لجنة فرعية في أمانة بغداد تشمل مدير دائرة المخلفات الصلبة، ومديرية التخطيط والمتابعة، ومديرية المجاري، وهذه اللجنة عقدت اجتماعات عديدة منذ 6 أشهر والعمل جارٍ على دراسة عروض قرابة 40 شركة تقدمت للمشروع، أغلبها أجنبية والبعض منها شركاء مع رؤوس أموال عراقية".
ويبين، أن "المشروع لكونه استثماري، رأى أمين بغداد أن يُعرض على هيئة الاستثمار الوطنية ويأتي العرض الأفضل منها لتتعاقد معها أمانة بغداد"، مؤكداً أن "العروض حالياً تحت الدراسة وبانتظار إقرار الأفضل بينهم لاختياره"، مُعرباً عن أمله بنجاح الفكرة لحل أزمة إدارة النفايات في بغداد النفايات في العراق.. ثروة هائلة مهملة تنتظر الاستثمار. من موقع شفق نيوز
اضافةتعليق
التعليقات